لان الناس فى مصر لم تكن تحلم أبدا بتفجير ثورة من أى نوع تغير من الواقع المؤلم.. ولأن الجميع بلا أى استثناء من أى نوع أيضا كانوا يتوقعون أن تنجح ثورة ضد واحد من أبرز الأنظمة البوليسية فى العالم.. فإن نجوم المجتمع المصرى لم يفكروا كثيرا عند اتخاذ قرار الاختيار بين الثورة والنظام.. فالذين ولدوا وطنيين بالفطرة ولديهم دائما حاسة الاستشعار نحو الثائرين الراغبين فى التغيير قرروا على الفور الالتحام بالثورة الشبابية فى ميدان التحرير وليس فقط خلف أبواق الإعلام.. أما الذين تعودوا على حساب خطواتهم والتدقيق فيها بحكم شعبيتهم وجماهيريتهم، فقد انساقوا وراء الانطباع العام بأن قوة القمع فى الدولة اكبر من قدرة أى انتفاضة على النجاح ولم تكن لديهم أى نية لمراجعة هذه الانطباعات فافاضوا فى الإمساك بالعصا من الوسط فى إيحاء شديد المباشرة نحو دعم النظام لكن بأسلوبين مختلفين.. أسلوب العداء الصريح لأهداف الشباب من ثورتهم واللغة التى استخدموها وبدت أمام أعينهم خروجا عن أخلاقيات التعامل مع أولى الأمر لدرجة أن فنانة معتزلة هى شمس البارودى كانت نموذجا مصريا للتوبة غير قابل للنقاش خرجت فى مداخلة تليفزيونية لتلعن سلوك تحدى الأبناء لوالدهم حسنى مبارك.. فيسمعها الشعب مندهشا ومذهولا.. بينما الزعيم عادل إمام يتحرك فى مراكز ساحة الثورة كاللاعب الجوكر فى فريق كرة مفترضا أن الشعب ينسى سريعا ولن يتذكر له انحيازه السافر لاصدقائه فى مؤسسة الرئاسة. والأسلوب الثانى كان ضد أهداف الثورة وضد الشباب أنفسهم فى آن واحد مثلما فعلت نجمة أحبت دائما أن تربط اسمها بالجماهير وهى نادية الجندى التى وجهت كلاما جارحا إلى الثوار الشباب.. وبين هذين الصنفين ظهر صنف آخر التزم الصمت رغم أن أصحابه حددوا فى قرارة أنفسهم إلى أى طرف ينضمون لكنهم اخفوا ذلك وانتظروا وهم فقط الذين حاولوا قراءة الأحداث بشىء من التفكير. هذا عن الفنانين.. أما الرياضيون فكان المشهد بالنسبة لهم أكثر وضوحا ربما لانهم اقل ثقافة ووعيا بشئون السياسة.. أو لأن النجوم منهم شريحة منتفعة من نظام أغدق عليهم ماليا وأدبيا.. ولذلك لم يكن غريبا أن يظل محمد أبو تريكة أكثر النجوم شعبية جالسا فى البيت 17 يوما وتحت ضغوط شديدة ذهب إلى ميدان التحرير لمدة نصف ساعة ليظهر فى الصورة ثم يجرى مسرعا إلى نادى الصيد وكأنه أراد أن يسجل موقفا عابرا يرضى به جماهيره ولا يغضب به النظام.. ومن المفارقات العجيبة الغريبة أن تخرج مجلة الأهلى بحديث مطول مع النجم أبوتريكة تتصدره عناوين مثيرة وكأن أبو تريكة زار ميدان التحرير فى 30 دقيقة ليفجر ثورة وهذا تضليل تعودت عليه الصحافة الرياضية التى يجب أن تغير فكرها الآن وتتخلى عن "التسطيح" التى أضرت به شباب مصر. ولأن المنتخب الوطنى يجب أن يكون اسما على مسمى فى الوطنية.. واجه حسن شحاتة المدير الفنى ومساعدوه سخطا عارما وهم يقودون مظاهرة تأييد مبارك ويحرضون أصدقاءهم على المشاركة رغم أن المنتخب الوطنى بحكم تمثيله لمصر وارتباطه الوثيق بمشاعر الشعب يعتبر كيانا يملكه جميع المصريين بما يتطلب ذلك من حيادية لجهازه ونجومه.. إلا أن شحاتة تحركت مشاعره علنا ومعه كابتن المنتخب أحمد حسن الذى هاجم الثورة مباشرة فى التليفزيون.. وما صاحب ذلك من رؤية نجوم يسيرون فى مظاهرة إجهاض الثورة لتقودهم الحسابات الخاطئة إلى القائمة السوداء التى كان يجب أن تقتصر على أعداء الشعب الذين دخلوا جنة النظام. هذه الحسابات الخاطئة التى أزالت الأقنعة وضعت نجوم الفن والرياضة فى مأزق شديد الضخامة سوف يستمر معهم حتى نهاية عمرهم مهما حاولوا تجميل الصورة أو الرهان على الوقت لكى تنسى الجماهير مواقفهم.. وهذا مستحيل فى حسابات حدث ضخم جدا غير قابل للنسيان.. وتقريبا هو نفس المأزق الذى وقعت فيه قيادات المؤسسات الصحفية والذين يختلفون فقط فى كونهم يملكون ألة تجميل الصورة ويظنون أن هذه الآلة – بحكم التجارب السابقة – قادرة على التضليل .. وهم لا يعرفون أن الواقع الجديد سوف يهز أركان الصحافة المصرية وينزل بها إلى سوق تنافسية رهيبة ربما تؤدى إلى إختفاء إصدارات مهمة .. وهى قضية كبيرة سوف أتناولها بالكتابة فى مقال قادم.