بعد الحرب العالمية الثانية التى أفزعت العالم كله باستخدام السلاح الذرى لأول مرة، أدرك العالم الحر خطورة هذا النوع من الأسلحة، وسعت الدول الحرة لامتلاكها، لإرهاب الأعداء، وتحقيق ما يعرف بالردع، ولذلك قال شارل ديجول قولته الخالدة "إن الدول التى لا تمتلك سلاحاً ذرياً لا يمكن اعتبارها مستقلة تماما". لذلك فامتلاك السلاح النووى هو ضرورة لضمان أمن البلاد واستقلالها وسيادتها على أراضيها، وفى الغالب تبدأ الدول برنامجا سلميا لإنتاج الطاقة النووية، والتى هى ضرورة بالنسبة للدول التى ليس لديها مصادر طبيعية للطاقة، أو حتى الدول التى يوشك مخزونها النفطى على النفاد كمصر، وبعد أن تمتلك تلك الدول ناصية التكنولوجيا النووية فإنها تبدأ على الفور- سرا أو جهرا- برنامجا لإنتاج الأسلحة النووية، وهذا ما فعلته الهند وباكستان وكوريا الشمالية، وهى من دول العالم الثالث. ونحن فى مصر تنبهنا مبكرا إلى أهمية المشروع النووى فبدأناه فى الستينيات، لكنه توقف حتى أعاد إحياءه الرئيس الراحل أنور السادات، ثم جاء المخلوع ليوقفه مرة أخرى كعادته فى تعطيل كل شىء جيد ينفع البلاد والعباد، ولكن الأمر المثير للدهشة والأسف معا أن يقوم أبناء الشعب بالاعتداء على المحطة النووية التجريبية بالضبعة، التى تعتبر نواة للحلم النووى المصرى الذى يجب أن يحرص على تحقيقه كل مصرى شريف. وأتساءل لماذا يهاجم مواطنون يفترض أنهم من أبناء هذا الوطن- لماذا يهاجمون ويخربون مشروعا قوميا كهذا؟ هل هم مأجورون؟ أم مغيبون ومضللون؟ أم أنها بروفة لتدمير مصر كلها فى الذكرى الأولى للثورة بعد أيام؟ وكيف يترك مشروع حيوى واستراتيجى كهذا دون حماية كافية، فلولا مروءة وشهامة بدو مطروح الذين تصدوا لهؤلاء المجرمين المخربين لصارت المحطة أثرا بعد عين. أقول وأحذر، إن تخريب هذا المشروع الحيوى لم يكن إلا بالون اختبار لأجهزة الأمن والجيش، ومدى قدرتها على حماية مرافق الدولة وأجهزتها الحيوية، ولقد فشلا معا فى هذا الاختبار، لذلك أرجو أن يستوعبوا الدرس جيدا، وأن يتنبهوا لأعداء الوطن الذين يدبرون ويكيدون بليل ما لا نتمناه ولا نرضاه لوطننا العزيز، وأؤكد أن حماية المرافق والمشروعات القومية والحيوية هى مسئولية كل مصرى شريف، لذلك أقترح أن تبدأ اللجان الشعبية، بالتنسيق مع الشرطة والجيش، على الفور التدريب على حماية المنشآت الحيوية والمرافق والمشروعات القومية، عملا بأمر المولى عز وجل إذ يقول "يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم" صدق الله العظيم.. ألا هل بلغت اللهم فاشهد، واحفظ مصرنا من كل سوء ومكروه، ورد كيد الكائدين لها فى نحورهم، واجعل تدميرهم فى تدبيرهم.