أكد الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، أن الفكر المتطرف هو أساس مشكلة الإرهاب، لأن أساس الإرهاب هو فكرة فى البداية أو فتوى أو تفسير لنص فى شرع الله ولكن بتأويلات وبرؤية فاسدة. وقال علام - فى حديث تلفزيونى، اليوم الأربعاء، إن العمليات الإرهابية ثمرة للفكر المتطرف الذى حاد عن الصواب والذى أثمر عن هذه الأخطاء الكبيرة التى هى جرائم حقيقية يرتكبها هذا الإرهابى الذى يتبنى مثل هذه الأفكار ليس فى حق المسلمين فقط وإن كانوا الأكثر تضررًا إلا أنها فى حق البشرية كلها. وأوضح أن هذا الكلام غير صحيح بالمرة، وأن مسيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم ) والمسلمين من بعده لا تؤيد هذا الفهم إطلاقًا بل هو فهم مغلوط بلا شك، لأن الفكر المتشدد هو عكس الاتجاه، فالاتجاه الصحيح فى التيسير والأخذ بيد الناس برفق كما كان عليه النبى (صلى الله عليه وسلم) فكان رفيقًا ورحيما بأهله وولده والناس أجمعين، فلم يستخدم العنف أو الضرب فى حياته إطلاقًا، بل كان رحيمًا حتى بالحيوان فقد عاتب رجلًا أتعب ناقته. وأضاف أن كل المجموعات والتنظيمات الإرهابية ترتدى عباءة الدين وتقوم بإغراء الشباب بهذه التأويلات الفاسدة وتقنع الناس بأسلوب أو بآخر أن التفسيرات التى انتهوا إليها فى النص الشرعى تفسيرات صحيحة. وناشد فضيلة المفتى الناس وخاصة الشباب أن يدركوا أن العلم له قواعد وأصول وينبغى أن يؤخذ هذا العلم من أصحابه لا من أولئك الذين تبنوا مثل هذه الأفكار ولا من الذين يعيثون فى الأرض فسادًا. وحذر علام من الفهم الخاطئ لقول الله عز وجل " وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ " ( المائدة 44) والتى يستند إليها المتطرفون فى قضية الحاكمية.وتابع:إن ذلك الفهم عمل على توسيع دائرة الكفر ويؤدى فى النهاية لحالة من الصراع الحقيقى بين الحاكم والمحكومين. وأشار إلى أن الإرهابى الموجود فى سيناء أو سوريا أو العراق أو ليبيا مستند لهذه الدائرة ومعتقد أنه يقتل كفارًا، فهو يستحل قتل هؤلاء الناس بهذه الدعاوى الباطلة، ومن يبقى منهم على قيد الحياة يصبح أسيرًا، ومن ثم يستجلب مصطلح الأسير فى غير موطنه، وكذلك يستجلب مصطلح السبايا بأخذ من تبقى كذلك على قيد الحياة رقيقًا، وبذلك يُعيد الأمة الإسلامية مرة ثانية إلى أشياء قضى الإسلام فى مراحل سابقة من الزمن، والاتفاقيات دولية على خلافها الآن، وهى منطقة خطرة بلا شك. كما حذر فضيلته من توسيع دائرة الكفر مؤكدًا أن القاضى وحده هو من يحدد ذلك قائلًا: "أى إنسان قال لا إله إلا الله محمد رسول الله دخل الدين ولا يخرج منه إلا إذا جحد ذلك وجحوده إنما يثبت أمام القضاء". وعن التفاسير الصحيحة لقول الله عز وجل "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ" (المائدة 44)، أوضح فضيلته أن العلماء اتجهوا إلى اتجاهين فى التفسير، الأول: أن هذه الآيات نزلت فى غير المسلمين، وسحبها وإسقاطها على المسلمين من سمات منهج الخوارج، كقول سيدنا ابن عمر (رضى الله عنهما): " بأنهم جاءوا إلى آيات نزلت فى الكفار وجعلوها فى المسلمين "، فهذه الآية منها فيسحبونها على المسلمين. وتابع فضيلته فى بيان الاتجاه الثانى لتفسير الآية قائلًا: " وعلى التسليم بأنها نزلت فى المسلمين فليس المقصود بما لم يحكم بما أنزل الله على وجه الإطلاق، ولكن المقصود من لم يحكم بما أنزل الله جحودًا لما أنزل الله وإنكارًا له فيكون فى هذه الحالة كافرًا، والذى يحدد الكافر على وجه التعيين وعلى وجه التحديد هو القضاء. وحدد فضيلة المفتى موطن الخلل عند أصحاب الفكر المتطرف بأنهم لم يفهموا النص على الوجه الصحيح الذى فسره العلماء، وعندما أرادوا أن ينزلوا النص على الواقع لم يفهموا الواقع ولم يفهموا كيفية الربط بين النص والواقع. واختتم فضيلته حديثه قائلًا: " هذه المنظومة المتكاملة التى تديرها مصر فى منظومتها التشريعية تعطينا اطمئنانا أن الشريعة موجودة تشريعًا وعبادة وتكليفا وغير ذلك، ولا ينبغى أن نجبر الناس حتى يكونوا مثاليين فهذا ضد البشرية، فالبشر يصيبون ويخطئون، ودور التشريع ودور التطبيق هو إدارة حسنة لنأخذ الناس بالرفق لينصاعوا لأوامر الله عز وجل”.