إن المتابع لأمور الشعب المصرى الآن يلحظ جليا الانقسامات التى وقعت بين أطيافه، تلك الأطياف التى لولا اتحادها فى ميدان التحرير وتكاتف سواعدهم لما استطاعت إنجاح هذه الثورة. فى ميدان التحرير أعطينا درسا لأنفسنا قبل غيرنا بضرورة الاتحاد وتقبل الآخرين تكاتفت جميع الأطياف بصدق: - جميع الطوائف الدينية: فلقد تواجد هناك مصريون من جميع المذاهب الدينية. فالمسيحى بجوار المسلم بجوار البهائى . الدينى بجوار اللاديني. لم يمتعض طرف من وجود طرف آخر . - جميع الفئات الاقتصادية والاجتماعية فكانت هناك مجموعات شباب متعلم ومثقف بجوار أناس بسطاء ربما أميون ومعهم فلاحون بجوار مثقفين وأصحاب أعمال ورؤساء مصالح وموظفين وعمال. وبعد النصر الجماعى الاتحادى الشمولى، انقسم الشعب المصرى بشكل أشد ضراوة، ربما لأننا لم نتعلم ثقافة الاختلاف وتقبل الآخر واحترامه. فبعد النصر ذهبت كل فئة لفرض إرادتها وتجريح الآخر بل وتخوينه. لماذا لا نتعلم أن الاختلاف لا يفسد للود قضية ؟ لماذا لا نشرع فى تثقيف أنفسنا بأن لكل طرفين متناقضين منطقة وسطى ترضيهما ؟ لماذا يجب أن ينتصر طرف واحد على جثة طرف آخر يبوء وحده بالخسارة ؟ لماذا هذه النظرة الذاتية الأحادية ؟ أخشى من ظهور عيوب الديمقراطية عند بزوغها فى مجتمع لم يتعودها وهى شيوع الفوضى والتحالفات الانتهازية والانقسامات والاستبداد بالرأى والتعسف فى استخدام الحق. فلنعلم جميعا أنه من حق كل مواطن التعبير عن رأيه وأن واجبنا حماية أصحاب الرأى المخالف لنا، لأن هذه هى الحضارة. إذا خالفتنى فى الرأى، سأحترمك وأحمى حريتك فى التعبير عن رأيك والاعتراف بأنك من حقك أن تختلف معى لأنه لا استبداد بالرأى منذ 25 يناير. إذا لم تقم الحكومات السابقة وأولى الأمر سابقا بتهذيبنا وتدريبنا على الديمقراطية بل وحماية تلك الديمقراطية والحريات من المستبدين منا، فكلى يقين بأننا يمكننا تثقيف أنفسنا وتدريب ذواتنا على هذا الأمر كما فعلنا كشباب فى ميدان التحرير. ولنتذكر جميعا أنه لم يكن لطائفة واحدة أن تنجح الثورة لولا وجود الطوائف الأخرى معها فى اتحاد صادق ومخلص. فميدان التحرير اتسع لكل هؤلاء المواطنين بما فاق خيالنا و لولا رحابة صدر هذا الميدان الشامخ و اتساعه على ضيق مساحته لضم كل هذا الزخم البشرى لما انتصرنا. فلتتسع صدورنا يا شباب كما اتسع لنا ميدان التحرير. و ليكن شعارنا منذ الآن "الآخر ليس جحيما" بل "الآخر يضحى شريكا".