على بعد 45 كيلو من محافظة أسيوط تقع قرية بنى يحيى القبلية فى مكان منعزل عن العالم وتحديدا فى الطريق المؤدى من أسيوط إلى القوصية حيث تتبع إداريا مركز القوصية وهى محصورة بين الترعة الإبراهيمية والسكك الحديدية وهذه القرية يوجد بها أكثر من 400 أسرة تعانى جميعها الفقر والأمراض المتوطنة كما أن جميع أهالى القرية لا يعلمون شيئا عن تناول اللحوم لا يلجئون إلا لذبح الطيور التى يقومون بتربيتها فى المناسبات والأعياد وأحيانا المواسم وحتى الخبز فإنهم لا يحصلون عليه ولا يستطيع أهالى القرية خبز العيش بالمنازل نظرا لارتفاع أسعار الدقيق وبيعه فى السوق السوداء ومحاصيلهم الزراعية لا تقدم لهم إلا مبالغ قليلة لا تكفى العيش لأيام. أول منزل أنشئ بها منذ 105 سنوات ورغم هذه السنين تفتقر القرية لكل الخدمات فلا يوجد بها إلا مدرسة واحدة وهى مبنى مؤجر من بعض الورثة وهى عبارة عن 6 فصول ضيقة جدا لا تتسع لإعداد التلاميذ الموجودة فيها وهى مبنية من الطوب اللبن والعروق، وقد أوشكت على الانهيار بل إن الأهالى أكدوا أن جزءا منها انهار فعلا وهى مدرسة ابتدائية فقط مما يستدعى ذهاب تلاميذ القرية إلى المدارس الإعدادية والثانوية إلى قرى أخرى. على الناحية الأخرى من القرية فى الوقت ذاته لا توجد مواصلات ولا طرق ولا كبارى وأدى ذلك إلى استخدام الأهالى قوارب الصيد الصغيرة ومعدية صغيرة واحدة يقوم الأطفال بربطها بحبل من الطرفين ثم يقومون بسحب هذا الحبل بأيديهم حتى ينتقلوا إلى الجانب الآخر من الترعة وهذا يعرضهم للخطر وحوادث الغرق ففى حالة انقطاع الحبل سوف تنجرف المعدية ويؤدى إلى غرق من عليها. يصل تعداد القرية إلى 10 آلاف مواطن منهم 45 % أمى لم يذهبوا إلى المدارس ويعتمدون على العمل بالأجر فى الزراعة ويصل أجر العامل منهم إلى 5 جنيهات كما أن 50% من أهالى القرية مصابون بأمراض الكلى نتيجة شرب المياه الملوثة بالصرف الصحى والشرب من مياه الترعة رغم استخدامهم لها فى غسل الأوانى والملابس والحيوانات والاستحمام وإذا مرض أحد بالقرية يموت قبل وصوله إلى أقرب وحدة صحية ومستشفى وذلك لعدم وجود وحده صحية او اطباء بالقرية بالكامل ولذلك يموت الأهالى متأثرين بأمراضهم وعدم حيلتهم فى الحصول على كشف أو دواء. كما أن معظم المنازل لا يوجد بها حمامات ولا إنارة كافية ورغم عدم وجود مركز للشباب إلا أن وسيلة الترفية الوحيدة بها مقهى صغير جدا لا يتسع إلا لأربع أفراد وصاحب المقهى رجل قد بلغ الثمانين من عمره يعمل به وهو مصدر دخله الوحيد رغم أنه لا يتعدى القليل من القروش يوميا ولا يوجد بالمقهى سوى الشاى فقط. والمنازل عبارة عن عشش صغيرة تدفع سنويا منافع للدولة تتراوح ما بين 200 إلى 400 جنيه كما أن القرية تواجه خطرا عظيما حيث إن المنازل يقسمها شريط القطار إلى قسمين فلا ينتهى أسبوع إلا وتفقد القرية طفلا أو رضيعا نتيجة ملاصقة المنازل للقضبان الحديدية التى تسير عليها حركة القطارات بصفة مستمرة مما يؤدى إلى إحداث تشققات بالمنازل وهزات أرضية مما يعرضهم لسقوط منازلهم فى أى وقت وما يزيد الأمر سوءا هو عدم وجود أنوار بالشوارع ولا حتى طرق مرصوفة بداخل القرية ولذلك فمن المستحيل وصول مسئول إلى هذه القرية إلا أعضاء مجلس الشعب وذلك كان فى أوقات الدعاية للانتخابات ولم يزوروها إلا مرة واحده وبعد الانتخابات تنقطع الصلة إلى الأبد بينهم وبين المدينة والعمار. الشيخ محمود سليمان أكبر معمر فى القرية، 80 سنة، قال إنه أول من سكن القرية بعد والده ويمتلك هذه العشة الصغيرة ورغم مرور السنين إلا أنه لم يحدث أى تطوير بالقرية إلا زيادة سكانها بالإضافة إلى أن أكبر دخل بالقرية كلها لا يتعدى الخمسين جنيها شهريا والأهالى يعانون الأمرين فى الحصول على الخبز حيث إن المخبز الوحيد القريب من القرية يبعد أكثر من ساعة ذهابا وعودة. سيد محمد سيد 49 سنة مبيض محارة أضاف أن القرية تفقد بصفه مستمرة الكثير من أطفالها تحت عجلات القطارات حيث إن قضبان السكك الحديدية ملاصقة للمنازل وتقسم القرية نصفين وتبعد عن المنازل نصف متر تقريبا كما أن هذه القطارات تحدث أصواتا عالية لدرجة فزع الأطفال ليلا ونهارا فضلا عن الهزات الأرضية المتكررة الناتجة عن حركة القطارات مما أحدث تشققات وانهيارات لبعض العشش التى نسكن فيها والتى مبناها من الطوب اللبن وسقفها لا يزيد عن الأفلاق والبوص وجريد النخل.