مجانا.. قوافل بيطرية لعلاج مواشي صغار المربين مجانا بسوهاج    وزير الرياضة يفتتح ملتقى الشباب الدولي للإبداع والابتكار في الذكاء الاصطناعي    أسعار الحج السياحي والجمعيات الأهلية 2024    جامعة جنوب كاليفورنيا تحظر الدخول لغير طلاب السكن الجامعى بسبب المظاهرات    محلل سياسى ل التاسعة: هناك ضغوط كبيرة للتوصل إلى وقف إطلاق النار فى غزة    سول وبكين تناقشان تفاصيل زيارة وزير الخارجية الكوري الجنوبي إلى الصين    إتحاد العاصمة ينسحب من مباراته أمام نهضة بركان في نصف نهائي كأس الكونفيدرالية    حدد الأسماء.. سبورت: بايرن يشترط إجراء صفقة تبادلية مع برشلونة لرحيل كيميتش    ضبط راكبة بمطار القاهرة بحوزتها 3 كيلوجرامات لمخدر الكوكايين    بالصور.. نادية مصطفى وعلي الحجار يغنيان "شحات الغرام" في الأوبرا    فيديو.. عمرو أديب يستعرض رواتب المبرمجين في مصر مقارنة بمختلف دول العالم    سامي مغاوري يتحدث عن حبه للتمثيل منذ الصغر.. تفاصيل    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    محافظ الإسماعيلية يُوَجِّه بتقديم الخدمات الطبية لمواطني قرية الضبعية (صور)    بالأسماء.. إصابة 12 في حادث انقلاب سيارة ميكروباص في البحيرة    انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    محافظ بني سويف يلتقى وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    منة فضالي: اكتشفنا إصابة والدتي بالكانسر «صدفة»    تريزيجيه يصنع في فوز طرابزون برباعية أمام غازي عنتاب    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    وظائف خالية ب الهيئة العامة للسلع التموينية (المستندات والشروط)    صحة الإسماعيلية تنظم قافلة طبية مجانية ضمن مبادرة حياة كريمة    محافظ الدقهلية: دعمي الكامل والمستمر لنادي المنصورة وفريقه حتي يعود إلي المنافسة في الدوري    فرقة بني سويف تقدم ماكبث على مسرح قصر ثقافة ببا    الرئيس عباس يطالب أمريكا بمنع إسرائيل من "اجتياح رفح" لتجنب كارثة إنسانية    تحذيرات عاجلة لهذه الفئات من طقس الساعات المقبلة.. تجنبوا الخروج من المنزل    امتحانات الفصل الدراسي الثاني.. نصائح لطلاب الجامعات ل تنظيم وقت المذاكرة    بعد عامين من انطلاقه.. «محسب»: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم والتوافق بين أطياف المجتمع المصري    دعاء راحة البال والطمأنينة قصير.. الحياة مع الذكر والقرآن نعمة كبيرة    بعد أزمة صلاح وكلوب.. حسام حسن يحسم مصير صلاح للمعسكر المقبل    أون لاين.. خطوات إصدار بدل تالف أو فاقد لبطاقة تموين 2024    منها تناول السمك وشرب الشاي.. خطوات هامة للحفاظ على صحة القلب    «حرس الحدود»: ضبط كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر قبل تهريبها    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي بمحافظة الأقصر    التشكيل الرسمي للمقاولون العرب وسموحة في مباراة الليلة    بروتوكول بين إدارة البحوث بالقوات المسلحة و«التعليم العالي»    إعلام عبري: 30 جنديًا بقوات الاحتياط يتمردون على أوامر الاستعداد لعملية رفح    فيلم «شقو» ل عمرو يوسف يتجاوز ال57 مليون جنيه في 19 يوما    تأجيل إعادة إجراءات محاكمه 3 متهمين بفض اعتصام النهضة    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    الرئيس العراقي خلال استقباله وزير الري: تحديات المياه تتشابه في مصر والعراق    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    وزير الصحة يشهد الاحتفال بمرور عامين على إطلاق مبادرة الكشف المبكر وعلاج سرطان الكبد    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    زعيم المعارضة الإسرائيلية: حكومة نتنياهو في حالة اضطراب كامل وليس لديها رؤية    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    بصلي بالفاتحة وقل هو الله أحد فهل تقبل صلاتي؟..الإفتاء ترد    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    قضايا عملة ب 16 مليون جنيه في يوم.. ماذا ينتظر تُجار السوق السوداء؟    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    البوصلة    إعلان اسم الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية 2024 اليوم    حسام غالي: «شرف لي أن أكون رئيسًا الأهلي يوما ما وأتمناها»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليست مجرد شكليات..
نشر في اليوم السابع يوم 12 - 06 - 2023

ما أكثر الحكم والأمثال التي تدعونا إلى تجاوز الشكل في مقابل الجوهر، والاهتمام بالأصل لا المظهر، والوقوف دائما على الخصائص والتفاصيل بديلاً عن التفاهات والسطحية، لكن هذه الأقوال وتلك العبارات في واقع التطبيق لن تجد لها تأثيرات ملموسة، فالشكلية تربح دائماً بمجتمع تجذرت فيه فكرة التركيز على المظاهر دون أي شيء آخر، وهذا منذ أساطير الفراعنة القديمة، التي كانت تحاسب الموتى بوضع قلوبهم على الميزان في مقابل ريشة "ماعت"، فإن رجحت كفة الريشة فالميت صالح، وإن رجحت كفة القلب فالعكس تماماً، في عملية شكلية لا يمكن قياس نتائجها بمعايير العقل والمنطق.
امتدت الشكلية في حياتنا منذ أزمان طويلة، وقرون عديدة، واتصلت بكل مظاهر الحياة والموت أيضاً، حتى امتدت للعبادات، فصار البعض يمارسون الصلاة كالتمارين الرياضية، حركات دون استحضار "حالة الصلاة"، وقراءة دون خشوع أو عبرة، ودعاء عريض تغلبه مظاهر النفعية الصارخة التي لا تخرج عن المال والولد والزينة والمتعة ومسائل تخص أصحابها فقط، فالراجح أنه لا أحد يدعو لغيره، بل صرنا نكتب أسماء من نذكرهم بالدعاء أمام الكعبة المشرفة، ثم نرسلها لهم طمعاً في اللايك والشير!
الشكليات تسيطر على حيواتنا جميعاً، بل صارت جزءً من كل أسرة في مصر، ولك أن تتخيل معي حجم حالات الطلاق اليومية، وفق آخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بلغت 630 حالة يومياً، أغلبها نتيجة مشكلات عارضة، وقصص هامشية، وموضوعات بسيطة، لا يتصور أحد أن تكون سبباً مباشراً في الطلاق وتفكيك الأسرة.
أعتقد أن التعليم والبحث العلمي أخطر القطاعات التي أصابتها الشكلية والسطحية، ولك أن تتصور معي حجم الأبحاث الدولية المنشورة وفق بيانات وزارة التعليم العالي، التي سجلت نحو 39 ألف بحث منشور دولياً خلال عام 2021، في حين لو تعرضت لجودة هذه الأبحاث وانعكاساتها على الناس والمجتمع ستجد كلاماً آخر، وحقائق وأرقام تقودك إلى ما وصلنا إليه من إغراق في الشكلية البائسة، التي تجعلك تفكر ألف مرة قبل الذهب إلى الطبيب أو التصالح مع فكرة إجراء جراحة ولو بسيطة خوفاً من حجم الأخطاء والإهمال، التي يتم تزيينها بمصلح "المضاعفات"، في حين أنها قصور وعقبات.
لو تطرقنا إلى مجال الدراسات والأبحاث العلمية في الكليات النظرية "الإعلام نموذجا" ما وجدنا الآن سوى الشكليات والمظاهر والمصطلحات البراقة، والكلمات لتي يتشدق البعض بها، دون تحرير مصطلحاتها، أو فهم معناها الحقيقي و استخداماتها في الواقع العملي، فقد تحركت الدراسات من قياس التأثير والانتشار وميول الجمهور وسلوكه، وشخصية المتلقي، وأنماط التعرض، إلى مصطلحات "الصيت ولا الغنى"، مثل الذكاء الاصطناعي والميتافيرس، وجميعها تجارب شكلية بحتة، لن تقدم طفرات على مستوى المحتوى أو تطوير في أداء القائم بالاتصال، والأصل أنها تقع على تخوم علوم أخرى قد يكون الإعلام أبعدها، وشخصياً لا أراها أكثر من فقاعة كبيرة، ودليل دامغ على شكلية العديد من الدراسات الإعلامية في وقتنا الراهن.
لم تسلم الحقائق التاريخية المهمة، والانتصارات المذهلة التي حققها المصريون من الشكلية الصارخة، فمازال الآلاف، ربما الملايين، لا يعرفون عن خط بارليف في انتصارات أكتوبر المجيدة سوى أنه ساتر رملي، أزالته مضخات المياه، لدرجة أن محرك البحث العملاق جوجل بات يظن أن هذا الحصن العملاق تم تدميره بخراطيم المياه، من كثرة الموضوعات والتقارير الشكلية التي تناولته، في حين أن بارليف كان أخطر وأقوى الحصون العسكرية في التاريخ الحديث، وقد كان يمتد على طول يتجاوز 170 كيلو متر، وعمق يصل إلى 20 كيلو متر، بشبكة دفاع متطورة تضم 35 نقطة حصينة، وقوات مكونة من لواء مشاة و3 ألوية مدرعة.
في سورة البقرة يقول الحق تبارك وتقدس "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر"، وأظن أن هذه الآية تقدم لنا دعوة صريحة للتمسك بالأصل والجوهر لا الشكل والمظهر، بل إن في السورة المباركة ذاتها يقول الحق تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم والآخر" وهذه أيضا دعوة للتمسك بالجوهر والترفع عن شهوة الشكل، التي باتت تتحكم في سلوكياتنا ومصائرنا، فهل يأتي على هذه الأمة اليوم الذي تنحاز فيه للأصل دون الفروع؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.