◄◄ «الآثار» تصدر تقريراً يؤكد ما انفردنا به.. وشباب الأثريين بالفيوم يرسلون نسخاً من كل ما نشر بالجريدة والموقع الإلكترونى ل«اليونسكو» مطالبين المنظمة بالتدخل لحماية الآثار فضيحة مدوية جديدة شهدتها منطقة اللاهون الأثرية بمحافظة الفيوم، متمثلة فى قيام بعثة الحفائر بالمنطقة بردم المقابر الأثرية المكتشفة منذ عام 2008، والتى لم تسجل حتى الآن، وذلك بعد فتح «اليوم السابع» ملف الفساد والإهمال الجسيم الذى تشهده المنطقة، بنشرها تقارير البعثة منذ عام 2008 حتى الآن، والتى تفيد باكتشاف 54 مقبرة أثرية، تحتتوى على عدد كبير من المومياوات والتوابيت اكتشفت منذ عام 2008، ولم تسجل على الفور طبقا للقانون، وهو ما عرضها للسرقة والتلف والتعفن، وكذلك قيام بعثة الحفائر بالمنطقة بمخالفات تمثلت فى العمل فى أكثر من مقبرة فى وقت واحد، والسماح للقنوات الأجنبية بتصوير المقابر دون تحصيل رسوم التصوير، وهو التحقيق الذى آثار ضجة كبيرة داخل وزارة الدولة لشؤون الآثار، وتبعه ردود أفعال واسعة أهمها قيام الدكتور محمد عبدالمقصود، مدير عام إدارة وجه بحرى الأثرية، بتقديم بلاغ للنائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، ضد العاملين ببعثة الحفائر بالمنطقة، متهمها إياهم بالإهمال الجسيم، وقد استعان عبدالمقصود فى البلاغ بصورة من تقارير البعثة منذ عام 2008، كما استعان بصورة من التحقيق المنشور فى العدد الماضى من «اليوم السابع»، وهذا ما دفع الدكتور زاهى حواس، وزير الدولة لشؤون الآثار، لتشكيل لجنة أثرية برئاسة عاطف أبوالدهب، رئيس الإدارة المركزية لآثار القاهرة والجيزة، لمراجعة تسجيل وتوثيق كل الآثار المكتشفة فى المنطقة منذ عام 2008. تقارير البعثة تؤكد وقوع مخالفات جسيمة من العاملين ببعثة الحفائر بالمنطقة، وهى المخالفات التى تتحدث عن نفسها فى المنطقة، فالمقابر فى حالة سيئة جدا، وجميعها مفتوح، ولا يوجد بها بوابات أو حراسة، وحالتها من الداخل أسوأ ألف مرة من خارجها، حيث يوجد عدد من الكلاب النافقة، وهناك مقبرة بداخلها ثعلب ميت أكل جزءا من مومياء، هذا بالإضافة لوجود عدد من المومياوات المتعفنة نتيجة تغير الظروف المناخية بعد اكتشاف المقابر وتركها مفتوحة فى الهواء معرضة للظروف المناخية المختلفة، أما التوابيت فحالها لا يختلف كثيرا، فمعظمها مكسور ومهشم مكانه داخل المقابر، وهناك توابيت مكسورة تماما، وخشبها مجمع، مثل أكوام الزبالة، كما توجد مجموعة من التوابيت الأخرى تركها العاملون بالبعثة لعوامل التعرية وضوء الشمس وحرارتها، دون ترميم أو تسجيل، وهو ما أدى إلى تغير ملامحها وضياع ألوانها ونقوشها الأثرية، وهناك تابوت عليه «عش حمام» اتخذ من التابوت بيتا له حيث باض وفقس عليه. هذه هى الحالة التى كشفتها تقارير اللجنة الأثرية التى شكلها حواس، فقد أكدت اللجنة فى تقريرها الذى حصلت «اليوم السابع» على نسخة منه أن المقابر من الداخل يوجد بها عدد من المومياوات شبه متحللة، ومجموعة توابيت مكسورة وأخرى سليمة، وتابوت موجود به خمسة توابيت أخرى، وعدد من الكلاب الميتة، وداخل المقبرة توجد فتحة توصل إلى مقبرة أخرى، بداخلها عدة توابيت من الفخار، بعضها سليم وبعضها مكسور، كما توجد توابيت أخرى سليمة بها مومياوات سليمة، من ضمنها واحدة تشبه صورة المومياء التى نشرت فى الجرائد فى ديسمبر 2010، وقيل إنها سرقت، لكن المومياء كانت بحالة سيئة جدا نتيجة تركها لعوامل التعرية، لكن المفارقة أن هذه المومياء لم تكن موجودة فى المقبرة نفسها التى أعلن أن التابوت سرق من داخلها، أما المقبرة محل السرقة فكان بها عدد من التوابيت من ضمنها تابوت لطفل صغير، وتابوت آخر من الخشب بداخله تابوت آخر، والاثنان يشيران إلى أنهما يخصان سيدات، وبفتح التوابيت وجد رجل داخل التوابيت، وليست سيدة، وهنا أبدت اللجنة ملاحظة فى تقريرها وهى أن عدد التوابيت داخل هذه المقبرة يتساوى مع عدد المومياوات، لكن من الواضح أن بعض المومياوات نقلت من مقابر أخرى لهذه المقبرة، أو أخرجتها البعثة وصورتها بمقبرة أخرى ثم أعادتها مرة أخرى. وطالبت اللجنة فى تقريرها الدكتور عبدالرحمن العايدى، رئيس بعثة الحفائر فى المنطقة، بتقديم كل تقارير الكشف المبدئى للمنطقة منذ عام 2008، والصور الخاصة بالكشف، وصورة من تقارير المرممين وأخرى من كشف تسليم المومياوات وصورة من بلاغات السرقة التى كشفت، كما طالبت اللجنة الدكتور زاهى حواس، وزير الدولة لشؤون الآثار، بضرورة تشكيل لجنة عليا من كبار المتخصصين فى ترميم المومياوات والتوابيت، لعمل تقرير مفصل عن حالة التوابيت والمومياوات بالمنطقة، وقدمت اللجنة تقريرها لحواس الخميس الماضى، فقام على الفور بتقديم بلاغ للنائب العام باسمه أرفقه بتقرير اللجنة، وطالب بضرورة التحقيق مع كل العاملين بالمنطقة والمسؤولين عن الحالة التى وصلت إليها، فى الوقت ذاته قامت مجموعة من الأثريين بمنطقة اللاهون بإرسال نسخة من كل الموضوعات والصور المنشورة بجريدة «اليوم السابع» وموقعها الإلكترونى، خلال الأسبوع الماضى، حول المنطقة إلى منظمة اليونسكو، مطالبين المنظمة بضرورة التدخل لحماية المنطقة الأثرية، مؤكدين أن الآثار المكتشفة بها كانت كفيلة بإقامة أعظم متحف للمومياوات. حالة الإهمال الجسيم فى المنطقة واضحة وتتحدث عن نفسها، أما حالات السرقة فلا يمكن حصرها لأن هذه الآثار لم تسجل، وبالتالى فإن سرقة أى قطعة منها يعنى ضياعها للأبد، وقد أعلنت المنطقة آخر العام الماضى سرقة مومياء من المنطقة، ولا يعلم أحد هل هذه هى حالة السرقة الوحيدة أم هناك حالات أخرى لا يعلمها أحد، خاصة أن هناك توابيت فارغة لا يوجد بها مومياوات، وعدة توابيت أخرى داخل بعضها، ومومياوات خارج التوابيت، وتوابيت مكسورة لا يمكن معرفة عددها، ومومياوات نقلت من مكانها، وهذه هى الحالة التى سيبدأ النائب العام التحقيق فيها، وهو ما أكده التقرير، لكن ما لم يقله التقرير هو ما مدى احتمال وجود سرقات لمومياوات أو منقولات أثرية فى مقابر أخرى غير التى تم الإبلاغ عن وجود حالات سرقة بها، فالتقرير استدل على عدم وجود سرقات بتطابق عدد المومياوات مع التوابيت داخل مقبرة واحدة، لكن ما الذى يضمن عدم وجود سرقات أخرى فى مقابر أخرى، وما الذى يضمن ألا تكون حدثت سرقات لمومياوات بتوابيتها فى كل المقابر المكتشفة بالمنطقة، خاصة أن التقرير يثبت وجود تلاعب فى أماكن وضع المومياوات، ما يشير إلى أنه من الممكن أن تكون قد تمت سرقات بالفعل وتمت التغطية عليها بشكل عشوائى، نتجت عنها هذه الحالية المتردية التى وصلت إليها المنطقة. وما الذى يضمن أن هذه المومياوات لم تنهش ويسرق ما بداخلها من ذهب؟ فالمعروف أن الفراعنة كانوا ينزعون قلب المتوفى ويضعون مكانه ذهبا، وفى ظل هذا الإهمال المتعمد من جانب المجلس الأعلى للآثار سابقا والوزارة حاليا ما الذى يدرينا أنه لم يتم اكتشاف مقابر أخرى فى هذا الموقع ولم يتم الإعلان عنها؟ وما الذى يضمن أن اللصوص لم يقوموا بعمل حفائر لحسابهم الشخصى فى تلك المنطقة فى ظل غياب المسؤولين أو تواطئهم وتعمدهم ترك هذه الكنوز بلا حارس للدرجة التى تجعل حمامة تدخل إلى المقابر وتبنى عشا وتبيض فى سلام وأمان، وهذه الأسئلة هى ما ننتظر أن يجيب عنها تحقيق النائب العام الذى نناشده سرعة إجراء التحقيقات والتحفظ على المتسببين فيها قبل أن تصبح الكارثة كوارث.