أكد كريم صادق العضو المنتدب بشركة القلعة، أن النمو السكانى السريع وحجم التجارة البينية بين دول القارة الأفريقية والتجارة الخارجية عوامل تبشر بحدوث طفرة اقتصادية هائلة بأفريقيا خلال السنوات القادمة، والتى جاءت نتيجة للسياسات الإيجابية التى تطبقها حكومات القارة بجانب المعطيات الأساسية التى تتمتع بها الكثير من الدول الأفريقية، خاصة أسواق شرق أفريقيا، مشيراً إلى أن العديد من الشركات المصرية بدأت تتجه إلى الدخول للاستثمار فى السوق الأفريقية، خصوصاً مشروعات البنية الأساسية التى تحتاجها أفريقيا بقوة، نظراً لارتباط معظم الاستثمارات بها. ويرى صادق، أن المعادلة لا تكتمل إلا بالتعاون الجاد بين القطاع الخاص وصنّاع القرار للتأكد من وجود البنية الأساسية الفعالة التى يمكنها استيعاب النمو السكانى وزيادة الصادرات وتحويلها لقنوات تعمل على تحقيق النمو الدائم. وأكد صادق، قائلاً "خلال السنوات الخمس الماضية، تضاعفت الصادرات الأفريقية إلى 500 مليار دولار أمريكى، وللمرة الأولى فى تاريخ القارة يرتفع إجمالى الاستثمارات فى أفريقيا ليتعدى أخيراً حجم المنح والمساعدات الأجنبية". وقال صادق، بالرغم من انتهاء حقبة الخمس سنوات، التى اعتبرها الكثيرون أفضل سنوات عاشتها القارة على الإطلاق، حيث حققت خلالها نسب نمو تعدت ال5% سنوياً، وانتهت مع بداية عام 2009 كنتيجة طبيعية للأزمة المالية العالمية والتراجع، الذى شهدته أسواق البضائع فى أنحاء العالم، إلا أن أفريقيا تمكنت من قيادة النمو العالمى خلال العام الماضى، وأرجع صادق ذلك إلى قوة العوامل الاقتصادية الكلية فى القارة، وأهم ركائزها القاعدة الاستهلاكية العريضة محلياً، فالقارة تشهد نمواً سكانياً بمعدلات سريعة جداً ولا تزال القدرة على تغطية الطلب المحلى أقل بكثير مما يجب أن تكون عليه، ذلك بجانب أيضاً الإمكانات الهائلة للقارة التى تدعم التطلعات التصديرية طويلة الأجل". ويعتبر الاستثمار هو الحل الأمثل لتحويل معوقات النمو فى القارة إلى عوامل نجاح، كالزيادة السكانية الهائلة التى من المتوقع تضاعفها بحلول عام 2050، وذلك من خلال زيادة الاستثمارات الإستراتيجية التى تحتاجها القارة، حيث تحتاج أفريقيا إلى أكثر من 11 مليار دولار سنوياً للاستثمار فى القطاع الزراعى، وأكثر من 40 مليون دولار سنوياً فى قطاع توليد وتوزيع الطاقة، وذلك بالإضافة المزيد من المليارات فى قطاع البنية الأساسية. وأوضح صادق، قائلاً "إن ضعف الاستثمارات فى البنية الأساسية الأفريقية يظل العائق الرئيسى أمام جذب المزيد من الاستثمارات إلى القارة"، فمثلاً إن نقل البضائع بين مدن لوبومباشى ودوربان، وهى مسافة لا تتعدى 2000 كم، يستغرق 8 أيام باستخدام السكك الحديدية، و38 يوماً باستخدام الشاحنات، وذلك بسبب الطرق المتقطعة وشبكات السكك الحديدية القديمة. وجدير بالذكر أيضاً أن تكاليف نقل البضائع من الموانئ الصينية على المحيط الهادى وعبر المحيط الهندى إلى ميناء مومباسا بكينيا تساوى تكاليف النقل بين كينيا وعاصمة أوغندا مدينة كامبالا. وأضاف "أن أفريقيا تضم 15 دولة غير ساحلية، وتهيمن عليها المراكز التجارية الإقليمية الأصغر حجماً، ومن هنا تظهر أهمية الاستثمار فى قطاع البنية الأساسية كأحد العوامل الرئيسية لتحقيق النمو، حيث إن الارتفاع الملحوظ فى تكاليف النقل بالقارة يعد السبب الرئيسى فى انخفاض وتراجع حركة التجارة فى المنطقة. ويشار أيضاً إلى أن التجارة البينية تلعب دوراً هاماً فى عمليات تطوير وتعزيز الاقتصادات بمناطق أخرى مشابهة مثل الأسواق الناشئة بآسيا، ومن ثم يعد الاستثمار فى شبكات البنية الأساسية التى تعمل على تسهيل هذا النوع من التجارة الخطوة الأولى نحو تحقيق التوسع فى الاقتصادات، وبناء الأسواق المحلية الضخمة، وخفض التكاليف لقاعدة المستهلكين". إن التحدى الأكبر الذى يواجه دول شرق أفريقيا اليوم هو تفعيل التكامل بين الأسواق على المستوى الإقليمى، ويكمن الحل فى تنفيذ خطط التطوير بشبكات السكك الحديدية التى تربط بين أسواق المنطقة، وأشار صادق إلى أن شركته نجحت مؤخراً فى الحصول على حصة نسبتها 51% فى شركة سكك حديد ريفت فالى، صاحبة الامتياز الحصرى لإدارة خط السكة الحديدية بكينيا وأوغندا. وأوضح صادق، "أن الطاقة الاستيعابية الحالية لأنظمة السكك الحديدية بشرق أفريقيا لا تتعدى 2 مليون طن سنوياً من البضائع، أى أقل من نصف طاقتها فى عام سبعينات القرن الماضى، وذلك رغم وصول حجم البضائع التى تم تداولها فى الأسواق الكبرى بالمنطقة خلال عام 2009 إلى 35 مليون طن". ويرى صادق، أن الطريق لتحقق تلك التطلعات يبدأ من خلال إتاحة الحكومات الأفريقية الفرص لمستثمرى القطاع الخاص الذين يتمتعون بالمركز المالى القوى والخبرة اللازمة لتطوير البنية الأساسية الجديدة وإعادة هيكلة الاستثمارات الحالية. واختتم صادق حديثه، قائلاً "إن الطاقة الاستيعابية بشركة سكك حديد ريفت فالى يمكن أن ترتفع إلى 10 ملايين طن سنوياً إذا ارتفع متوسط السرعة إلى 50 كم فى الساعة، وتخطط القلعة وشركائها فى ريفت فالى لتحقيق ذلك عبر استثمار 250 مليون دولار على الأقل كجزء من برنامج رفع النفقات الرأسمالية بقطاع السكك الحديدية، كما تخطط للاستعانة بكبرى شركات الاستشارات العالمية لتزويد فريق العمل بأحدث الأساليب وأفضل الممارسات العالمية، وذلك لتحقيق النمو المستدام فى القارة الغنية بمواردها الطبيعية والبشرية". يذكر أن شركة القلعة هى شركة رائدة فى مجال الاستثمار المباشر فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وتقوم الشركة بالتركيز على بناء الاستثمارات الإقليمية التابعة فى أنحاء المنطقة فى صناعات منتقاة من خلال عمليات الاستحواذ وإعادة الهيكلة وبناء المشروعات الجديدة التى يتم تنفيذها عبر الصناديق القطاعية المتخصصة، وتمتلك شركة القلعة حالياً 19 صندوقاً قطاعياً متخصصاً تسيطر على مجموعة الشركات التابعة باستثمارات تصل إلى أكثر من 8.3 مليار دولار أمريكى فى 15 مجال صناعى متنوع من بينها التعدين والأسمنت والنقل والأغذية والطاقة فى أنحاء 14 دولة.