يعيش الإنسان فى هذه الدنيا حرباً مع متاعبها، قال تعالى: (لقد خلقنا الإنسان فى كبد). وبحور الهموم أمراً لا يهرب منه الناس، فمنهم من يستسلم لليأس وأمواج الحياة الغدّارة، ومنهم من يزول همه وينشرح صدره ويمتلك المناعة القوية حتى يواجه بها مشاكل الحياة، فلولا الشىء ونقيضه فى هذه الدنيا ما كنا عرفنا معنى هذه الدنيا. لولا اليأس الذى يسبب لصاحبه انكسار النفس، والابتعاد عن الآخرين، والضجر فى وقت يكتنفه فيه خوف، ما كنا عرفنا أن الأمل يجعل الإنسان يُحيى شيئاً ميتاً، ويُظهر صوت الحياة بداخله. لولا العذوبية التى تجعل الإنسان وحيداً، ما كنا عرفنا قيمة الزواج، حيث إن أحضان الرجل والمرأة (المتزوجين) تمثل واحة الأمن والأمان التى لا يمكن أن يتسلل إليها الانفلات الأمنى. لولا الفقر الذى يجعل الإنسان يملك قلباً بلا نبضات، ما كنا عرفنا أن الغِنى هو الذى يجعل الإنسان واثقاً من مستقبله ومستقبل أولاده. لولا المرض الذى يجعل الإنسان يضرب نفسه بالطوب لكى يهدأ ألمه، ما كنا عرفنا أن الصحة تجعله ينطلق فى حياته بالبهجة والسعادة. لولا القيود التى تُفجّر شرايين قلب الإنسان، ما كنا عرفنا أن الحرية هى التى تجعله قادراً بروح سمحة الانطلاق بين الأزهار. لولا الوحدانية التى تُفجّر ينابيع البكاء عند الإنسان، ما كنا عرفنا أهمية الأصدقاء فى حياتنا الذين يولدون الأمل عندنا. لولا الأم فى حياتنا، ما كنا عرفنا معنى القلب العطوف. الإنسان منا لا يسلم من الهموم، لأن الدنيا هى سجن المؤمن وجنة الكافر، والحياة لا تبقى لأحد.