فى الوقت الذى تتفاقم فيه أزمة التحرير يومًا بعد يوم بسبب عناد المجلس العسكرى فى عدم تخليه عن السلطة ونقلها إلى مدنيين وسقوط عشرات الوفيات والإصابات على يد الأجهزة الأمنية وردت أنباء متواترة تشير إلى نقل صلاحيات "المجلس العسكرى" لرئيس "الدستورية العليا" المستشار فاروق سلطان الذى يعتبر رئيساً للبلاد فى حالة وفاة رئيس الجمهورية وعدم وجود برلمان. وقد أثارت تلك الأنباء حالة من الجدل الواسع والغضب بين عدد من القوى السياسية وشباب الثورة والقضاة بسبب ما أثير من لغط حول هذا الرجل أثناء توليه الإشراف على انتخابات نقابة المحامين وعدد من النقابات المهنية. ولد فاروق سلطان فى أكتوبر عام 1945 بمركز ساقلتة بمحافظة سوهاج وتخرج فى كلية الحقوق، عين فى السلك القضائى وتدرج فى المناصب القضائية حتى وصل إلى منصب رئيس محكمة جنوبالقاهرة الابتدائية، كما رأس لجنة الإشراف على انتخابات النقابات المهنية التى عطَّلت لسنوات طويلة إجراءَ انتخابات عددٍ من النقابات المهنية تحت مبررات روتينية. كما أشرف "سلطان" على انتخابات نقابة المحامين التى لاحقتها تهَمُ التزوير بإسقاط 8 مرشحين من مرشحى قائمة اللجنة الشريعة، إلا أن عددًا من المراقبين شهدوا له بالنزاهة وطعنوا فى نتائج بعض اللجان القضائية الفرعية بالمحافظات. عين سلطان مؤخراً بقرار من رئيس الجمهورية كرئيس للمحكمة الدستورية العليا التى تعتبر جميع أحكامها وقراراتها ملزمة للجهات السيادية، رغم قلة خبرته فى المسائل الدستورية وإحضاره من محكمة ابتدائية، كما أنه عمل قبل ذلك فى عدد من المناصب القضائية فى أماكن سيئة السمعة مثل محاكم أمن الدولة العليا والمحاكم العسكرية ومحكمة القيم. واعتبر أعضاء المحكمة الدستورية العليا قرار الرئيس المخلوع مبارك بتعيين المستشار سلطان رئيساً للمحكمة الدستورية العليا هدماً لأركان دولة المؤسسات والقانون وتعدياً صارخاً على سير العمل فى تلك الجهة المرموقة. وكان سبب رفض أعضاء المحكمة لقرار تعين سلطان فى البداية كرئيس للمحكمة كونه فى نظر معظم المستشارين قد حصل على المنصب بغير حق وبالمخالفة لأعراف وقوانين المحكمة الدستورية، وقد جرت العادة على أن يتولى منصب الرئاسة فيها أقدم الأعضاء من المستشارين سناً. وتصاعدت موجة الغضب بين أعضاء المحكمة الدستورية العليا تجاه تعيين المستشار فاروق سلطان رئيسا لها، ليصبح بذلك ثالث شخص يتولى المنصب الأعلى قضائياً فى مصر من خارج المحكمة الدستورية، وهو ما اعتبره المنتقدون ضرباً بعرض الحائط لتقاليد المحكمة الخاصة بتولية أقدم مستشاريه لهذا المنصب.