◄◄ لاشين يرى أن مصر شهدت أطهر وأنقى استفتاء فى تاريخها لأن ثقافة المصريين تغيرت بعد الثورة مر الاستفتاء على التعديلات الدستورية برداً وسلاماً، حيث لم تسجل أقسام الشرطة بجميع مديريات الأمن على مستوى الجمهورية أى مشاجرات أو مشاحنات بين المواطنين من خلال المحاضر الرسمية، وفوجئ الجميع باختفاء البلطجية و«هتيفة» الانتخابات من المشهد تماماً، فى حين أن النظام كان سيد الموقف، وبالرغم من أن «طوابير» المواطنين امتدت لتصل إلى كيلومترات خارج اللجان، كما حدث فى مدينة الشيخ زايد بأكتوبر، فإن صبر المواطنين لم ينفد، وأصروا على الوصول إلى صناديق الانتخابات، وخلال هذه الرحلة الشاقة التى استغرقت ساعات تحت أشعة الشمس لم تحدث أى مشاحنات أو مشاجرات، على النقيض تماماً مما حدث خلال استفتاءات وانتخابات مصر طوال ربع القرن الأخير، كان أبرزها انتخابات 2010 الأخيرة التى شهدت العديد من المجازر والمذابح، وسقط فيها العشرات من القتلى والجرحى، وكان البطل فيها البلطجية الذين استأجرهم المرشحون لحسم الأمور لصالحهم، بالإضافة إلى ميليشيات أمن الدولة التى أشعلت المعارك أمام اللجان الانتخابية، وأثارت الرعب فى قلوب المواطنين، من أجل حسم المعركة لصالح مرشحى الحزب الوطنى. لم يكن غريبا أن يهتف المواطنون يوم السبت عقب الإدلاء بأصواتهم فى جو ملىء بالنزاهة مرددين: «واحد اتنين.. البلطجية فين؟» وقالوا إنهم لم يتذكروا أى انتخابات برلمانية أو استفتاءات تجريها الحكومة دون أن تقترن بوجود البلطجية خلال الثلاثين عاماً الماضية، ولم يخطر على بالهم يوما أن سقوط جهاز أمن الدولة، وتردى الوضع داخل الحزب الوطنى، يعنى اختفاء دولة البلطجية من الانتخاب. اللواء حسام لاشين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، يرى أن مصر شهدت أطهر وأنقى استفتاء فى تاريخها، حيث أدلى المواطنون بأصواتهم بحرية تامة، ولم تفزعهم أصوات البلطجية، ولم تهددهم الأسلحة البيضاء التى طالما اصطحبوها معهم لإرهاب المواطنين، لافتا إلى أن إقصاء جهاز أمن دولة منذ أيام كان يعنى سقوط دولة البلطجية التى هددت حرية المواطنين ردحاً من الزمان، وأجبرتهم على السير فى درب اختارته الحكومة لهم، حيث إن السير فى المخالف يعنى الموت ب«مطواة» البلطجى، وأوضح لاشين أن البلطجية ارتفع سعرهم فى الآونة الأخيرة، وأصبحوا سلعة غالية الثمن بعدما حظوا بمساندة جهاز أمن الدولة الذى استعان بهم لحسم جميع معاركه. وأضاف لاشين أن المشهد كان خالياً من البلطجية لعدم وجود التوجه الحزبى أيضاً، ولأن ثقافة المصريين نفسها تغيرت بعد الثورة، فأصبحوا لا يبالون ببلطجية الحزب الوطنى أو رجال أمن الدولة المندسين، ومن ثم بات وجود البلطجية شيئاً مستحيلاً فى ظل هذه الظروف، كما أن الاستفتاء لم يكن على شخص بعينه يختلف الناس عليه. وأكد اللواء فاروق المقرحى، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن الاستفتاء لا يوجد به تنافس بشرى حتى يتم استئجار البلطجية، وأن أصحاب المصالح الخاصة قد اختفوا بعد الثورة، ومن ثم أصبح وجود البلطجية لا فائدة منه، لافتاً إلى أن المرشحين فى المدن الكبرى كانوا يلجأون إلى استئجار البلطجية لضمان نجاحهم فى الانتخابات البرلمانية.