صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة سلسلة آفاق عربية كتاب "رسائل أوديسيوس" مختارات شعرية للشاعر السورى نورى الجراح من دواوين "كأس سوداء" و"طفولة موت" و"صعود أبريل" و"حدائق هاملت" و"طريق دمشق" و"الحديقة الفارسية". يقول الناقد خلدون شمعة، فى مقدمته عن هذه المختارات، إنها تصدر عن شعرية وجود وكينونة شعرية خصام مع الذات لا مع الغير، ولهذا فإنها تتجلى فى الانفتاح على أفق لا تقيده التنظيرات المسبقة. وهو ما يطرح ما يمكن أن يسمى بالحداثة الثالثة أى الحداثة المتحررة كلياً من أنظمة الكلام والعروض والتفعيلة والإيقاع. ورغم المؤثرات الغربية التى يحفل بها شعر الجراح، إلا أنه يظل شعراً عربياً، ويتسع كذلك لكل الميراث الثقافى المصرى والبابلى واليونانى. ويستعير الجراح مجموعة من الرموز والشخصيات الأسطورية مثل شخصية أودسيوس أو عوليس، بطل ملحمة هوميروس الشهيرة "الأوديسة"، ويستخدمه كوسيلة لتحريك سلسلة من التداعيات التى تعبر عن الغربة ومفهوم الرحلة والاغتراب. فيقول الشاعر فى قصيدة "أنشودة الراجع من الكهف": جاءت ريح عاصف والموج جاء يضحك لم نسمع ولم نر إلهى من ضرب على آذاننا كل هذا الوقت من ألهم الغضب الصبر فينا وطير أسماءنا فى اللفائف جاءت ريح عاصف والموج بلغ فم الكهف نهضنا من تراب الأمس نهضنا بما ملكنا صفير الريح وما أودع البرق فى محاجرنا نهضنا من عتمة ورأينا فى الشقوق الصخر نورَ العاصفة لكن السماء سكرى، تلقتنا بالزورق لننزل بالراحة الفارغة وننزل بالدرهم القديم لنطوف على من مات غداً... من قال أنه رأى النقش وجهُ أصغرنا، أماه فى أى هاوية تنامين، والخال ذو الأكتاف، هل كان له تحت قوس السوق ظلٌُ هل رجع الميزان؟ أصغرنا تركناه فى المدينة وتركنا فى عهدته قمحاً ودعناه بالأكباش وودعناه بالرنين ولم تلفّت رأينا فى يديه الغياب. يذكر أن الشاعر نورى الجراح من مواليد دمشق عام 1956، وله مجموعة من الدواوين الأخرى مثل "مجاراة الصوت" و"نشيد الصوت"، وصدرت أعماله فى مجلدين عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.