كان هناك يوم عمدة جبار، ظن أنه ملك مفاتيح دنيا دامت له، أيقن دائما أنه يملك جاه السلطة وعصا القانون، فيشير بإصبعه فتهلل حاشيته ويخضع الجميع. نسى العمدة أن دوام الحال من المحال وأن الله يراقب ويدبر ولا راد لتدبيره إن حان وقته. جمع العمدة فى ديوانه كل من عرض ضميره للبيع وأغرقهم بالمنافع فباع الجميع، أصبح هؤلاء جميعا أياد له وقرون استشعاره فحكم قريته بقبضة أذلت أهلها وأهانتهم، جاع أهل القرية إلا من نال رضاه وكان طوع رؤاه. التزم أهل القرية الصمت وقالوا يتصرف العمدة فى ملكه ونحتمى نحن من بطشه وكفانا أن نسعى على عشانا ولا يموت أحدنا جوعانا وعندما تضيق بنا دنيانا نرجوا العطف على بابه فيجود على المطيع منا إحسانا. عاش من يظنون أنفسهم عقلاء مطأطئى الرؤوس حرمانا ومن تجرأ ورفع صوته جرجرة الخفر وحكم عليه شيخ البلد ظلما وبهتانا فكان عبرة لكل من تأخذه عزة فيكون فى خبر كان. بعد أن بلغ سوء حال أهل القرية منتهاه وعانى الجميع أشد المعاناة فلا أكل ولا علاج ولا كرامة خارج ديوان العمدة ورضاه انتفض أحدهم حرا من مخافتة وسرعان ما أصبح الحر اثنين ومائة ومائتين، حانت لحظة حسم اللة لمهزلة ظنها أصحابها تدوم ولكن دوام الحال من المحال. كل من سكت دائما تكلم الآن وتحرك وأدرك الجميع أخيرا أن السكوت على هوان كرامتهم هو ضياع لمعنى حياتهم، هب الخفر وظنوا أن يتراجع الثائرون خوفا فلم يتراجع أحد بل هب جميعهم. أيقن شيخ الخفر أن هذا يوما قمطريرا لا سبيل فية إلا نصرة الأهل وليدفع العمدة وحاشيته حسابهم فهذا يومهم. أعد العمدة عدتة دائما ليوم يأتى عنوة، انطلق العمدة وأهلة من سردابه على النهر خلفة فى قواربة وحملها كل مغانمه. أخيرا أصبح أهل القرية هم أسيادها. * أستاذ بطب القاهرة.