جاء قرار مجلس إدارة الأهلى بعدم الطعن على الحكم الصادر أمام المحكمة الإدارية العليا، بإقرار التعديلات التى جرت على اللائحة، ومنها تطبيق بند ال 8 سنوات على مجالس إدارات الأندية، ليُسدل الستار على عصر احتكار السلطة داخل القلعة الحمراء لعقودٍ متتاليةٍ الذى يمتد عمرها إلى أكثر من مائة عام. وينص الحكم على استبعاد أى مرشح أمضى دورتين انتخابيتين لمدة 8 سنوات فى عضوية أو رئاسة مجلس إدارة بخوض الانتخابات فى الدورة التالية، وأن يبقى خارج المجلس انتظارًا لدورة كاملة، حتى يستطيع خوض الانتخابات مجدداً، مما يجعل مجلس إدارة الأهلى الحالى برئاسة حسن حمدى، على سبيل المثال لا يحق له الترشح للدورة القادمة، لأنه عمره بلغ الدورتين. نظام رئاسة الأهلى و"الولاء" فى عصور الخلافة فى البداية مع الوضع فى الاعتبار، أن رئيس الأهلى يأتى عبر صناديق الاقتراع، وانتخابات حرة يُختار فيه مجلس الإدارة عن طريق الجمعية العمومية النادى، إلا أن أوجه تشابه بين النظام داخل القلعة الحمراء، والنظام فى عصور الخلافة قديمًا عديدة. من هذه الأوجه هى قلة عدد الحكام الذين مروا على رئاسة النادى، الذين لم يتجاوز عددهم سوى تسعة فقط، وهو ما لا يتناسب مع طول فترة إنشاء النادى الذى تعدت سنواته القرن من الزمان. الغريب فى أمر الأهلى، هو أنه رغم ظهور نظامه فى طور النظم الديكتاتورية إلى حدٍ كبيرٍ، ورغم هذا لم تتواجد موجات اعتراض على هذا النظام إلا قليلأ، يُمكن تفسير هذا الأمر فى حالة الولاء الشديد التى يدين بها أبناء الأهلى إلى ناديهم، وكذا الاحترام للكيان مهما حدث لهم من كبار القلعة الحمراء. والمثال القريب على حالة الولاء الشديدة التى يدين بها أبناء الأهلى، هو العامرى فاروق، عضو مجلس الإدارة الحالى، الذى خالف قرار مجلس الإدارة برئاسة حمدى، بعد استبعاده من قائمة المجلس فى الدورة الماضية، وخاض الانتخابات مستقلا، واستطاع اقتناص مقعد فى المجلس الحالى، وهو ما جعله مغضوبًا عليه لدرجة أنه لم تُسند له أى رئاسة بعثة فى لعبة منذ بدء المجلس مزاولة عمله وحتى الآن، لكنه لم يخرج فى وسائل الإعلام يُندد بعمليات الاضطهاد المُمارسة تجاهه، بل أنه يلتزم بكل القرارات المتخذة فى صمتٍ، واحترام للقرارات. لم تكن حالة الولاء الشديد المتوطنة داخل الأهلى، هى المبررات الوحيدة لحالة طول مدد فترة مجالس الإدارات داخل الاهلى، مع العلم أن القاعدة الشهيرة تقول "طول فترة الحكم يُزيد الفساد داخل أى مؤسسة"، إلا أنه كانت هناك أسباب أخرى لتُقنع العقل، وتستميل القلب. كوادر حمدى.. الدليل إلى العقل خرج حسن حمدى، بعد قرار مجلس الإدارة بعدم الطعن على الحكم القضائى، على وسائل الإعلام حول بند ال8 سنوات الذى حرمه ومجلسه من الاستمرار يبرر موقفه، قائلأ، "رفضنا الطعن على قرار القضاء الإدارى بشأن بند الثمان سنوات، بسبب حالة الإرهاق الشديدة التى يُعانى منها، بسبب الهجوم الدائم على المجلس الإدارة". وأضاف حمدى، أن المجلس الحالى لن يتوانى فى تقديم كافة أنواع الدعم للمجلس المقبل لاسيما الخبرات، مبررًا أن المجلس القادم للنادى ستواجهه أزمة حقيقية تتمثل فى غياب الكوادر المؤهلة!. يبدو ظاهر حديث قائد الأهلى صحيح، لكن السؤال المطروح على الساحة حاليًا، وحتى موعد الانتخابات المقبلة بعد 16 شهر تقريبًا، من هو المسئول عن غياب الكوادر الإدارية عن الأهلى طوال السنوات الماضية، ومن قّصر الإدارة داخل القلعة الحمراء فى أشخاص بعينهم؟!. حلم المايسترو.. دواء القلب ومن المبررات التى غزت القلب هذه المرة، منها على سبيل المثال بقاء مايسترو الأهلى صالح سليم على رأس القلعة الحمراء لمدة خمس دورات متتالية أى ظل فى موقع القيادة طوال 20 عاما. كانت شخصية المايسترو تعنى الكثير بالنسبة للأهلاوية، وهى القيم والمبادىء، ومن أبرز المواقف التى تدلل على ذلك هو قرار إيقاف التوأم حسام وإبراهيم فى عز مجدهم لخروجهم عن النص الأهلاوى، وامتثل الجميع لقرار سليم بما فيهم الجمهور الأحمر نفسه رغم الشعبية الجارفة للاعبى الأهلى وقتها. القادة التسعة للأحمر من ثلاثة أزمنة مختلفة ومن الملاحظ أن الحكام التسعة للأهلى خلال مائة عام مضت من الزمان، يُمكن تقسيمهم إلى ثلاثة أزمنة مختلفة. فى البداية الإنجليزى ميشيل آنس، أول رئيس للنادى، وهو من رائحة الاحتلال الإنجليزى لمصر فى وقتها، والذى تم اختياره من أجل تسهيل عملية الحصول على الأرض المناسبة لبناء النادى من قبل الحكومة. بعدها يبدأ عصر المصريين أولأ من الباشاوات بدءً من عزيز عزت، عبد الخالق، وجعفر والى، محمد طاهر، أحمد حسنين، وحتى أحمد عبود. ثم ينتهى زمان الباشاوات، ويبدأ زماننا الحالى بقيادة صلاح الدين الدسوقى الشيشتاوى، ودكتور إبراهيم كامل الوكيل، وعبد المحسن كامل مرتجى، ومحمد عبده صالح الوحش، ومحمد صالح سليم، وأخيرًا حسن حمدى. تلك الأسماء ستُحفر على جدران القلعة الحمراء، ليس لأنهم تولى رئاسة النادى فقط، بل لأنهم انتموا إلى عصر زال إلى الأبد، ألا وهو عصر الخلافة.