منتديات المرأة المنتشرة على الشبكة العنكبوتية تعج بالعديد من الاستفسارات عن أسباب نفور الزوج أو الزوجة من الطرف الآخر، خاصة فى العلاقة الحميمة، وهى استفسارات تنم عن جهل معظم النساء الشرقيات بماهية الإشباع الجنسى، ومن هو المسئول عن نجاحها أو فشلها، هل هو الزوج؟.. هل هى الزوجة؟.. أم أن كلاهما مسئول عن جزء من المشاركة إذا نجح فيه اجتاز نصف الطريق نحو الآخر. ولقد ذهب البعض فى تحليله لسبب النفور الحسى إلى الفارق المادى أو الثقافى بين الزوجين تدفعهما إلى التعويض بالنفور الحسى تجاه بعضهما البعض، والتطلع إلى استجلاب الغيرة وإثبات الفحولة أو الأنوثة بالتحدث مع الآخرين عبر المحمول أو فى العمل، مما يهين شعور الطرف الآخر ، ويجعله يظن أن ما يبعد الطرف الآخر عنه هو علاقة ما سرية تجعل الشريك يتجافى عن شريكه فى الفراش، وقد أوافق على هذا التحليل غير أنى أتحفظ على نقطة مهمة أكدها علماء النفس تقرر أن سعادة الزواج أو شقاوته تتوقف أساساً على العلاقة الشخصية بين الزوجين وتعتمد هذه العلاقة على درجة نشاطهما الحسى ومقداره وليس على مقدار ما مع أى منهما من مال أو ثروة أو جاه فإذا كان حساب الإيداع فى كشف الحساب الزوجى يشمل حياة حسية نشيطة مزدهرة يملؤها التوافق والانسجام والإمتاع والاستمتاع لبقى فى الرصيد دائما مقدار فائض للسحب مهما زاد السحب زيادة عظيمة، وبالعكس فإن نقص الإغراء الحسى وقلة الاستمتاع والامتاع بين الزوجين لا يمكن تعويضه تعويضا تاما بالمال أو بالحفلات والفسح أو بالذهب والألماس. ويمكن التأكد من ذلك بسهولة فى فئات الشعب الميسورة التى لا تعرف المشاكل المادية ولا الإحساس بالدونية ولكن يزداد فيها شقاء الزوجين وتفشى الخيانة لعدم وجود رصيد من النشاط الحسى الذى أشرت إليه سابقا، يقول "فان ديفيلد" صاحب كتاب الزواج الموفق: إن إثارة رغبات المرأة تحدث عادة ببطء فى النساء جميعا ولا سيما من لم يسبق لها تجربة الحياة الحسية، فالمرأة أبطأ من الرجل فى التشوق والاستجابة والاستمتاع، وإذا أهمل الرجل هذه الحقيقة بسبب جهله أو أثرته فلن ينجح فى إثارة زوجه وإمتاعها والانسجام معها حسياً نتيجة اختلافهما فى سرعة الاستثارة والاستمتاع، وقد ينشأ عن ذلك شقاق ونفور ومتاعب تستمر مدة طويلة، وفى هذه الظروف لا تتعلم المرأة أبدا كيف تجارى زوجها فى الحب، ويخفق الزوجان تماما فى بلوغ النشوة الحسية العملية، وإيقاظ الرغبات الحسية ومعرفة وسائل الإمتاع والاستمتاع ليست إلا فنا مثل سائر الفنون، ومن حسن الحظ أنه يمكن تعلمه بسهولة بشرط أن يكون الزوج محبا لزوجته أما من حرم من نعمة الحب فلن ينال الإلهام الذى ينير له الصراط المستقيم ويرشده إلى وسائل الإمتاع والاستمتاع. ليس معنى كل ما سبق أن المرأة لا دور لها فى هذه العملية، فعلى كاهلها يقع عبء إبقاء حساسية الرجل ورغبته فيها نفسيا عند المستوى العالى الذى يناسب طبعها ويناسب ذكورته، بأن تبعد عن نفسها وأعمالها كل ما يضايقه أو يثير اشمئزازه وتبرع فى إغرائه وإثارة حواسه بالقدر الذى يرضى رغباتها ورغباته، وتقسيم واجبات الزوجين بهذه الطريقة يجب ألا يكون مقياسا ثابتا لا رجعة فيه، لأن أساس العلاقة الحسية هو التعاون والمشاركة بين الزوجين فى النشاط الحسى، كما يتعاونان فى سائر ألوان النشاط الزوجى .