◄◄ آمنة نصير: السلفيون أول من فجر جراح التعصب.. وغياب الشفافية لدى الكنيسة أعطاهم المبررات ◄◄ عوض شفيق: أرفض مصطلح أقباط المهجر وتصريحات «حسان» أحزنت الأقباط ◄◄ فؤاد علام : لابد من سرعة صدور قانون دور العبادة الموحد.. وكان لدينا 4 مسيحيين قيادات فى أمن الدولة «إنها أزمة تعصب وليست فتنة طائفية» هكذا توصل المشاركون فى الندوة الأولى التى نظمها مركز اليوم السابع للدراسات والمعلومات برئاسة الزميل محمد ثروت. دعا خبراء فى الشؤون الأمنية والدينية والقانونية وعدد من أقباط المهجر إلى عودة مجالس النصح والإرشاد التى ألغاها حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، مطالبين فى الوقت ذاته الدولة متمثلة فى المجلس العسكرى وحكومة الدكتور عصام شرف، بالتدخل بحزم لإنهاء ملف الأزمات الطائفية على المستوى المجتمعى والتعليمى وعدم التباطؤ فى حل مشكلة التعصب الدينى، فضلا عن مطالبتهم بإصدار فورى لقانون دور العبادة الموحد، وسرعة الفصل فى القضايا التى نشأت عقب الأحداث الطائفية. شارك فى الندوة كل من الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة جامعة الأزهر، واللواء فؤاد علام الخبير الأمنى، والناشط الحقوقى مدحت قلادة رئيس اتحاد المنظمات القبطية بأوروبا، ودكتور عوض شفيق أستاذ القانون الدولى بجامعة جنيف، والمهندس محفوظ على مدير مؤسسة «إغاثة بلا حدود الدولية» وشيتوى عبد الله رئيس الهيئة القبطية بالسويد، وبطرس حكيم رئيس الهيئة القبطية بالنمسا، ودانيال جربرت الباحث السويسرى فى حقوق الإنسان والأقليات والمحامى القبطى يوسف النجار. اللواء فؤاد علام رأى أن القضايا المصرية لا تمس مصر وحدها ولكن ما يحدث فى مصر له آثار مباشرة على كل دول الشرق الأوسط، موضحا أن قضية الفتنة حساسة ومعقدة، وقد كنت أحذر من قبل من حالة الاحتقان الطائفى التى كانت موجودة بالمجتمع المصرى، وكنت أتوقع أن تصل الفتنة الطائفية فى وقت قريب إلى ما هو أخطر من ذلك إن لم يتم احتواؤها. ثم إن حالة الاحتقان بعضها ناتج من موروث اجتماعي قديم، وبعضها من تصادم بين المسيحيين والمسلمين، والذى يتحول فى بعض الأوقات لقضايا رأى عام، والموروث الاجتماعى فى بعضه له أسباب موضوعية وفى بعضه له أسباب غير مقبولة وغير مفهومة. فمن الجانب الإسلامى، بكل أسف، هناك بعض المفاهيم الخاطئة والتى تجعل قلة قلية جدا من المسلمين يفهمون العلاقة بين الطرفين بطريقة سيئة وغير صحيحة بما ينعكس على طريقة التعامل مع الإخوة المسيحيين، وهذه القلة القليلة طفت فوق السطح مؤخرا، والتى تعدت كل الأصول والقيم الدينية. ولابد أن نعرف أن كل الأديان السماوية تحرم الصراع بين الأديان، لكن الفهم الخاطئ لبعض المفاهيم هو الذى يقود للصراع، واستخدام البعض الدين لأهداف سياسية سبب قوى للصراع، ومن المؤسف أن يقع الخطأ من بعض المسلمين، وقد يصل لتكفير الآخر. وعلى الجانب الآخر فإن المسيحيين لهم بعض مفاهيم ومعتقدات من الممكن أن تكون حسنة النية، والبعض الآخر غير حسن النية، ومن الممكن أن يكون مبالغا فيها فى بعض الأحيان، والتى تتسبب فى نشوب صراعات، ومن هنا نصل لنتيجة وهى وجود خلل فى فهم بعض المفاهيم، فلابد أن نعترف أن هناك حالة من الفتنة الطائفية. وهناك حاجة ماسة فى المجتمع المصرى لإقامة حوار مجتمعى متكامل صريح حتى نصل إلى أسباب الاحتقان الطائفى والتى تطورت إلى فتنة طائفية، ولابد أن نصل من خلال الحوار إلى طرق معالجة هذه القضية وبسرعة حتى لا تتحول إلى ما هو أخطر من الفتنة. وأكد أهمية صدور قانون يعاقب وبصرامة من يحرض على الفتنة ومن يقوم بأعمال الفتنة وقضاء شفاف قائم على الصراحة والعلانية. وأعتقد أن ما حدث فى إمبابة يعبر عن سوء فهم من الطرفين، المسلمون الذين رأو أن من واجبهم التفتيش فى الكنيسة لابد من أن يدانوا ويحاكموا، والمسيحيون الذين تسرعوا واستخدموا وسائل خشنة بعض الشىء وصلت إلى حد السلاح لابد أن يعاقبوا. مدحت قلادة قال فى معرض حديثه: قمت بزيارة للمجلس العسكرى الذى أكد حرصه على إبقاء مصر دولة مدنية وليست دينية، وأن الجميع على قدم المساواة أمام القانون، وأوضحوا أنهم يتبرأون من التيار المتشدد، وأرى أن كلام اللواء فؤاد علام منطقى، وقد وضع حلولا لمعالجة القضية، خاصة ما تضمنه حديثه عن ضرورة دراسة مشاكل التعصب الدينى بشفافية وعمق. وأعتقد أن ما حدث ليس فتنة طائفية لأن الطائفية تعتبر صراعا بين طرفين، ولكن ما حدث يعد اعتداءات طائفية متعمدة، مثل ما حدث من حرق الكنيسة بإمبابة، وهذا له أسبابه التى ترجع لعام 1971. وأرى أن مصر ليست دولة قانون، بدليل أنه منذ أحداث الخانكة فى السبعينيات حتى الآن لم يُدَن أحد فيها، وأخيرا وبعد الثورة هناك 11 حالة اعتداء، ولم يدن فيها أحد أيضا، وأولها الاعتداء على كنيسة صول والتى لم يحاكم فيها أحد، مما يثير غضب الطرف الآخر ويشعره بشىء من التمييز والتعصب، حتى حادثة إمبابة. وأعتقد أن هذا لا يسىء لمصر فقط ولكن يشوه صورة الإسلام، كما أن ترك الاعتداءات تتكرر وعدم المحاسبة يعد ضوءا أخضر لعمل المزيد والمزيد، مما أعطى البعض شعورا بأن هناك مباركة من الحكومة على ما يحدث، وحتى يمكن إيجاد حل لمثل هذه المشاكل لابد من المصداقية والنظر للمشكلة بعمق وتفعيل دولة القانون على القبطى قبل المسلم. وأرى أن الإعلام المصرى إعلام مضلل، ومازال يستخدم كلمات وعناوين ساخنة تشحن الجماهير.. وتابع مؤكدا أنه لابد من الحد من منابر الكراهية، فالأهم مصلحة مصر بدلا من الإثارة، والأقباط بطبعهم مسالمون، ولكن فاض بهم الكيل، والأقباط فى المهجر يصرخون من خوفهم على أقاربهم بمصر، فأعطونا حق الصراخ، وكما قال مارتن لوثر «المشكلة ليست فى ظلم الأشرار ولكن فى صمت الأخيار». اللواء فؤاد علام فى تعقيب على مدحت قلادة: لو كان بيدى الأمر لاتخذت قرارات سياسية، لأنه فى هذه الحالة لا يسعفنى القانون، فمحاكمنا لا تحكم إلا إذا كانت لديها أدلة قاطعة، ولا أحد يمكن له أن يشكك فى نزاهة القضاء المصرى، ولذا فى مثل هذه القضايا لابد من الحسم بطريقة سياسية حتى لا يساء الفهم. هناك من يقول إن المسيحيين لا يحاسبون مثل المسلمين مثل تفتيش الكنائس، وحتى نعالج هذه الأمور لابد أن يكون هناك مصارحة ومكاشفة حتى تتضح الصورة، موضحا أن هناك حالة من الفراغ الأمنى وقصورا نعانى منه جميعا، والذى حدث فى إمبابة جزء من حال المجتمع، والبعض ينظر لحكومة الدكتور عصام شرف على أنها، إلى حد كبير، تتخذ الموقف السلبى، ولكن الحكومة خط رئيسى لها فى هذه المرحلة ألا تصطدم بمواطن مصرى، وهم على حق فى ذلك حتى لا نصل لمرحلة العراق وسوريا. وأعتقد أن قانون دور العبادة الموحد سوف يقطع الطريق أمام المفهوم الخاطئ الذى يقول إن قضية المسيحيين قضية أمنية، والنظام السابق كان يعتبر كل قضايا مصر أمنية مما جعل الدولة دولة بوليسية بجعل الأمن يتحكم فى كل القضايا. واتفق مع قلادة على أن الإعلام فى حالة فوضى، فهناك بعض الإعلاميين لديهم جهل شديد يثير مشاعر الجماهير، وأنه بالفعل يحتاج لمعالجة فنية ورقابة تقويم كثير من التناول الإعلامى قد يضر ولا يفيد، مع العلم أن جهاز أمن الدولة المنحل عمل به 4 أقباط فى أماكن رفيعة. الدكتور عوض شفيق أستاذ القانون الدولى: كنت أتمنى أن نجلس مثل هذه الجلسة منذ أعوام طويلة، فما كنا لنصل إلى تلك الفتن، ولو أقمنا الحوار الاجتماعى من ثلاثين عاما لما وصلنا لهذه الحالة. وأرى أن حقوق الإنسان بعد الثورة المصرية فى حال أفضل، وهذا نصر لحقوق الإنسان، لكن مصر بحاجة للحوار الاجتماعى، وهذا رأى الحقوقيين، وأرفض كلمة أقباط المهجر، لأن معناها أن هناك من يتدخل فى شؤون الدولة ومصلحة مصر السياسية. وأعتقد أن المصطلح الأصح لما تتعرض له مصر الآن هو التعصب الدينى وليس الفتنة، لأن الفتنة مصطلح سياسى، ولابد من دراسة التعصب وأسلوب التعصب القائمين على أساس الدين، لابد أن نعترف أن هناك حالة من التعصب، ونحن فى حاجة لتدقيق الألفاظ. وأود الإشارة إلى أن الشيخ محمد حسان أصابنى بالخوف عندما قال إن الإسلام يحمى حقوق الأقباط، وهذا مصطلح صعب، لأن الدولة هى التى تحمى، وهذه سلطتها، ولكن المسلم يحترم العقيدة والكنيسة، والجامع يرعى الحقوق روحيا، ولابد من تحديد التخصصات، كل بدوره، للقضاء على التعصب. الدكتورة آمنة نصير: فى البداية أود الإشارة إلى أننى خريجة المدارس الأمريكية، وحصلت على درجة الماجستير والدكتوراه فى الخط السلفى، وعملت فى الأزهر وتدرجت حتى وصلت لمعيدة، وحتى التخرج لم أفرق بين أصدقائى المسيحيين والمسلمين، وأود تسجيل أننى أكره كلمة الفتنة لأنه مصطلح أدخل لحياتنا وصدقناه، والأصل هو أن هناك حالة من التعايش، موضحة أنه لا توجد آية قرآنية واحدة تقول يا أيها المسلمون. وأرى أن المعتصمين لا يستطيعون أن يدركوا أن هناك سورة كاملة عن السيدة مريم عليها السلام، وقد كرمها القرآن فى مواطن كثيرة، وأرى أن الخطأ الأكبر من التعليم، لأننا لم نعلم أولادنا أن نقول محمد عليه السلام والمسيح عليه السلام. وقد قلت للأنبا بيشوى عندما صرح بكلام عنيف إنك أخطات وإنك تسعى وتعد نفسك لكرسى البابا، ولكن أنا لست ضيفة على هذا المجتمع، وبلادنا لا تحتمل مثل هذه الكلمات الرعناء. وأنا أعتبر السلفيين هم «الدمل» الحقيقى الذى أخرج الصديد المجتمعى، وفريق منهم صنعوا الفضائيات وأغرقوا الشعب المصرى بالخرافات، ونشروا النقاب وجمعوا بين الفقه البدوى والاستقواء، وتذكرنا هذه الفترة بالدولة السعودية الأولى، والفضائيات دمرت العقل المصرى البسيط، وأصبحنا أمة غطاء المظهر بينما الجوهر ممتلئ من الداخل بالوباء. وبصراحة، فإن الكنيسة أضفت نوعا من التعتيم الكبير على قضية وفاء قسطنطين وهذه الأشياء الغامضة تثير حديث الناس لماذا هذا التعتيم، وأن كاميليا لم تسلم، ولكنها كانت تؤدب زوجها وأشيد بقرار البابا بتوبيخ الكاهن لزوجته، مطالبة بألا تدخل فى السياسة فقد بارك البابا جمال مبارك. بطرس حكيم: هناك اعتداءات دائمة على الأقباط، وإعلام غير موضوعى، وتصميم الإعلام على استخدام لفظ اعتداءات من الجانبين، والقضاء يستخدم معيارين وإن كنت لا أشكك فى القضاء ولكن كانت هناك حالات منحازة ضدنا مثل المستشار الخضيرى الذى قال إن هناك 300 قاض منحرف. والدلائل التى تقدمها الشرطة مهلهلة مثل ما حدث فى قضية الكمونى الذى حكم عليه بالإعدام وباقى المتهمين حصلوا على البراءة، موضحا أن الأقباط لديهم مشاكل فى الوظائف السيادية، ودليل آخر محافظ رفض لكونه قبطيا. وأتفق على أن دخول الكنيسة فى السياسة ليس مطلوبا، فالبابا يعبر عن رأيه فقط، مقترحا بعض الحلول لمعالجة التعصب الدينى المتمثل فى تطبيق القانون ودون تمييز، والتعامل بحسم والإعلام الموضوعى المحايد. الشيتوى عبد الله: المشكلة الأساسية عندما نتكلم عن مسلم ومسيحى أن هذه نغمة مستهلكة، نحن مصريون وهذا يكفى، ولابد أن نخرج من تلك القضية، ولكن المشكلة فى مصر هى أمى وأختى وابنتى، فلابد أن أتخلص من المرأة ويستريح المجتمع حتى نرضى الفريق الذى يعلق التقدم والتأخر ويشجب العقوق. والمشكلة الحقيقية هى الإرهاب الفكرى، والذى يأتى من المؤسسات الدينية، وهو كاتم الرأى وكاتم الصوت لو هاجمت رجل الدين أصبحت خارجا عن الدين، ليس هناك دولة للإيمان ولكن دولة قانون. والكنيسة مؤسسة روحية ولا تملك أن تفرض رأيها على الأقباط، والكنيسة غير مسؤولة عن العلاقات الزوجية والتى فيها تحول الحادث الفردى لحادث عام، لابد من محاسبة الدولة بالقانون وليس بالإنجيل والقرآن، مشكلتنا الأساسية هى إسلام فتيات وتعدد زوجات. وأشدد على أن الحوار المجتمعى لو تم بناء على شيخ وقسيس يكون مرفوضا، ولكنه حوار مبنى على دستور صحيح، ونحن نحتاج لقانون نافذ عادل. اللواء فؤاد علام، تعقيبا على كلام الشيتوى: إننا فى حاجة لعودة مجالس النصح والإرشاد وحوار مجتمعى يطبق فيه القانون على الجميع. الدكتور محفوظ على، الناشط الحقوقى العراقى المقيم فى أوروبا: أنا أحذر المصريين من مغبة الفتنة، لأن هناك قوى وأيادى خفية تريد أن تتفشى الفتنة حتى تنكسر مصر، هناك من يخاف أن تستكمل مصر مسيرتها نحو التقدم العربى، فإن صلحت مصر صلحت الأمة العربية. وأتمنى أن يكون هناك حكمة لدى المصريين، ولابد من إصلاح البيت المصرى العظيم، وهذا أفضل من الصوم والصلاة والعبادات، سائلا الله أن يحفظ مصر وشعبها من الفتنة ويجعلها دولة قوية تقود العالم العربى.