حلمت مثلما حلم أبناء جيلى من الشباب بيوم نستنشق فيه هواء الحرية وتتحقق فيه العدالة الاجتماعية، وترجع مصر كما كانت دائما فى قلب العالم فى قلب الأحداث. وفى ذات يوم من الأيام حلمت كأنى على سطح القمر أشاهد جميع قارات العالم، وإذ بقارة أسيا تطبق على قارة أفريقيا، وتنهمر منها خلائق عديدة فرس رعاة عرب صهاينة.. الخ، يجرون نحو نهر النيل. يا للروعة! إنها سمكة بطول النيل وعرضه.. تسبح بين شاطئيه فى جلال ووقار.. فضية الجسم ذهبية الزعانف.. تتنفس بخياشيمها الجبارة من ماء النيل.. لم أر فى حياتى سمكة بهذا الحجم وهذا الجمال. هجم الأعداء عليها أحاطوا بها من كل جانب.. قصوا زعانفها.. كشطوا قشورها وهم يصيحون.. فلوس.. فلوس.. نهشوا لحمها حتى ظهرت عظامها، هرج ومرج.. صراخ وصياح من كل جانب.. إنسان يصرخ ويبكى.. أكبر سرقة فى التاريخ.. سرقة أجمل سمكة فى العالم. قام أهلها من على ضفاف النيل يدافعون عنها.. ولكن الغزاة فتحوا على نهر النيل مياه الخليج الفارسى والبحر الميت، اختلطت المياه المالحة بالمياه العزبة، كادت السمكة أن تختنق.. لم تتعود خياشيمها على المياه المالحة.. فالبحر الميت ليس فيه حياة. أصوات مبهمة.. أسمعها ولا أرى أصحابها.. افشوا الأمية بينهم، فالذين لا يقرئون ينهزمون.. صوت آخر أحكموهم بالقمع والاستبداد فالعبيد لا يصنعون حضارة.. صوت آخر انشروا التعصب الدينى بينهم، فهو كفيل بتمزيق دولتهم.. وزوروا تاريخهم حتى لا توقظ روحهم القومية. أوشكت السمكة على الموت، ولكن فجأة ظهر شباب ثورة اللوتس ممثلين لجميع أبنائها، محمد وجرجس وإيزيس واجتمعوا حول السمكة، وهى توشك على الهلاك، واستقر رأيهم على خطة من شقين: شق نظرى وهو إيقاظ أهلها النيام، وشق عملى وهو تفجير ثورة تزيل القيود التى كبلتهم لصنع تاريخ جديد للبشرية ينعم فيه جميع البشر بالحرية والعدالة. فتدفقت مياه عذبة بلون السماء والبحار غسلت النيل من المياه الملوثة بالاستبداد وفتحت نوافذ الحرية التى نستتنشق منها هواء طلقا مثيرا للإبداع بلا حدود. عادت للسمكة الحياة.. نمت زعانفها من جديد.. أخذت تمخر عباب النهر فى انسيابية وجمال.. وقبل أن أستيقظ من النوم إذا بى أرى جدى أحمس وهو يسلم علامة العنخ (مفتاح الحياة)، لمن يلملم جراح الوطن ويقدس أرض الأجداد ويحترم حريات الإنسان، فتذكرت على الفور الأسطورة المصرية الرائعة عندما لملمت إيزيس جسد زوجها أوزير فى أول صراع بين الخير والشر فى تاريخ البشرية.. فيا له من حلم عجيب!