وزيرة الهجرة: صندوق "حماية وتأمين المصريين بالخارج" يوفر مظلة الحماية الاجتماعية والتأمينية    أول تعليق من الأب دوماديوس الراهب بعد قرار الكنيسة بإيقافه عن العمل    «قوة الأوطان» موضوع خطبة الجمعة المقبلة    نادي جامعة حلوان يطلق مبادرة «المخترع الصغير» لصقل مواهب الأطفال    مصادر: حلف اليمين للحكومة الجديدة الأحد المقبل    مصر للطيران تسير السبت 19 رحلة جوية.. وأولى رحلات عودة الحجاج من المدينة المنورة    استقرار أسعار عملات دول البريكس في البنوك المصرية    «الداخلية» تواصل المرحلة 26 من مبادرة «كلنا واحد» لتوفير السلع الغذائية بأسعار مخفضة (فيديو)    ارتفاع أسعار الذهب في منتصف تعاملات الجمعة 21 يونيو    المالية: نعمل على ميكنة مقاصة مستحقات المستثمرين ومديونياتهم لدى الحكومة    محافظ أسوان يقدم واجب التعزية لأسر حجاج بيت الله من أبناء المحافظة    قوة إسرائيلية خاصة تحاصر قلقيلية شمال الضفة الغربية    دي بروين يوجه رسالة إلى الشعب البلجيكي قبل مواجهة رومانيا فى يورو 2024    هآرتس: الجيش الإسرائيلى يستعد لإنهاء القتال فى غزة    الصحة العالمية: ارتفاع الحرارة في غزة قد يفاقم الأزمة الصحية    "ملعب كارثي".. هجوم عنيف من مدرب وحارس الأرجنتين بعد الفوز على كندا    وزير الرياضة يطالب الزمالك بخوض القمة والأبيض يرد    التشكيل الرسمي لمباراة أوكرانيا وسلوفاكيا في يورو 2024    الكاف يحسم موعد مباراة السوبر الأفريقي بين الأهلي والزمالك    هل حصل أحمد شوبير على هدايا من تركي آل الشيخ؟.. حارس الأهلي السابق يوضح    لتعويض كروس.. موندو ديبورتيفو: ريال مدريد يدرس التعاقد مع أدريان رابيو    كتلة لهب وسحابة دخان.. حريق هائل يلتهم محول كهرباء في البحيرة- فيديو وصور    وزير التربية والتعليم يشدد على كافة اجراءات انتظام سير لجان الامتحانات    «الصحة»: تسليم كروت المتابعة الطبية ل39 ألفًا و713 حاجًا عقب عودتهم للأراضي المصرية    التضامن تطلق فعاليات النسخة الثانية لمبادرة "الأب القدوة"    أبرز تصريحات أحمد سعد في «سولد أوت».. تحدث عن أزمة الحلق وطلاقه من زوجته الرابعة    القاهرة الإخبارية: 21 شهيدا جراء الاستهداف المتواصل لمناطق متفرقة فى غزة فجر اليوم    بعد إتهامه بالسرقة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يقاضي حسام حبيب    رئيس جامعة القاهرة يبحث مع «منتدى علماء أفريقيا» قضايا تجديد الخطاب الديني والتراث    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    محافظ بني سويف يؤدي خطبة الجمعة بمسجد عمر بن عبد العزيز    الكلب «طاهر أم نجس»؟.. مفتي الجمهورية يحسم الجدل (فيديو)    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الصدر بالزقازيق    بالصور- افتتاح مسجد الرحمة الكبير في بني سويف بعد تطويره بتكلفة 470 ألف جنيه    هكذا يؤثر مرض السكري على أعضاء الجسم    كوريا الجنوبية تحث موسكو على وقف التعاون العسكري مع بيونج يانج    بدائل الثانوية العامة 2024.. شروط القبول بمدارس «القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي»    «الداخلية» تُحرر 169 مخالفة للمحال غير الملتزمة بترشيد استهلاك الكهرباء    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام    اتصالات موسعة لاختيار طاقم تحكيم أجنبي لقمة الأهلي والزمالك    أحمد مات دفاعا عن ماله.. لص يقتل شابا رميًا بالرصاص في قنا    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    رغم تذيله الإيرادات.. المخرج عمرو عرفة: فخور بإخراج فيلم أهل الكهف    طريقة عمل ميني بيتزا، سهلة ومناسبة لإفطار خفيف    وزير الإسكان: جار إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    إسقاط التهم عن طلاب بجامعة كولومبيا اعتقلوا في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    توجيه سعودي عاجل بشأن رصد 40 حالة تسمم في جازان (تفاصيل)    سيولة وانتظام حركة السيارات في القاهرة والجيزة.. النشرة المرورية    عاجل - "قطار بسرعة الصاروخ".. مواعيد وأسعار قطارات تالجو اليوم    أسعار الأسماك اليوم 21 يونيو بسوق العبور    سول تستدعى سفير روسيا للاحتجاج على معاهدة بيونج يانج وموسكو    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    طقس اليوم شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 38    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الردع عن زنى المحارم.. رؤية اجتهادية
نشر في اليوم السابع يوم 28 - 02 - 2019

من أخطر ما يواجه منظومة الأخلاق فى زماننا- وهو ما لم يكن يتصوره العقلاء- زنى المحارم الذى انتشر فى زماننا بشكل كبير مع الأسف الشديد، والأدهى والأمرّ أن بعض فاعليه لا يشعرون بفداحة ما يفعلون، بل يعتبرونه كأنه شىء عادى وحق مكتسب ما دام الطرف الآخر يقبله ولا يرفضه! وكأن جرم الزنى يقتصر على حال الغصب عليه، مع أن جريمة الزنى التى نزل فيها الحد، وعدها الشرع من أقبح الكبائر، لم يُشترط فيها غصب، بل هى كبيرة شديدة الاستقباح كيفما وقعت، سواء مع الرضا أو الغصب، وإن كان الغصب أقبح بطبيعة الحال.

وزنى المحارم هو الأقبح على الإطلاق بين جرائم الزنى، وقد اختلفت كلمة الفقهاء حول عقوبة فاعله؛ حيث يرى جمهورهم أن الفاعل يعاقب بالعقوبات المقررة لجريمة الزنى، وهى رجم المحصن وجلد غير المحصن، فى حين يرى بعض الفقهاء، ومنهم ابن حزم الظاهرى، والحنابلة فى رواية، أن زنى المحارم يختلف فى عقوبته عن الزنى بين غير المحارم؛ حيث يجعلون عقوبة زنى المحارم قتل الطرفين من دون نظر إلى إحصان الفاعل من عدمه، وقتل الفاعل عندئذ يكون كقتل غيره من مرتكبى الجرائم المهدرة للدم وليس بالرجم، ويستدلون على ذلك بما رُوى عن البراء بن عازب قال: «رأيت عمى ومعه راية، فقلت: إلى أين تذهب؟ فقال: أرسلنى رسول الله إلى رجل أعرس بامرأة أبيه أن أقتله وآخذ ماله»، وقد استنبطوا من هذا الحديث عدم التفريق بين المحصن وغير المحصن فى جريمة زنى المحارم؛ لأن القتل كان بالسيف، فتبين أن جريمة زنى المحارم لا تجرى على قاعدة عقوبات الزنى بين غير المحارم، ولا يخفى أن هذا الحديث الوارد فى الزانى بزوجة أبيه لا يختص بها، بل إن مَن زنى بأمه أو أخته أو غيرهما من محارمه أحق به.

وللفقهاء تفصيل فى بيان نوع قتل الفاعل فى هذه الحال، هل هو قتل حد أو قتل كفر، والراجح أنه قتل حد، ولا يكفر فاعله إلا إذا فعل ذلك مستحلًّا له؛ لأنه عندئذ يكون معارضًا لشرع الله ومنكرًا لمعلوم من الدين بالضرورة، وهو تحريم المحارم بعضهم على بعض بعقد أو من دون عقد، فلم يفرق الفقهاء بين كون زنى المحارم واقعًا فى ظل عقد زواج أو من دونه؛ لأن عقد النكاح فى هذه الحال باطل لم ينعقد أصلًا، بل إن فعل ذلك بعد عقد أشد قبحًا؛ لكونه جمع إلى تحريم الفعل تحريم الإقدام على عقد محرم بنص قطعى فى كتاب الله؛ حيث يقول تعالى: «وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم»، وفى ذلك يقول ابن القيم: «فوالله ما رضى له بحد الزانى حتى حكم عليه بضرب العنق وأخذ المال، وهذا هو الحق المحض؛ فإن جريمته أعظم من جريمة مَن زنى بامرأة أبيه من غير عقد، فإن هذا ارتكب محظورًا واحدًا، والعاقد عليها ضم إلى جريمة الوطء جريمة العقد الذى حرمه الله، فانتهك حرمة شرعه بالعقد، وحرمة أمه بالوطء»!

ويدرك العقل السليم الحكمة من هذا التفريق بين زنى المحارم وغيره؛ فجريمة الزنى بين غير المحارم يقع الفعل فيها من دون المسوغ الشرعى المتمثل فى عقد النكاح الذى لو وقع الفعل تحت مظلته لكان عبادة ولم يكن كبيرة من الكبائر، أما زنى المحارم فهو أشد قبحًا- وإن كان الفعل مماثلًا للفعل فى غيره- وذلك لأن العقد لا يحله؛ فمعلوم أن الزواج ممتنع بين المحارم، بالإضافة إلى أن الطباع السليمة تنفر منه، ولا تقوى على مجرد التفكير فيه، فضلًا عن فعله، بخلاف الزنى الواقع بين غير المحارم، فإن النفس البشرية ربما تشتهيه ولكنها تمتنع عنه تجنبًا للحرام، ومن المعلوم أن الفعل كلما زاد قبحه العقلى ناسبه زيادة العقوبة عن مماثله الأدنى قبحًا، وهذا هو سبب التفريق بين عقوبة المحصن وغير المحصن فى الزنى بين غير المحارم.

وقد أحسن المشرعون القانونيون حين جعلوا الإعدام عقوبة المغتصب من دون نظر إلى الإحصان؛ لما فى الغصب على الزنى من زيادة قبح؛ حيث إنه يجمع إلى قبح الفعل قبح استخدام القوة التى تخرجه عن دائرة العقوبة المقررة فى حال الرضا، وقد أحسنوا مرة أخرى حين جعلوا العقوبة كذلك إذا كان المغتصبون جماعة وليس شخصًا واحدًا؛ فتعميم العقوبة على المشتركين فى جريمة واحدة مبدأ شرعى له تطبيقات فى تراثنا الفقهى، فلو اشترك جماعة فى قتل رجل واحد قُتلوا به جميعًا، كما فعل سيدنا على بن أبى طالب حين قُتل رجل باليمن واتُّهم فى قتله جماعة، فلما سألهم قالوا: كلنا قتلناه. قال: كلكم قتلتموه؟ قالوا: نعم. فأمر بقتلهم جميعًا وقال: «لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به». ومن ثم، فإنه إذا كان القتل جزاء المغتصب واحدًا كان أو أكثر، ولو كان بين غير المحارم؛ فإن جعله عقوبة للزانى بمحرم أوجب، ولا فرق فى ذلك بين كون الزنى غصبًا أو بالتراضى؛ لكون الجريمة فى ذاتها فى أعلى درجات الاستقباح، فضلًا عن وجود دليلها الخاص من السنة النبوية المطهرة.

وإذا كنا فى إطار البحث عن حل يمكن تطبيقه فى ظل التشريعات المعمول بها، فإننى أرى مجتهدًا أنه من المناسب جدًّا تعديل التشريع لتكون عقوبة زنى المحارم كعقوبة المغتصب، وهى إعدام فاعله سواء كان ذلك برضا الطرف الآخر أو غصبًا، أو كان فى ظل عقد أو من دونه، ولا سيما أن تشديد عقوبة الاغتصاب، من وجهة نظرى، كان له تأثيره البالغ فى الردع؛ حيث إن جرائم الاغتصاب أقل كثيرًا عن حالات الزنى الرضائى، وما ذاك إلا لقوة الجزاء الرادع عن الفعل فى حال الاغتصاب، وإذا كان هذا العلاج التشريعى ضروريًّا للحد من هذه الجريمة النكراء؛ فإن علاجًا أهم يجب أن يركز عليه العلماء، وهو تبنى مواجهة هذه الظاهرة فى البرامج الدعوية ببيان فداحة هذا الجرم ومخاطره فى الدنيا والآخرة، كما يلزم أن تتضافر جهود الكتاب وعلماء النفس والاجتماع وأهل الفن وخبراء المناهج، لوضع رؤية شاملة تعالج هذه الظاهرة التى لا تناسب أى مجتمع، ولا سيما المجتمعات التى تتبع ديانات سماوية وشرائع واضحة المعالم، وفى مقدمتها ديننا الإسلامى وشريعته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.