أحكم الأمن قبضته على معرض القاهرة الدولى للكتاب هذا العام، وتحول المعرض الذى كان فيما مضى عرساً ثقافياً كبيراً إلى ثكنة عسكرية، حيث أضيف هذا العام لقائمة شكاوى زوار المعرض غياب "المقهى" الذى كان يجمع المبدعين والمثقفين، وكانوا يلجأون إليه هرباً من عبثية بعض الندوات والمناقشات و"الدوخة" بين سرايات عرض الكتب. ومما زاد من غضب المثقفين التدخل الأمنى المستفز والتفتيش الزائد عن الحد، حتى إن أحد النقاد تعرض للتفتيش الذاتى، وبعثرة أوراقه أمام إحدى بوابات المعرض، واستعان الأمن بالكثير من "البودى جاردات" ليقفوا على بوابات المعرض، كما لو كانوا يقصدون إرهاب الداخلين وتخويفهم، بالإضافة إلى منع دخول المعرض فى بعض الأيام إلا بعد الساعة الثانية ظهراً، وهو ما ضايق الناشرين والعارضين، لأن هذا الإجراء قلل من أعداد الزوار. مع كل هذه السلبيات بدت الهيئة العامة للكتاب المنظمة للمعرض، والتى يرأسها ناصر الأنصارى، كما لو كانت فى وادٍ آخر، ووزعت على العديد من المثقفين استبيانات لمعرفة آرائهم فى المعرض هذا العام، وهذا ما جعل المثقفين يستشيطون غضباً، وصاحت الروائية سلوى بكر فى أحد موزعى الاستبيانات "المعرض زفت زفت زفت"، فلم يحتمل المثقفون أن يأتى المعرض الذى ينتظرونه كل عام ليزيد إحباطهم الذى تنامى مؤخراً، بسبب تجاهل وزارة الثقافة ووزارة المالية لعلاج المثقفين، مما تسبب فى وفاة كل من الشاعر محمد الحسينى والروائى يوسف أبو رية. جدير بالذكر أن معارض الكتاب العالمية، والتى يعتبر معرض فرانكفورت للكتاب أشهرها وأكبرها، تضع فى أهم أولوياتها تلاقى المثقفين، ومن أجل ذلك يخصصون الخيام الكبيرة التى يتلاقى فيها الناشرون والمترجمون والمؤلفون، وهذا ما كان يحدث تلقائياً فى مقهى معرض القاهرة الدولى للكتاب الذى كان يضم مثقفى العالم العربى، وكان الكثيرون يعتبرون هذا المقهى أهم فعاليات المعرض.