على مدار 37 عاما، خيم الهدوء على الحدود بين إسرائيل وسوريا رغم أنهما فعليا فى حالة حرب، وظلت هادئة كما لو أنها ضمن الحدود العربية الموقعة على اتفاق سلام، غير أن الأوضاع تغيرت كثيرا أمس، الأحد، عندما اندلعت موجة من الاضطرابات فى الجولان، الأمر الذى يبشر بمرحلة جديدة من الانتفاضة ضد الرئيس السورى، بشار الأسد ويهدد شبكة العلاقات الدولية التى يحاول صنعها. وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية فى تحليل إخبارى لها إن كلا من إسرائيل وسوريا ألقيا بطائلة لوم سفك الدماء على بعضهما، فالجنود الإسرائيليون قتلوا أربعة أشخاص فى الوقت الذى اجتاح فيه المئات الحدود، ولكن الرسالة كانت غاية فى الأهمية، إذ إن الحكومة السورية، التى تتحكم فى الدخول إلى الحدود، سمحت للحشود بالدخول إلى مكان أعلنت أنه آمن ولا يمكن الوصول إليه. ولأول مرة خلال فترة حكمه المستمرة منذ 11 عاما، أظهر الأسد لإسرائيل والمنطقة والعالم أنه للتصدى لثورة فرضت أكبر تهديد حتى الآن على حكمه وحكم عائلته المستمر منذ أربعة عقود، سيوجه دفة البلاد نحو الحرب للبقاء فى السلطة. ومضت "نيويورك تايمز" تقول إن قليلين هم من شككوا فى إخلاص اللاجئين الفلسطينيين الذين تدفقوا إلى الحدود، فاليوم الذى أعلنت فيه إسرائيل لا يزال يمثل جرحا غائرا فى النفسية الفلسطينية، فضلا عن أن ثورات الربيع العربى ألهمتهم للاحتجاج، ولكن كما هو الحال غالبا فى السياسة العربية الحديثة، وجد الفلسطينيون أنفسهم فى صراع ساخر يحتوى على السلطة والبقاء والردع، فى الوقت الذى تخاطر فيه كل من إيران وإسرائيل وتركيا والولايات المتحدة ببقاء حكومة فقدت شرعيتها، وهى الحكومة السورية، باستثناء أنها قوة تعبر عن مفهوم الاستقرار. ونقلت "نيويورك تايمز" عن رضوان زيادة، وهو منشق سورى وباحث فى جامعة جورج تاون، قوله "هذه رسالة من الحكومة السورية لإسرائيل والمجتمع الدولى مفادها إذا عكفتم على الضغط علينا، فسنشعل الحدود مع إسرائيل." وحملت هذه الرسالة مخاطر عميقة لمنطقة مشتعلة بالأساس، فإسرائيل ينظر إليها بأنها تفضل حكومة الأسد عن بديل من شأنه أن يقوى شوكة الإسلاميين. ورأت الصحيفة أن سوريا غير قادرة على الإطلاق على شن حرب الآن، لاسيما وأنها غير مسلحة جيدا ومهملة، وتعانى من ثورات عارمة فى شتى أنحائها.