تنسيق الجامعات| صيدلة حلوان.. بوابة التميز والابتكار في علوم الدواء والصيدلة    «الزناتي» يفتتح أول دورة تدريبية في الأمن السيبراني للمعلمين    بعد مكاسب 122 دولارا.. بورصة الذهب تعاود التداول غداً    رئيس النواب يشيد بأداء لجنة الشئون الاقتصادية    البنك الأهلي المصري يحصل على شهادة الجودة ISO9001/2015 من المواصفات البريطانية    قرارات إزالة لمخالفات وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    الرقابة المالية تصدر شروط الترخيص المؤقت لشركات التأمين الطبي المتخصصة    حاج قاسم صاروخ إيراني يعيد رسم خطوط الاشتباك مع إسرائيل    النفط الإيرانية: جميع الوحدات والمنشآت في مصفاة أصفهان بحالة مستقرة    الأردن يعيد فتح مجاله الجوي أمام حركة الطيران المدني    مسلح يستهدف نواب أمريكا    نجوم الفن يدعمون الأهلي من مدرجات كأس العالم للأندية في أمريكا    «يوم الملك» ليفربول يحتفل بعيد ميلاد صلاح ال 33    محافظ الإسماعيلية: تذليل كافة العقبات التي تواجه سير العملية الامتحانية    ضبط 19 قضية مخدرات وتنفيذ 1862 حكما قضائيا في 3 محافظات    نشاط فني كبير .. يسرا 1x4    وائل كفوري يشعل أجواء الصيف بحفل غنائي في عمّان 15 أغسطس    إقبال كثيف على فعاليات ودورات مكتبة مصر العامة بالدقي خلال الأيام الماضية    افتتاح وحدتي مشتقات الدم والأشعة المقطعية ب«الإيمان العام» في أسيوط    «قصر العيني» يحقق إنجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    ضبط تشكيل عصابي تخصص في النصب على المواطنين بزعم توفير خطوط محمول مميزة بالقاهرة    استمرار القصف المتبادل.. ارتفاع عدد قتلى إسرائيل في اليوم الثالث للتصعيد مع إيران    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    أسعار الأسماك اليوم الأحد 15 يونيو 2025    ارتفاع سعر الدولار اليوم الأحد 15-6-2025 إلى 50.81 جنيه أمام الجنيه المصرى    مجلس الوزراء: الربط الكهربائي مع السعودية نقطة انطلاق مصر كمحور إقليمي للطاقة    السجن المشدد 7 سنوات لمتهم بتعاطى المخدرات في قنا    «الداخلية»: تحرير 146 مخالفة لمحلات مخالفة لمواعيد الغلق خلال 24 ساعة    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    سواريز: الشناوي نجم مباراة الأهلي وإنتر ميامي فى كأس العالم للأندية    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    وفاة نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي    معهد وايزمان جنوب تل أبيب: تضرر عدد من منشآتنا جراء قصف إيرانى ليلة أمس    الاستحقاق النيابى بدأ فعليًا القائمةالموحدة مشاورات حزبية مستمرة لخوض السباق الانتخابى    أشرف داري: الحظ حرمنا من الفوز على إنتر ميامي    2923 طالبا يؤدون امتحانات الثانوية العامة فى 14 لجنة بمطروح.. فيديو    بيقولوا إني شبهك حتة منك.. ولي أمر يدعم ابنته أمام لجنة الثانوية العامة ببورسعيد    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    حظك اليوم الأحد 15 يونيو وتوقعات الأبراج    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    برواتب تصل ل12 ألف جنيه.. العمل تعلن وظائف جديدة بشركة أدوية بالإسماعيلية    دعاء امتحانات الثانوية العامة.. أشهر الأدعية المستحبة للطلاب قبل دخول اللجان    "زيزو الأعلى".. تعرف على تقييمات لاعبي الأهلي خلال الشوط الأول أمام إنتر ميامي    محافظ قنا يشارك في الاحتفالية الرسمية لاستقبال الأنبا إغناطيوس بالمطرانية    حارس إنتر ميامي الأفضل في افتتاح مونديال الأندية أمام الأهلي    جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مقر منظمة أبحاث دفاعية إيرانية    وكيل الأزهر يشكِّل لجنة عاجلة لفحص شكاوى طلاب العلمي من امتحان الفيزياء    ذكريات مؤثرة لهاني عادل: كنت بابكي وإحنا بنسيب البيت    بفستان أحمر جريء.. روبي تشعل أجواء حفل الجامعة الأمريكية (صور)    مجدي الجلاد: الدولة المصرية واجهت كل الاختبارات والتحديات الكبيرة بحكمة شديدة    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    بداية العام الهجري الجديد.. تعرف على موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    الجلاد: الحكومة الحالية تفتقر للرؤية السياسية.. والتعديل الوزاري ضرورة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لو كنت «مسيحى»
نشر في اليوم السابع يوم 16 - 06 - 2010

"المسألة هنا ليست فعلاً ضد الدولة المدنية، بل إن جوهر الدولة المدنية من الأساس أن تضمن تعايشاً صحيحاً بين الإنسان والدين، والإنسان والمجتمع، لا أن تخلق عداوة غير مقبولة بين المؤمنين بالدين -أى دين- وبين المشرعين الذين يحرّمون ما أحل الله، أو يحلّون ما حرم الله، حسب كل اعتقاد"
لو أننى ولدت مسيحياً وعشت فى ظلال الكنيسة المصرية، فلن أستطيع إلا إعلان الدهشة والغضب من هذا الحجم الهائل من الهجوم على البابا شنودة، تحت شعار حماية الدولة المدنية، وسلطة القانون، واحترام أحكام القضاء، فى دوامة الخلاف حول حق الطلاق والزواج الثانى فى المسيحية.
ولو أننى مسيحى مصرى، أحيا هذه الفوضى غير الخلاقة فى العلاقة بين الدين والسياسة، والدين والمجتمع، والدين والقانون فى مصر، لاحترت فى توصيف هذه الصلافة فى التطاول على البابا شنودة، وتصنيفه الآن باعتباره رجلا خارجا على القانون، وعدوا للدولة المدنية، والخصم الأول للقانون، بل و(رئيس دولة داخل الدولة)، حسب لائحة التصنيفات التى انفجرت فى الصحافة والفضائيات المصرية فى مواجهة البابا.
لو كنت مسيحياً وراقبت كيف تصنع القوانين فى مصر، وكيف تتحسس الدولة خطواتها فى العلاقة مع التنظيمات الإسلامية، وكيف يخرج العلمانيون فى الحزب الحاكم ليدافعوا بشراسة عن المادة الثانية من الدستور، وعن حكم الشريعة الإسلامية، فيما يحاصرون البابا الآن لأنه اعتبر أن مرجعه فى الأحوال الشخصية هو الإنجيل ولا شىء غيره، لاعتبرت أن ما يجرى الآن ليس سوى ظلم للكنيسة، وكيل بمكيالين بين الإسلام والمسيحية فى مصر.
ولو كنت مسيحياً ورأيت كيف يتحدث هؤلاء عن احترام الأديان، وعن المساواة والمواطنة، ثم كيف يكسرون هم أنفسهم القوانين، ولا يحترمون أحكام القضاء، وتخرج التشريعات من بين أيديهم بلا قواعد، وبلا مرجعيات وطنية، وبلا روح، وبلا عدالة، وبلا دين من الأساس، لعصفت بى مشاعر الاضطهاد، ولاعتصرنى الغضب الجامح من كل ما يجرى فى بلادى.
لا يهم الآن إن كنتَ من مؤيدى الطلاق أو معارضيه، ولا يعنينى إن كنتَ مسيحياً ملتزماً أو مسلماً ملتزماً، وليس من شأنى هنا مدى إيمانك بدخول الدين فى القانون المدنى، ولكن كل ما يهمنى الآن أن تجيبنى أنت عن سؤال واحد: هل من حق البابا أن يحتكم إلى الإنجيل فى قضية عقائدية، يعتبرها هو والمسيحيون المصريون من ورائه سراً من أسرار الكنيسة أم لا؟
هل من حق البابا أن يطلب من أهل التشريع، أن ينص القانون على أن يحكم بما أُنزل إليهم من النصوص، أم أنه محروم من هذا الحق؟
فالبابا هنا، حسب تقديرى، لا يقف فى مواجهة القضاء، ولا يعادى الأحكام القضائية، لكن البابا يقف فى مواجهة التشريع الذى يحرمه الحق فى أن يعيش هو وشعب الكنيسة وفق ما آمنوا به من الإنجيل، ومن حق البابا كمواطن أن يعترض على التشريع، ومن حق المسيحيين كمواطنين أن يطلبوا تشريعاً يحترم عقيدتهم، وينزلها منزلاً مقدساً فى القوانين الوضعية، تماماً كما يسمح بهذا الحق للمسلمين الذين لا يقبلون تشريعاً يخالف ما آمنوا به من قرآن وسنة، وما نصت عليه الشريعة الإسلامية.
المسألة هنا ليست فعلاً ضد الدولة المدنية، بل إن جوهر الدولة المدنية من الأساس أن تضمن تعايشاً صحيحاً بين الإنسان والدين، والإنسان والمجتمع، لا أن تخلق عداوة غير مقبولة بين المؤمنين بالدين -أى دين- وبين المشرعين الذين يحرّمون ما أحل الله، أو يحلّون ما حرم الله، حسب كل اعتقاد.
لا أقصد هنا دفاعاً عن البابا شنودة، ولا أخفى بالمرة تعاطفى البالغ مع إخوتى من المسيحيين الذين يريدون الخلاص من علاقات زوجية فاشلة بلا أمل فى ذلك، لكننى أؤمن قطعاً أن الدولة المدنية ليست بأى حال خصما لأصحاب العقائد والديانات، والعلمانية لا تعنى مطلقا إنهاء دور الدين حتى فيما يتعلق بالأحوال الشخصية، لكن المدنية والعلمانية يجب أن تنظر بإجلال للمعتقدات الدينية، ولا تضع نفسها وجها لوجه أمام تعاليم السماء، وما يؤمن به أصحاب الديانات المختلفة، الدولة المدنية لا تعنى نهاية الدين فى المجتمع، أو العداء للنصوص المقدسة، لكن الدولة المدنية هى التى تضمن المظلة الحقيقية لأتباع الديانات وهم يمارسون عباداتهم ويتبعون تعاليم شرائعهم بكل حرية دون أن يصطدم ذلك مع القانون، ودون أن يتم تصنيفهم باعتبارهم أعداء للمجتمع ولأحكام القضاء المدنى.
ليس دفاعاً عن البابا، ولكنه إقرار بحقيقة غائبة عن هذا المشهد الفوضوى، وليس دفاعا عن البابا، ولكنه دفاع عن مشاعر كل مواطن مسيحى يرى نفسه اليوم بين خيارين أحلاهما مر، فإما أن يعلن إيمانه بالقوانين الوضعية وأحكام القضاء ليضع نفسه فى مواجهة ما تعلّمه من الإنجيل، أو يعلن ثباته على تعاليم الإنجيل ليرى نفسه عدوا للمجتمع والدولة والقانون.
عيب أن نهوى إلى هذا الجدل العبثى، وحان الوقت لنعيد تعريف الدولة المدنية ليس باعتبارها خصما للأديان، بل باعتبارها الجنة التى يحيا فيها أتباع الديانات بكل حرية، ويمارسون عقائدهم بلا ردع، أو إرهاب فكرى، أو اضطهاد غير مباشر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.