سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصر حائط الصد الأول فى مواجهة مخططات التهجير.. القاهرة حققت توافقات حول دعم الشرعية.. رعايتها مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة ضمانة لتقويض محاولات تصفية القضية.. واستجابة دولية لتفعيل مبدأ المحاسبة تجاه الاحتلال
تهجير الفلسطينيين من أراضيهم كان الهدف الرئيسي لحكومة بنيامين نتنياهو منذ اليوم الأول من العدوان على غزة، وهو ما بدا في القصف الجنوني على المدنيين ومنشآتهم في القطاع، مع سياسات التجويع التي مارسها الاحتلال الإسرائيلي، عبر منع دخول المساعدات، مع السماح بنهب ما يتم تمريره، لإجبار السكان على الرحيل، وهو الأمر الذي قرأته الدولة المصرية مبكرا، في إطار إدراكها لرغبة تل أبيب العارمة في تصفية القضية الفلسطينية وتقويض حل الدولتين، الذي يمثل الأساس الذي تبنى عليه الشرعية الدولية. ولعل القراءة المبكرة للموقف المصري، تجلت بوضوح في التحرك السريع، الذي تجاوز في الكثير منه الأعراف الدولية، عبر تنظيم قمة للسلام على أراضيها، قبل مرور أسبوعين على بداية العدوان، على عكس المتبع في الحالات الدولية المشابهة، والتي دائما ما تأتي متأخرة، في ضوء المستجدات على ساحة المعركة، حيث نجحت في خلق توافقات دولية واسعة النطاق فيما يتعلق بثوابت القضية الفلسطينية، وعلى رأسهآ الرفض المطلق للتهجير و محاولات تصفية القضية والتمسك بالشرعية الدولية وحق الفلسطينيين في بناء دولتهم المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، التوافق الدولي تبعته حالة من الحشد الاقليمي، وهو ما بدا في الموقف الموحد للقوى العربية الإسلامية ليس فقط على الثوابت المذكورة وإنما فيما يتعلق بتفعيل مبدأً المحاسبة، والذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته خلال قمة جدة الأولى في نوفمبر 2023، حيث دعا إلى إجراء تحقيق دولي في الانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلال في القطاع، والذي لاقى استجابة كبيرة تجاوزت في واقع الأمر البعدين العربي والإسلامي، عبر مسارات متوازية، الاول يدور في ملاحقة دولة الاحتلال في الدعوى التي رفعتها محكمة العدل الدولية والتي انضمت لها دول من كافة مناطق العالم، بينما كان المسار الثاني مرتبطا بملاحقة رئيس الوزراء الاسرائيلي ووزير دفاعه السابق بشخصيهما عبر استصدار أوامر اعتقال من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وهي الخطوة التي لاقت استجابة دولية كبيرة من قبل ليس فقط الدول المؤيدة للحق الفلسطيني وإنما أيضا من المعسكر الموالي للاحتلال خاصة في الغرب الأوروبي. في حين كان المسار الثالث سياسيا، ولكن يحمل في طياته عقابا لإسرائيل، عبر اعتراف دول بارزة في المعسكر الغربي الموالي لإسرائيل بالدولة الفلسطينية، وهو ما يمثل صفعة قوية للاحتلال الساعي إلى تصفية القضية، وإحياء ما تحظى به من شرعية، بالاضافة إلى عقوبات أمريكية فرضتها واشنطن على منظمات راعية للاستيطان وهي خطوات في مجملها تعكس ارتباكا ملموسا في العلاقة بين الدولة العبرية وحلفائها. وبالنظر إلى القرار المتعلق بإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، ساهم بصورة كبيرة في تهدئة أحد الجبهات المشتعلة في المنطقة وهي الجبهة اللبنانية عبر اتفاق وقف إطلاق النار، والذي يمثل خطوة مهمة في تهدئة المنطقة، رغم محاولات الاحتلال فتح جبهات بديلة من شأنها لفت الأنظار عما تشهده غزة من انتهاكات. وعلى الرغم من أن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان لم يرتبط بقرار مماثل في غزة، إلا أنه يبدو مهما في مكاشفة المجتمع الدولي بحقيقة مفادها غياب الارادة الدولية في ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل فيما يتعلق بالأوضاع الإنسانية في القطاع ومواجهة الانتهاكات التي يندى لها الأجبان عبر استهداف الأطفال والنساء والشيوخ إلا أن محورية الدور المصري فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني وفي القلب منه غزة، يتجلى بوضوح في رعايتها لمفاوضات وقف إطلاق النار في القطاع بالشراكة مع قطر، وهو الدور الذي لاقى إشادة دولية كبيرة خاصة من الولاياتالمتحدة، في إطار حالة من الثقة الدولية الكبيرة التي تحظى به الدولة المصرية كقوى إقليمية رائدة، في ضوء تمسكها بثوابت القضية وعلى رأسها تحقيق الشرعية الدولية على النحو سالف الذكر، بينما في الوقت نفسه حرصها التام على امن واستقرار الاقليم بأسره، خاصة مع تنوع الصراعات الدولية وتداعياتها التي باتت تتجاوز الجغرافيا الاقليمية، لتطال مناطق بعيدة عنها جغرافيا. وفي الواقع، تحمل الرعاية المصرية لمفاوضات وقف إطلاق النار، في جزء كبير منها ضمانة قوية لمنع تهجير الفلسطينيين من أراضيهم في ضوء ما قد يؤول إليه مثل هذا المخطط المشبوه من تصفية للقضية، وهو ما يعكس أهمية الدور المصري في هذا الاطار