قال مجلس العلاقات الخاريجية الأمريكية إن اقتحام منظمات حقوق الإنسان يوم الخميس الماضى لم يكن محاولة من الجيش لسحق المتطرفين أو لإضعاف الإخوان المسلمين أو السلفيين بعدما حققوه من انتصارات حتى الآن فى الانتخابات البرلمانية، لكنها كانت محاولة لإضعاف وتشويه سمعة القوى الليبرالية والوسطية. ويشير إليوت إبرامز، المسئول السابق فى إدارة الرئيس جورج بوش، والذى يعمل حاليا كزميل أكبر فى مجلس العلاقات الخارجية ومتخصص فى دراسات الشرق الأاوسط، إلى أن الهجوم على المنظمات التى تساعد المصريين على الانتقال نحو احترام حقوق الإنسان والسياسات الديمقراطية، يمثل جزءاً من ممارسات الرئيس السابق حسنى مبارك، لكنها أكثر جرأة وأكثر قمعا. ويتابع قائلا فى مقاله على موقف المجلس الإلكترونى إنه خلال ثلاثين عاما من السلطة، لم يسحق مبارك الإخوان المسلمين، بل عقد صفقات معهم تحدد مثلا عدد المقاعد التى يمكن أن يحصلوا عليها فى البرلمان، لكنه كان يسحق القوى الليبرالية والأحزاب الوسطية. فقت رفضت الحكومة فى مصر مراراً السماح بتأسيس حزب إسلامى وسطى يمكن أن ينافس الإخوان المسلمين. وعندما اختار غير الإسلاميين أيمن نور لمواجهة مبارك فى الانتخابات الرئاسية عام 2005، تم سجنه. فكانت سياسة حكم مبارك هى الهجوم على الوسط وإضعافه وبعدها يقول للأمريكيين أن الاختيار الوحيد هو إما هو أو الإسلاميين. ويرى إبرامز أن نتائج الانتخابات الجارية توحى بتحقيق ما كان مبارك يقوله، وأن هذه هى الجريمة الحقيقية التى ارتكبها الرئيس السابق ضد بلاده. ويتذكر المسئول السابق اجتماع أجرى فى البيت الأبيض عام 2002 مع نشطاء الديمقراطية فى مصر، حيث كان يتولى مسئولية حقوق الإنسان والديمقراطية فى المجلس القومى الأمريكى فى عهد إدارة الرئيس السابق جورج بوش. ويقول إبرامز أنه اندهش حينها لأن أحد المجتمعين قال إنه لا يفضل إجراء انتخابات حرة فى مصر فى الوقت الراهن، وأنه يريد إجراء تلك الانتخابات بعد عشر سنوات من هذا الوقت، إذا تم منحهم، أى الليبراليين، عشر سنوات للعمل بحرية، وإلا فإن الإخوان هم الفائزون. ثم مرت السنوات العشر، وكان هذا الشخص الذى لم يذكره الكاتب محقا، على حد وصفه. فهذه الانتخابات التى تأتى بعد ثلاثين عاما من هجوم مبارك على الوسطيين قد جلبت النصر للإسلاميين. والآن ومثلما كان حال عليه فى سنوات مبارك، فإن الجيش سيطرح نفسه باعتباره الحصن الوحيد ضد الراديكالية فى مصر. لكن الحصن الوحيد كما يرى إبرامز هو عمل المصريين الساعين إلى تأسيس ديمقراطية حقيقية تحترم حقوق الإنسان. وربما لا نكون (أى المسئولين الأمريكيين) قادرين على وقف الجيش عن مهاجمتهم، لكن يجب على الأقل ألا ندفع لهم. فمن المضحك أن نسمع الجيش يتحدث عن قوى الظلام التى تأخذ أموالا من الخارج، بينما يأخذ الجيش نفسه 1.3 مليار دولار سويا مساعدات عسكرية من الولاياتالمتحدة. ويدعو إبرامز إلى وقف هذه المساعدات فى الوقت الراهن وألا يتم اسئنافها قبل أن يعاد كل ما تمت مصادرته بعد اقتحام الامن والجيش للمنظمات الحقوقية والحصول على وعد من الجيش بعدم تكرا هذه الهجمات. وخلص الكاتب إلى القول بأن الجيش المصرى يلعب أدوارا إيجابية وسلبية فى مصر، لكن الشىء الأكثر أهمية والذى قام به فى عهد مبارك هو ضمنات فوز الإسلاميين بمجرد ترك الأخير للسلطة. وكانت "المباركية" نظام يعمل على إطالة الحكم العسكرى والمساعدات الأمريكية بالقول إن الجيش هو البديل الوحيد للإخوان، بينما كان فى الواقع يخلق ظروف أفضل لإزدهار الإسلاميين. والآن، نرى نتيجة هذه العقود من القمع، ويجب أن نرفض الدعوة إلى استمرار نظام مبارك، هذه المرة من خلال عدد من القادة العسكريين الذين حلوا محل الديكتاتور. وسيكون النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان فى مصر طويلا وصعبا ولا يمكن تحديد نتيجته، لكن يجب على الأقل أن تسمح أمريكا للمصريين بمعرفة إلى جانب من تقف. ويجب أن يعلم الجيش أنه إذا كانت سياسته هى سحق نشطاء الديمقراطية، فهناك ثمن سيدفعه، وهو 1.3 مليار دولار، ثمن المساعدات العسكرية السنوية.