ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن أقوى حركة معارضة فى مصر، "الإخوان المسلمين" قررت عدم المشاركة فى أى مظاهرة مناهضة هذا الأسبوع، نظرا لأن أى احتجاج سيتعارض مع الإجازة الوطنية الخاصة بتكريم الشرطة، الأمر الذى اعتبرته الصحيفة تطورا واضحا فى مشهد السياسات فى مصر، فمحاولة تجنب الجماعة مواجهة مباشرة مع الحكومة أظهر كيف أن دعوات التغيير باتت غير مرتبطة بأيديولوجية بعينها مثل "الأسلمة". ويوافق على وجهة النظر هذه، العديد من المحللين والنشطاء الذين يرون أن القوة الرئيسية وراء نزول الشباب التونسى إلى الشوارع وإشعال مشاعر الحماسة فى المنطقة كانت المطالبة الجادة بوضع نهاية لنظام حكومى فاسد، وتخفيف المعاناة الاقتصادية واحترام سيادة القانون. ونقلت "نيويورك تايمز" عن عصام العريان، وهو عضو بارز من أعضاء الجماعة، قوله: "ينبغى علينا أن نحتفل معا"، التصريح الذى بدا أكثر انسجاما مع نهج الحكومة أكثر من نهج المنظمة الإسلامية التى غالبا ما يتعرض أعضاؤها للسجن. ويرى الخبراء، أن هذا يعد تطورا وليدا نسبيا فى مجتمع مثل مصر التى لطالما كانت مسيسة على مدار الثلاثة العقود الماضية، ولكن على ما يبدو هذا التحول يثير الخوف فى قلوب القياديين الذين تمكنوا بنجاح من تهدئة حركة المعارضة عن طريق قمع هؤلاء الذين لا تستطيع إشراكهم، ويمثلون مصدر قلق بالغ لاحتمال اشتراكهم فى ثورة شعبية تهتز لها أرجاء البلاد. "الأيديولوجية تراجعت الآن حتى نتمكن من التخلص من هذا الكابوس الذى يواجه الجميع والمتمثل فى الحزب الوطنى والنظام الحالى" هكذا قال مجاهد مليجى، (43 عاما) وهو عضو قديم فى الجماعة استقال قبل ثلاثة أعوام بسبب شعوره بالاستياء حيال الوضع السياسى. وأضافت "نيويورك تايمز" أن الثورة الإيرانية عام 1979 عرفت العالم الإسلامى بقوة الإسلام السياسى التى أثارت خشية القادة العرب والغرب، وهذه الأيدلوجية لا تزال مسيطرة على مخيلة كثير من الناس فى المنطقة التى لا تزال تغذى الحركات الجهادية بالمقاتلين، ولكن شأنه شأن "العروبة" و"الاشتراكية"، فشل الإسلام السياسى فى إيران وأيديولوجية التشدد التى انتهجها تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن فى التواصل مع ملايين الأشخاص فى الشرق الأوسط الذين يعيشون تحت وطأة الحكم الاستبدادى، وهذا الفشل، بالمقارنة مع نجاح ثورة تونس غير المتوقع فى الإطاحة بالحكومة، أظهر صميم إعادة الحساب السياسى للتوصل إلى أفضل السبل لإحداث تغيير فى العالم العربى. وتمكن التونسيون من حشد صفوفهم لشعورهم بالغضب الجم حيال القمع والفساد وليس لاقتناعهم بأى فلسفة أو أيديولوجية ما. ورأت "نيويورك تايمز" أنه حتى قبل ثورة تونس، كان النشطاء المصريون يعتبرون طريقة تركيا فى الحكم نموذجا يحتذى به لاسيما وأن حزب إسلامى يدير دولة حديثة وديمقراطية ومسئولة، ولم تلتفت إلى الثورة الإسلامية فى إيران.