قال تقرير أمريكى صادر عن معهد كارنيجى للسلام، إن مصر ستواجه دورة انتخابية حرجة خلال الفترة المقبلة، مع إجراء الانتخابات البرلمانية فى نوفمبر المقبل والانتخابات الرئاسية فى عام 2011. وأضاف التقرير الذى كتبته ميشيل دون كبيرة الباحثين بمعهد كارنيجى: "أنه نظراً لأن مصر حليف مهم للولايات المتحدة، وكانت يوماً ما زعيمة الدول العربية، فإن الانتخابات ستكون لها آثار واسعة على العلاقات الثنائية بين القاهرةوواشنطن والمصالح الأمريكية فى المنطقة". وقالت "دون"، إن الولاياتالمتحدة فى حاجة إلى إيجاد طريقة تبرهن من خلالها أنها لا تزال راغبة فى العمل مع الحكومة المصرية بشأن القضايا التى طالما تعاون فيها الطرفين من قبل، وهى السلام الإقليمى والاستقرار والقضايا العسكرية ومكافحة الإرهاب، لكن واشنطن تحتاج على دعم واضح للمطالب المصرية بتحسين أوضاع حقوق الإنسان ومزيد من الحريات السياسية. واستعرضت الكاتبة فى البداية، تاريخ العلاقات المصرية الأمريكية، وقالت إن واشنطن تدرك الأهمية الاستراتيجية لمصر منذ بدء التدخل الأمريكى فى شئون الشرق الأوسط الذى يعود إلى الحرب العالمية الأولى، مشيرة إلى أن السنوات العشر الأخيرة شهدت عنصراً جديداً فى العلاقات الثنائية، وهو وجود مصلحة أمريكية فى تطوير النظام السياسى المصرى وأوضاع حقوق الإنسان، فقد زادت مطالب المجتمع المصرى بالإصلاح السياسى وتحسين حقوق الإنسان، وأصبحت الولاياتالمتحدة أكثر حساسية إزاء ذلك، وترى هذه النوع من التقدم مرتبطاً بشكل مباشر بنوع الرفاهية الاقتصادية التى تريد مصر تحقيقها. وعن الموقف الحالى لواشنطن من مصر، تشير كاتبة التقرير إلى أن الرئيس باراك أوباما عندما تولى الحكم فى مطلع عام 2009 أراد تحسين العلاقات الثنائية مع عدد من الدول العربية والإسلامية وكانت مصر واحدة منهم، وابتعد أوباما عن سياسة سابقه جورج بوش، وعاد إلى التعامل مع مصر كشريك فى عملية السلام وحاول بالفعل تحسين العلاقات بين البلدين، وفى العام الثانى من رئاسة أوباما، بدأت الأمور السياسية فى مصر تتحرك فى اتجاه لفت انتباه إدارة أوباما إليها، فهناك انتقال للسلطة يلوح فى الأفق وهناك انتخابات برلمانية ورئاسية قادمة، ومن ثم فإن إدارة أوباما بدأت تنتبه إلى ذلك. وتحدثت الباحثة عن الأهمية الاستراتيجية لمصر، قائلة: "إنها من الناحية الجغرافية تحتل مكاناً استراتيجياً، كما أنها لعبت دوراً مهماً على مدار التاريخ فى السياسة وثقافة الشرق الأوسط بأكمله، وهناك حديث يتردد عن تراجع مكانة مصر عربياً وإقليمياً، وهذا صحيح، لكن الأمر المثير للاهتمام هو أنه فى الوقت الذى تراجع فيه تأثير الحكومة المصرية عما كانت عليه من قبل، فإن المجتمع المصرى لا يزال على نفس تأثيره". وفيما يتعلق بالطرق التى يمكن أن تدعم بها الولاياتالمتحدة الإصلاح السياسى فى مصر، قالت: "إن الإصلاح والديمقراطية يتوقفان على ما يفعله المصريون، وتظل الولاياتالمتحدة طرفاً خارجياً، ورغم ذلك، فإنها لا تزال تمتلك تأثيراً هاماً، ومن غير الملائم لها أن تتظاهر بأنها محايدة تماماً إزاء ما يحدث فى مصر، فإذا لم تعلن الولاياتالمتحدة صراحة دعمها للديمقراطية وتحسين أوضاع حقوق الإنسان فى مصر، فإن المصريين سيفترضون تلقائياً أن الولاياتالمتحدة تقف ضد الإصلاح ومع الحكومة التى تمتنع عنه، وذلك بسبب العلاقة الوثيقة للغاية بين الولاياتالمتحدة والحكومة المصرية والمساعدات الكبيرة التى تسلمها واشنطن لمصر سنوياً". وتشير "دون" إلى أن مدى فاعلية الولاياتالمتحدة يعتمد على دعم مطالب المجتمع المدنى المصرى وليس مطالب أخرى، "ففى السنوات الأخيرة وضعت حركات المعارضة ومنظمات المجتمع المدنى فى مصر أجندة تطالب بتغييرات مؤكدة فى القوانين والدستور، وبإمكان الولاياتالمتحدة أن توضح من خلال التصريحات العلنية والتواصل السرى مع الحكومة المصرية وبرامج المساعدة التى تدعم هذا النوع من المطالب". وترى "دون" أن مصر تمر الآن بمرحلة حاسمة فى تاريخها السياسى وفى مسار علاقتها مع الولاياتالمتحدة، ففترة حكم الرئيس مبارك التى تقترب من 30 عاماً تشارف على الانتهاء، وهناك حالة سخط متنامية ضد الحكومة، وهناك أيضا حركة معارضة لا تزال ضعيفة لكنها بالتأكيد أقوى مما كانت عليه من قبل وأصبحت أكثر تماسكاً. وحث التقرير واشنطن على استغلال وسائل الضغط على الحكومة المصرية، سواء عبر التصريحات العلنية وقرار الكونجرس، أو باتصالاتها السرية مع مسئولى الحكومة فى مصر من أجل تلبية مطالب التغيير. وفى النهاية، دعت الباحثة، الولاياتالمتحدة إلى تشجيع مشاركة المراقبين الدوليين فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، رغم أن مصر لم توافق على هذا الأمر من قبل إلا أنه أصبح عادة عالمية وكذلك فى الشرق الأوسط.