عبد الرازق يرفع الجلسة العامة لمجلس الشيوخ    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    تنظيم ندوة عن أحكام قانون العمل ب مطاحن الأصدقاء في أبنوب    أهالي قرية النقب بطابا يوجهون الشكر للرئيس السيسي لتلبية مطالبهم    دول الاتحاد الأوروبي تتبنى قواعد جديدة للديون وعحز الميزانيات    وزير النقل يبحث إنشاء مصنعين في برج العرب بالإسكندرية مع ألستوم الفرنسية    حصيلة شهداء حرب غزة ترتفع إلى 34 ألفا و488.. وبدء انتشال الجثامين في الشمال    حصيلة مبدئية.. مق.تل 42 شخصا داخل كينيا في انهيار سد بسبب الأمطار    جولة حاسمة للصعود للممتاز.. بتروجت 1 - 0 وادي دجلة.. غزل المحلة 1 - 1 لافيينا    محمد مصيلحي ليلا كورة: وقف مستحقات اللاعبين لحين تحسين النتائج    كفر الشيخ.. تحرير 16 محضرا تموينيا بالرياض    تأجيل محاكمة المتهمين في حادث قطار طوخ إلى شهر يونيو للمرافعة    أخبار الفن.. أول ظهور ل أحمد السعدني بعد وفاة والده.. ممثلة لبنانية شهيرة ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان    خالد جلال يعقد اجتماعا لمناقشة خطة الموسم الجديد للبيت الفني للمسرح    دينا الشربيني ضيفة كلمة أخيرة غدًا    النشرة الدينية .. أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة .. "خريجي الأزهر" و"مؤسسة أبو العينين" تكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين    أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة.. سهلة وبسيطة    وزير الصحة يناقش مع نظيرته القطرية دعم الأشقاء الفلسطينيين وفرص الاستثمار في المجال الصحي    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل المرحلة الأخيرة    مقترح برلماني بدعم كليات الذكاء الاصطناعي بالجامعات الحكومية -تفاصيل    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    بعد أنباء عن ارتباطها ومصطفى شعبان.. ما لا تعرفه عن هدى الناظر    إيران: وفد كوري شمالي يزور طهران لحضور معرض تجاري    باركود وتعليمات جديدة.. أسيوط تستعد لامتحانات نهاية العام    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    "البحوث الإسلامية" يطلق حملة "فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا" بمناسبة عيد العمال    مقترح برلماني بدعم كليات الذكاء الاصطناعي بالجامعات الحكومية    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    عضو مجلس الزمالك يعلق على إخفاق ألعاب الصالات    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    تجليات الفرح والتراث: مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم 2024 في مصر    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    حكم رادع ضد المتهم بتزوير المستندات الرسمية في الشرابية    المشدد 5 سنوات والعزل من الوظيفة لرئيس حي السلام ومهندس بتهمة تلقي «رشوة»    «للمناسبات والاحتفالات».. طريقة عمل كيكة الكوكيز بالشوكولاتة (فيديو)    بث مباشر.. مؤتمر صحفي ل السيسي ورئيس مجلس رئاسة البوسنة والهِرسِك    عامر حسين: الكأس سيقام بنظامه المعتاد.. ولم يتم قبول فكرة "القرعة الموجهة"    إزالة 22 حالة تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالشرقية    «القومي لثقافة الطفل» يقيم حفل توزيع جوائز مسابقة رواية اليافعين    «التضامن»: دعم مادي وتوفير فرص عمل لذوي الاحتياجات من ضعاف السمع    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    مركز تدريب "الطاقة الذرية" يتسلم شهادة الأيزو ISO 2100: 2018    "سنوضح للرأي العام".. رئيس الزمالك يخرج عن صمته بعد الصعود لنهائي الكونفدرالية    السيسي عن دعوته لزيارة البوسنة والهرسك: سألبي الدعوة في أقرب وقت    عواد: كنت أمر بفترة من التشويش لعدم تحديد مستقبلي.. وأولويتي هي الزمالك    515 دار نشر تشارك في معرض الدوحة الدولى للكتاب 33    الأنبا بشارة يشارك في صلاة ليلة الاثنين من البصخة المقدسة بكنيسة أم الرحمة الإلهية بمنهري    إصابة عامل بطلق ناري في قنا.. وتكثيف أمني لكشف ملابسات الواقعة    بالاسماء ..مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    أسوشيتد برس: وفد إسرائيلي يصل إلى مصر قريبا لإجراء مفاوضات مع حماس    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    لهذا السبب.. ريال مدريد يتخلى عن نجم الفريق    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 29-4-2024 بالصاغة بعد الانخفاض    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكرات زوج.. أنا كنت حاجة و20 وكبرت فى غمضة عين!
نشر في اليوم السابع يوم 31 - 03 - 2023

في مسلسل "مذكرات زوج"، تلتقي أحاسيس عديدة مدهشة، الدهشة هنا معقودة على التضادات التي جمعها السيناريست محمد سليمان عبد المالك عن نص ساخر للكاتب أحمد بهجت يرصد محاولات زوج للتمرد على حياة لم يعد يحتملها، لأنه يفتقد الحرارة والألفة فيها، بل يفتقد نفسه حتى أن لا يرى صورتها في محيطه ولا يراها أيضَا المحيطون به، تاهت منه ولم يعد يدرك ثقلها أو خفتها، صلابتها أو سيولتها، يقول رؤوف الذي يجسده طارق لطفي (وهو الزوج بطل المسلسل الذي كتبه عبد المالك بتأني وتيقظ وأخرجه تامر نادي باستيعاب للحالة إجمالًا):"حياتي واقفة يا سيدي، عاملة زي الساعة العطلانة بالظبط، وشفاف ما حدش في البيت شايفني ولا حاسس بي، عايش لوحدي كدة وضامنين وجودي، وبالليل كوابيس والصبح ضيقة نفس، يبقى قدامك حل من اتنين، يا إما تصحى وتكمل الحياة عادي كإن مفيش أي حاجة، يا إما تتمنى إنك تنام ما تقومش".
لخص رؤوف المأزوم تعاسته في عبارات مكثفة وكاشفة، بما يقودنا نحن المشاهدين إلى محاولة لفهم شيء من أحاسيسه، وربما تلقى صدى عند بعضنا يعاني من أزمة مماثلة، فيتماهى مع رؤوف ويصبح جزء من الحالة، إنها لعبة؛ مخاتلة درامية عمادها تعثر عاطفي، وهذا ما صنعه عبد المالك بمهارة؛ إذ قابل نقائض درامية اختارها بعناية وقدمها في توليفة لا يُستهان بصنعتها.
الحكاية هنا أوسع من رتابة تمر بها علاقة زوجية ما، يكابدها الزوج فيلجأ إلى طبيب نفسي كما في القصة الأصلية وكما اعتمدها المسلسل، لكن المسلسل لم يتوقف عند حدود المشاكل الزوجية والعائلية، وسعي الزوج إلى حلها؛ بل قام هذا الزوج بمحاولات للتغيير والتمرد، والانتقال من حالة إلى أخرى مغايرة تمامًا، إنه تغيير مصيري واضح، يشير إلى أن الأزمة هنا هي أزمة وجودية تتعلق بالحضور البشري في هذه الحياة، ليست على طريقة البرازيلي جورج أمادو في "كانكان العوام الذي مات مرتين"، كموقف وجودي للإنسان من الموت، إنما ثمة دأب لولادة جديدة، تمرد على القديم والراهن واجتهاد للخروج من الشرنقة لكي يعيش الإنسان ك "بني آدم"، وينحاز لاختياره في الحياة الرحبة دون التمركز على "بلاطة" واحدة تضيق به حتى تضغط على أنفاسه وتسلمه للهواجس والكوابيس.
قد يخضع الإنسان كثيرًا لواقعه المحيط حتى يكون مرضيًا عنه، فيبتعد عن ذاته وجوهره، ينسى أحلامه، كما يشير يرى الفيلسوف البريطاني/ السويسري آلان دو بوتون، في كتابه "قلق السعي إلى المكانة والشعور بالرضا"، لكن غالبًا هناك لحظة الانفجار التي لا مرد لها، أو الدوران في متاهة:"لازم تتصاحب على اليأس عشان تقدر تتقبل حياتك الواقعية"، وإذا كان رؤوف هو النقطة المحورية التي تبدأ منها خيوط التشابك الدرامي، فإن هذه الخيوط ممتدة لكل العلاقات في حياته، زوجته شيرين (عائشة بن أحمد) نفسها وعلاقتها بعائلاتها وخصوصًا والدها، شقيقه سيف (حازم إيهاب) الشاب العصري، المغامر وتعينه على ذلك الفتاة التي يحبها، صديقه يوسف صبري (عمر الشناوي) طبيب الأسنان المحب للفتيات والرافض للزواج في ذات الوقت، طبيبه النفسي دكتور طه عياد (خالد الصاوي) الذي يعيش علاقة زواج استثنائية مع زوجته نجيبة (سماء إبراهيم).. علاقات مختلفة بين ثنائيات لها أمزجة وطباع متباينة، كلها تتطلع لإثبات حضورها في الحياة والسؤال الحائر عن السعادة.
كل الشخصيات مرسومة وفق هذا السؤال الجوهري، مظهرها وباطنها يتحدث عن أحاسيس وانفعالات، عن علاقات ناجحة أو فاشلة، عن معنى العلاقات أصلاً، والالتزام الفعلي بعلاقة ثابتة، السؤال نابع من صميم الأمور اليومية، والحدث مضبوط بلغة درامية متماسكة، متجانسة في سردها دون فذلكة في الكتابة أو أداء الممثلين، فالكاميرا تدور بينهم كأنها تبحث معهم عن معنى مختلف للحياة.
طارق لطفي يمنح الشخصية جزءًا من روحه، لديه القدرة على ذلك وعلى التقاط التفاصيل التي تبلور الشخصية، وتوظفها فى المشهد فتؤسّس له حضورًا فاعلًا بملامحه وأدائه، كأنه يخبرنا أنه واحد منا يمثّل شخصية تُشبهنا وتحاكينا نحن لا غيرنا، نحن الذين نعيش بطريقة ما همًا أو ضغطًا مماثلًا.. أداؤه مدهش وكذلك قدرته على كشف الانفعالات مشوق، وهو أمر مثير للتأمل والمتعة البصرية.
عائشة بن أحمد تدرك المقومات الدرامية والإنسانية والاجتماعية للشخصية التي تجسدها، وعلى أساسه أدت دورها بفطنة معرفتها بهذا الدور المعقد، أم ملتزمة ومتحملة المسئولية، وامرأة عاملة طموحة، وزوجة غير مندفعة في حبها لزوجها، طبقات عدة في الشخصية تربك الممثل، لكن عائشة استوعبتها بكل تداخلاتها.
خالد الصاوي وسماء إبراهيم، الاثنان لديهما من البراعة وخفة الظل ما يكفي لتأكيد حرفيتهما وضبط جنوحهما إلى الشخصيات التي يجسدانها بأدواتهما التمثيلية المتمكنة، فالحِرفية التمثيلية واضحة والانغماس في الشخصية، شكلًا وتفكيرًا وسلوكًا.
حازم إيهاب واحد من النقاط المضيئة في المسلسل هو ورفاقه من الممثلين الجدد الذين يبشرون بجيل طالع من الممثلين الموهوبين، لحازم أدوار أخرى سابقة سواء في المسرح أو السينما أو التليفزيون، مكنته من تطوير أدواته وشحن طاقته التمثيلية، وهو هنا في دور "سيف" يعد اكتشافًا بأداء يبدو عفويًا وبسيطًا، لكنه يكرس لظهوره كممثل لا يتصنع ولا يُبالغ في سلوكه.
قائمة الممثلين تطول من إدوارد إلى سارة الشامي، فدوى عابد، جيهان الشماشرجي، جلا هشام و.. غيرهم حتى الأطفال: أدم وهدان، ريتال ظاظا، حبيبة، لتكتمل الصورة، ونصل إلى الانطباع الإجمالي من مشاهدة المسلسل، بما يعكس حضورًا لامعًا لمخرجه تامر نادي ويبين قدرته على التواصل مع البناء الدرامي، وهو ما ظهر برسوخ في إبرازه للجماليات الدرامية بصنيع بصري منتبه للتفاصيل، ساعده عل ذلك كاميرا مدير التصوير محمود عطا الله، كل واحد من فريق العمل أسهم ليؤكد فكرته الرئيسية التي تلخصها أغنية تيتر البداية، كلمات تامر حسين، ألحان عزيز الشافعي وصوت حميد الشاعري:"العمر جري .. مقطوع نفسي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.