ينبغى على كل من يتطلع إلى أن تكون مصر دولة ديمقراطية حديثة ومتطورة، أن يؤيد الحقوق والمطالب المشروعة لمعلمى مصر، تلك الحقوق الأصيلة للمعلمين، التى تم تجاهلها وإهدارها على مدار عقود طويلة مضت، من عصور الفساد والاستبداد، الأمر الذى أدى إلى فشل وسقوط منظومة التعليم فى مصر، ولا تتعجب فالمعلم هو العمود الفقرى للبنية التعليمية فى أية دولة متحضرة، والاهتمام به يؤدى إلى نظام تعليمى متقدم، وكان من الأولى على حكومة الدكتور عصام شرف، أن تقوم بخلق صيغة للتفاوض مع المعلمين، وأن تستجيب لمطالبهم المشروعة ولو تدريجياً، بدلاً من السير على خطى نظام مبارك فى استفزاز وتجاهل مطالب شعب مصر، ووصفها بالفئوية، ففى أية دولة تحترم نفسها وتحترم شعبها، وتؤمن بأن قضية التعليم هى قضية أمن قومى وصناعة مستقبل أمة، تجد أن المعلم هو الشخص رقم (1) فى المجتمع، من حيث المكانة الاجتماعية، ومن حيث التقدير المادى أيضاً، على عكس ما يحدث فى بلادنا من إهمال وتهميش للمعلمين، سواء من الناحية الاجتماعية أومن الناحية المادية.. إذن ما السبيل للخروج من تلك الأزمة؟ التى تنذر بعواقب وخيمة ليس فقط بين المعلمين وحسب، بل إن مطالب المعلمين سرعان ما ستنتقل بدورها إلى كل فئات المجتمع، إذا لم يتم التوصل إلى حل عاجل وعادل لأزمات المجتمع المصرى، والحل يكمن فى خطوتين عاجلتين، الأولى هو التوصل لصيغة تفاوض وهمزة وصل بين الدولة وبين مطالب المجتمع، ولا تحدثنى عن المجموعة الوزارية لإدارة الأزمات، صاحبة الأداء المرتبك التى لم تستطع اتخاذ قرار واحد، ضد اعتداء إسرائيل على الجنود المصريين.. الخطوة الثانية أنه قد آن الأوان للحكومة، كى تلتزم بحكم المحكمة الإدارية العليا، بجعل الحد الأدنى للأجور 1200 جنيه، فإن كانت الدولة تعانى من عجز فى الموازنة، فالمواطنون أيضاً يعانون منذ عقود من عجز فى موازنة أسرهم وعوائلهم، والأمر الأهم هو أن إضراب المعلمين تعبير صريح من قطاع عريض من المواطنين المصريين، عن سوء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية، التى يعانى منها المجتمع المصرى، فى الوقت الذى انشغلت فيه النخبة ومعها "المجلس العسكرى" بقضايا أبعد ما تكون عن اهتمامات وتطلعات شخص المواطن البسيط، الذى خرج يوم 25 يناير وهو يهتف، خبز، حرية، عدالة اجتماعية.