يحرص السياح دائما فى مصر على زيارة منطقة الحسين الأثرية، فقط لشراء النماذج الأثرية المختلفة ليقدموها هدايا إلى أبناء بلادهم عندما يعودون، ويؤكدون لهم أنهم كانوا فى مصر والدليل هو قطعة آثار غير أصلية بالطبع سواء كانت تمثالا أو ورقة بردى أو نموذج لمسلة مكتوب عليها بالأسفل صنع فى مصر، هذه الجملة التى تجذب السائح لشراء القطعة، وإن لم تجد موجودة يترك القطعة وهو على يقين بأنها لا تستحق الشراء، هذا ما يؤكده الركود الذى تعيشه بازارات منطقة الحسين الذين فضل أصحابها شراء النماذج الأثرية المقلدة من الصين التى أصبحت تنتج كل شىء وأى شىء، فكان نتيجة ذلك خسارة فادحة من جوانب عدة أولها إغلاق الورش المصرية التى تصنع هذه النماذج وثانيها عزوف السائحين عن شراء المنتجات الصينية وبحثهم الدائم عن المصرية. "اليوم السابع" تجول فى منطقة الحسين والتقى بالعاملين فى الورش والبازارات لمعرفة تفاصيل أكثر حول هذه الحالة، فقال لنا كريم محمد أحمد "24 عاما"، عامل بأحد البازارات، أنه يعمل فى هذا المجال منذ كان عمره 9 سنوات، وشاهد انتعاش عملية بيع هذه المنتجات عندما كانت الورش المصرية تصنع المنتجات، خاصة أن السائح يأتى ويطلب الشغل المصرى، لكن عندما يأتى ويجد المنتج الصينى يتركه وينصرف، وبالتالى أصبحت حركة البيع ضعيفة جدا، وقال عامل آخر يدعى محمد محمود" إن سعر القطعة الصينى أرخص من المصرى فالأولى سعرها حوالى 45 جنيها أما الثانية فتصل إلى 50 جنيها وهذا أهم مميزات الصينى، بالإضافة إلى أن اللمسات النهائية له أفضل من المصرى، لكن جودة المنتج المصرى أعلى بمراحل، وخامته أفضل وهو ما يجعل السائح يبحث عنه ولا يقبل غيره، مؤكدا أن معظم العاملين بصناعة النماذج الأثرية أغلقوا الورش وبحثوا عن عمل آخر بعد غزو الصين لهذه الصناعة. وأكد الحاج سيد صاحب إحدى البازارات هذا الكلام بقوله، إن الشغل الصينى ما هو إلا مجرد هيكل ومنظر خارجى أما المنتج المصرى فقيمته عالية ويشبه القطع الحقيقية بسبب الدقة والإتقان فى الصنع لكن هناك العديد من الإمكانيات تنقص الورش المصرية، فالصين تستخدم المكن المتقدم، لكنها تستخدم خامات رديئة، ونحن هنا ما زلنا نعمل بفكرة "الاستمبات"، مؤكدا أن هذه الصناعة فى مصر تحتاج لرعاية حتى تنتعش، خاصة بعد أن هرب العمالة المصرية منها، ومن يعمل يبحث أيضا عن الخامات الرديئة الأقل تكلفة، فبدلا من الذهب والفضة أصبحت تستخدم من النحاس، وبعد أن كان خان الخليلى ملتقى للحرفين من أصحاب هذه المهنة أصبح طاردا لها، فالسائح كان فى الماضى يأتى لشراء هذه المنتجات ومشاهدة صانعيها، أما الآن فلا شراء ولا حركة. وأضاف محمد صبرى (39 سنة) صاحب محل، أنه قبل الثورة كان يشترى مادة البولستر التى تستخدم فى صناعة النماذج الأثرية ب9 جنيهات أما بعد الثورة أصبح السعر 20 جنيها، وبالتالى أصبح المنتج الصينى أسهل لأنه يحقق ربحا، لكن للأسف لا يوجد عليه إقبال مثل المصرى، خاصة أنه يصنع من خامات رديئة قابلة للكسر، على عكس المصرى الذى يعيش لفترات طويلة، أما المهندس إسماعيل مجاهد صاحب أحد البازارات فربط بين حالة غزو المنتجات الصينية للبازارات وإغلاق معظم الورش وبين الاضطرابات الحادثة فى مصر، مؤكدا أن القطع المصرية ما زالت تحتفظ بقوتها فالصين إلى وقتنا هذا لم تستطيع تدمير هذه الصناعة نهائيا، حيث إنها لم تستطيع تقليد أهم المنتجات الفرعونية مثل ورق البردى، واكتفوا بتقليد حروفها فقط بالرسم على الشنط.