من الناحية الشرعية أرى أنه لا يجوز تحديد النسل أو تنظيمه بإجراء قانونى أو خلافه، لأن الإلزام بالتنظيم أو التحديد من أجل تحقيق مصلحة اقتصادية حرام شرعا؛ لأن الله تبارك وتعالى قال فى كتابه الكريم: «وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها»، اذن فتنظيم النسل خشية الرزق معناه أننا نتهم الله سبحانه وتعالى بأنه أخطأ التقدير وأساء التدبير فخلق أناسا ولم يستطع أن يرزقهم ويكفل لهم أقواتهم ولم تعد الأرض متسعة لهم وضاقت عليهم جنباتها، وحاشاه سبحانه وتعالى أن يعجزه شىء فى السماوات والأرض، والقرآن أكد على علمه الكامل وتدبيره المحكم وتقديره العادل لأرزاق العباد، فقال تعالى: «قل أئنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين». أما التنظيم أو التحديد للنسل البشرى فلا وجود لهما فى الإسلام، والمتعارف عليه فى الإسلام هو «الغيل» ومعناه أن تحمل المرأة فى عام وترضع المولود فى عامين، وأقول فيما يتعلق بمسائل ما إذا كانت المرأة سوف يصيبها شىء من الأذى أو خلاف ذلك عندها نبحث عن أخف الضررين، ونأخذ بالقاعدة الفقهية «الضرورات تبيح المحظورات» فيجوز العمل بالضرر الأصغر منعا للضرر الأكبر، ومن هنا فإذا رأى الزوج أن ثمة ضررا معلوما سوف يلحق بزوجته جراء تكرار الحمل وأقر بذلك أربعة من الأطباء المسلمين الماهرين، فيجوز له فى هذه الحالة منع الحمل من الأصل أو إسقاط الجنين، ويضحى بالقادم فى سبيل الموجود، ولا حرج فى ذلك، خاصة أن من المعلوم أن عملية الحمل فيها مشقة على الأم. لكنى مع ذلك أحب أن أنوه إلى أنه ثبت علميا أن جميع الوسائل المستخدمة لمنع الحمل تصيب المرأة بالعديد من الأمراض من بينها الاختلال فى التوازن الهرمونى بالجسم، وزيادة وزنه وتجمع كميات كبيرة من السوائل به، وحدوث التهابات شديدة بالجهاز التناسلى، وزيادة الأزمات القلبية لمن بلغت عقدها الرابع، بالإضافة إلى أمراض سرطان الثدى، ومن يعتاد عليها فكأنما يجلب على نفسه تلك الأمراض الفتاكة. لقد أفتى العلامة أبو حامد الغزالى بجواز منع الحمل سرا على مستوى الفرد إذا تحقق وجود متاعب قد تصيب الأم، ولا يجوز أن تمنعه الدولة من أجل مخاوف على المستوى الاقتصادى. وأقول لمن يحللون تنظيم النسل ويستندون لقول الصحابى الجليل جابر رضى الله عنه «كنا نعزل والقرآن ينزل»؛ أن العزل كان فى أمر الإماء فقط دون الحرائر حتى لا ينجبوا عبيدا وهذا ماحدث مع سبى بنى المصطلق، ولم نسمع أن أحدا من الصحابة عزل عن زوجته من الحرائر. نحن فى مصر لا نحتاج إلى تنظيم نسل، بل إلى توظيف نسل، وإيجاد فرص عمل وتوظيف جيد للإنسان الذى يعد المحرك الأساسى للتنمية، وتوفير تلك الأموال التى تصرف على حملات تحديد النسل.