بدأ العام الدراسى ورجع المرور القاهرى إلى سابق عهده: زحام وهرجلة وشوارع جاثمة على ظهورها لا تتحرك. طلبة مدارس ومعاهد وجامعات يتسابقون للذهاب معرفش فين طول النهار قال إيه من أجل أن يتعلموا فى أماكن أساساً القائمين عليها متخلفين. المهم متى هى إذن مواعيد الدراسة والعمل والتسوق والفرجة على مسلسلات التليفزيون البايخة والنوم؟ الحقيقة أنها متداخلة أثناء النهار بكل تأكيد، وفى جزء من الليل، فوق كوبرى أكتوبر قبل منزل التحرير. والنتيجة: الشعب المصرى كله فى الشارع فى وقت واحد. إذا لا أحد يشتغل وكل الناس تهيم فى الشارع. وبعدين نخاف على سمعة مصر؟ أستحرم الجهد والحبر والورق الذى نستخدمه لعمل تقارير صحفية عن الاختراع اللى اسمه شنطة الإسعاف التى يجب أن تكون فى كل سيارة. فهناك قضايا أكثر أهمية من هذا الموضوع التافه. لكن اللى فيه داء.. ربنا يكون فى عونه! شنطة الإسعاف. اشمعنى؟ طالب وزير الصحة بإلغائها (الأهرام 21/9/2008). ألم يكن هو الذى اقترحها منذ البداية؟ أم أن لإدارة المرور خبراء أعلى شأناً من وزير الصحة نفسه؟ يعنى هل يوجد فى البلد شخصية صحية كبيرة عرفت تمشّى كلامها على كلام د.حاتم الجبلى؟ ابن مين فى مصر؟ فى الأهرام برضه، نشر تقرير بأنه ستتقدم إحدى الجهات الأمنية بطلب للبرلمان لإلغاء المخالفات المرورية على عدم وجود الشنطة. انظروا معى كيف تكون مصر (يا عبلة!): المرور يسن قانوناً تكون فيه الشنطة إجبارية. ويذهب القانون إلى مجلس الشعب فيوافق عليه الأعضاء. ثم تتراجع الجهات المرورية عن الطلب، وتسأل مجلس الشعب إلغاء العقوبة لتكون الشنطة "اختيارية" مش "إلزامية". قصده يعنى: نفتح الشباك ولا نقفل الشباك؟ قسم الرعاية العلاجية بوزارة الصحة هو الذى وضع مواصفات شنطة الإسعاف: الملاية المفزلنة اللى بتنشف بعد كام يوم، أنبوبة التنفس الصناعى التى تسمى "إير واى" (والتى تدرب على استعمالها جيداً عم سيد سائق المقطورة وهو لا يعرف القراءة والكتابة). أما أحلى نكتة فى الموضوع كله أن الخبراء طلبوا وجود بكرة شاش سمكه 10 سم. يا دكاترة .. يا خبراء .. يا هو .. هو فيه شاش فى الدنيا "سمكه" 10 سم؟ الحكومة ذكية للغاية .. لقد طلبت منا شراء حقائب إسعاف لتوفر على نفسها مصاريف شنطة الإسعاف بتاعتها. أيوة .. الدولة نفسها ليس لديها شنطة إسعاف ولم يكن لديها رباط الكسور عندما انهارت أحجار الدويقة، ولم يكن لديها شاش مفزلن لحروق مجلس الشورى. يا دوب بقى عندها كام سيارة إسعاف! عقبال ما يبقى عندها حاجات جوة خيم الإنقاذ الفاضية اللى موجودة فى طرق السفر كل 50 أو 60 كيلو، وعقبال ما يبقى عندها مستشفيات تعالج بجد. وفى صحتكم جميعا!