أراكِ فى رحم أمك تتشكلين تتكونين تتلونين تُرَسم ملامحك كما تُرَسم لوحة فنان بأنقى الألوان وأغلى الخامات (ولله المثل الأعلى) فتخرجى إلى العالم الجديد الغريب الهلامى ولا أعلم سر بكائك، هل هو لأن رحم أمك هو أأمن مكان فى الكون أم لأنكِ جاهلة قلقة بعالمك الجديد المجهول، فأحتضنك برفق وأتلمس بقلبى تفاصيلك الغير واضحة فأراك ابنتى وأرانى أبا لكِ. أراكِ طفلة تتلعثم بكلمات غير مفهومة تبدين وكأنك تتحدثين فى موضوع هام بكل جدية بكلمات وكأنها من عالم الجان وتحاولين تقليد ما تسمعين من الكائنات كبيرة الحجم مثلى، فأعلمك كيف تنطقين الكلام.. وعندما تحاولين السير بقدميك الصغيرتين مشوارا طويلا حتى آخر السجادة يصل إلى متر والثانى على الأكثر أمد إليكِ أصبعى فتتمسكين به بكامل كفك الصغير وأعلمك كيف يكون السير على الأقدام فأراكِ طفلتى وأرانى معلمك. أراكِ فتاة فى العقد الثانى من عمرها زاد أو نقص قليلا اكتملت أنوثتها ومعالم خريطة جسدها وبلغت الحُلُم تحاول أن تملئ الفراغات الحسية والمعنوية بداخلها بعد أن زادت رغبتها فى التواصل الروحى مع الجنس الآخر، فتجدين من هو أيضا يبحث عن نصفه الآخر ويشاء القدر أن تكونى عاشقة وأرانى عاشقا لكٍ. وعندما يمتلك كل قواكى الحسية ويصبح هو من تتنفسيه وتستنشقيه ليلاً ونهاراً، أراكِ حادقة بنظرك وفكرك فى الفراغ الكونى لسقف غرفتك الصغيرة تفكرين تارة فى عشقك له وتارة فى معركة كلامية بينكما ليلة أمس وتارة فى مستقبلكم المجهول بعض الشىء وتتمنين أن تجدى صديقة قريبة منك كى تثرثرى معها فأرانى صديقتكِ القريبة الحنونة. فانا لكِ اليوم أبا وأخا وصديقا وحبيبا فأنا اليوم تفاصيلك الأنثوية التى تفكرين بها وتتمنيها، ما أجمل أن تجد الأنثى إنسانا به كل ما تحلم وتتمنى وترغب به من إحساس الأمان والرفق والدفء فى وقت أصبحت كل المعانى الجميلة للإنسانية فى جفاف وفى وقت أصبح مفهوم قوة الرجل هى صوته العالى وأوامره إلى يجب أن تطاع حتى إن كانت خطأ، والرجولة فى أصلها هى كيف تحتوى وكيف تحتضن وكيف تحافظ على المعانى الحسية الجميلة التى تحتاجها كل امرأة منذ أن تولد حتى تموت.. فرقة المرأة كرقه الزجاج إن حافظت عليه صانك وإن كسرته تناثرت بقاياه لتجرحك. أما أنا فعندما أتمناكِ أمى وابنتى وصديقتى وحبيبتى أتمنى أن يكون حضنك هو ملاذى الأول والأخير أتمناه بيت الأمان الذى ألجأ إليه دون شروط ودون إذن مسبق أتمنانى طفلا بين يديكِ.. فكل رجل قوى بداخله طفل ضعيف.