قضت المحكمة الدستورية العليا فى جلستها المنعقدة الأحد بعدم دستورية ما نص عليه البند (2) من الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 88 لسنة 2004 بزيادة المعاشات من أن تكون الزيادة فى المعاش بحد أقصى ستين جنيها، وحددت المحكمة الأحد التالى لنشر هذا الحكم تاريخا لإعمال أثره. وكان المدعيان فى هذه الدعوى قد طعنا على النص المذكور على سند من مخالفته لحكم المادة 40 من الدستور التى تقضى بالمساواة أمام القانون، بينما مايز ذلك النص بين الخاضعين لأحكام القانون رقم 86 لسنة 2004 وهم العاملون بالدولة، فقضى بمنحهم علاوة خاصة بنسبة 10% دون وضع حد أقصى، فى حين كانت الزيادة بالنسبة لأصحاب المعاشات بذات النسبة مع وضع حد أقصى لهذه الزيادة ستين جنيها شهريا. وأسست المحكمة الدستورية قضاءها على أن الدستور إذ عهد بنص المادة (122) منه إلى المشرع بصياغة القواعد القانونية التى تتقرر بموجبها على خزانة الدولة - المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت، على أن ينظم حالات الاستثناء منها والجهات التى تتولى تطبيقها، فذلك لتهيئة الظروف التى تفى باحتياجات المواطنين الضرورية وتكفل مقوماتها الأساسية التى يتحررون بها من العوز وينهضون معها بمسئولية أسرهم والارتقاء بمعاشها. وأشارت المحكمة إلى أنه بذلك يؤدى التنظيم التشريعى للحقوق التى كفلها المشرع فى هذا النطاق بأن يكون مجافيا لأحكام الدستور ومنافيا لمقاصده، اذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها أو يفرغها من مضمونها ولازم فى ذلك أن الحق فى المعاش - إذا توافر أصل استحقاقه وفقا للقانون - إنما ينهض التزاما على الجهة التى تقرر عليها. وأوضحت أنه يتعين أيضا لاتفاق هذا التنظيم مع الدستور أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة التى اعتنقها المشرع فى موضوع محدد وفاء بمصلحة عامة لها اعتبارها، والوسائل التى اتخذها طريقا لبلوغها، ذلك أن النصوص القانونية التى نظم بها هذا الموضوع لا تنفصل عن أهدافها بل يتوجب أن تعد مدخلا لها. وأكدت المحكمة فى حكمها أن النص المطعون فيه قرر زيادة المعاشات التى تستحق قبل 1/7/ 2004 بنسبة 10% من معاش الأجر الأساسى مستهدفا - على ما أشار إليه تقرير اللجنة المشتركة من لجنة القوى العاملة ومكتب لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب - زيادة دخول أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم بحسبانهم الفئة الأكثر احتياجا للرعاية فى ضوء ارتفاع الأسعار، وهو ذات هدف المشرع بمنح العاملين بالدولة علاوة خاصة مقدارها 10% من الأجر الأساسى لكل منهم فى 30/6/2004 على نحو ما رددته المذكرة الايضاحية للقانون من أن تقرير هذه العلاوة الخاصة تستهدف زيادة دخولهم بما يكفل لهم مواجهة متطلبات وأعباء المعيشة، بيد أن المشرع وضع بالنص الطعين حدا أقصى لهذه الزيادة بينما أطلقها بالنسبة للعاملين بالدولة بالرغم من وحدة الهدف من تقرير هذه الزيادة وهو معاونة الفئتين معا على مجابهة أعباء المعيشة المتزايدة نتيجة الغلاء وارتفاع أسعار السلع والخدمات. وقالت المحكمة إنه كان الأولى بالمشرع أن يطلق الحد الأقصى للزيادة التى قررها لأصحاب المعاشات حتى يحفظ لهم كرامتهم ويحميهم من العوز بعد أن وهن العظم منهم وبلغوا من الكبر عتيا. فى الوقت الذى تعاظمت فيه متطلبات معيشتهم لاحتياجاتهم فى هذه المرحلة من العمر للدعم الصحى من علاج ودواء، والذى أصبح الجميع يئن من وطأة تكلفته المادية، وإذا جاوز المشرع نطاق سلطته التقديرية التى يملكها فى مجال تنظيم الحقوق بهذه التفرقة فى المعاملة، فإنه يكون قد خالف حكم المادتين 17 و 122 من الدستور.