ربما يكون رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون قد حقق نصرا انتخابيا حاسما على غير المتوقع فى مايو الماضى لكنه لم يقنع حلفاء بريطانيا حتى الان بأنه طرف له دور نشط على المستوى العالمى فى السياسة الخارجية. ومما أزعج واشنطن ما شهدته من اتجاه كاميرون لتقليص الدور العسكرى والدبلوماسى لبلاده خلال فترته الأولى وهو الاتجاه الذى بلغ ذروته قبل عامين بهزيمته فى تصويت برلمانى مهم على إصدار تفويض لشن ضربات جوية على سوريا. وقال دبلوماسى أمريكى كبير فى الآونة الأخيرة "ما يقلقنا هو بريطانيا العظمى المتقلصة، ويعول كاميرون الآن على إمكانية اقناع البرلمان البريطانى بالتصويت من أجل المشاركة فى الضربات الجوية التى تقودها الولاياتالمتحدة على متشددى تنظيم داعش فى سوريا. ويقدر كاميرون أن مثل هذه الخطوة -التى لا يتوقع اتخاذها إلا بعد الصيف - ستعيد له مسوغات اعتماده كأحد كبار رجالات الدول على المستوى العالمى . وبعد خوض حملة انتخابية محدودة على غير المعتاد بدأ حديث كاميرون يتزايد عن طموحاته فى السياسة الخارجية وأعلن فى قمة للقوى العالمية فى ألمانيا الشهر الماضى أن بريطانيا "عادت". ثم تعهد بالحفاظ على الانفاق الدفاعى عن المستوى المستهدف لحلف شمال الأطلسى البالغ اثنان فى المئة من الناتج المحلى الاجمالى رغم أنه قاوم فى البداية الالتزام بهذه السياسة بسبب رغبته فى خفض العجز الكبير فى الميزانية البريطانية. ومازالت الذكرى حية لهزيمته البرلمانية عام 2013 فى تصويت على التحرك عسكريا ضد قوات الحكومة السورية وهى الهزيمة التى اعتبرت على المستوى العالمى علامة على أن بريطانيا تتراجع عن القيام بدور عالمي. وقال مايكل كلارك المدير العام للمعهد الملكى للخدمات المتحدة وهو مؤسسة بحثية فى الشؤون الدفاعية والأمنية لرويترز "الضرر الذى أحدثته كان أكبر بكثير مما توقعه أى منا وهو ما علق بهذه القيادة، وهو يحاول أن ينأى بنفسه عن هذا الحرج."