دفعت البورصة المصرية اليوم الثلاثاء ثمنًا باهظًا لوجود 30% من مستثمريها من الأجانب والعرب، حيث فقدت 12.4 مليار جنيه من رأسمالها السوقى، ليس لسبب إلا تراجع البورصات العربية، عقب انهيار سعر النفط. الخسائر الحالية رغم أنها مؤقتة إلا أنها تؤكد ضرورة استمرار إدارة البورصة الحالية برئاسة الدكتور محمد عمران فى الترويج المحلى للاستثمار فى البورصة سواء من الأفراد أو المؤسسات. وتقوم إدارة البورصة منذ سنوات حملات تروجية على مستويين، الأول، لإقناع الشركات المصرية بأهمية ومميزات القيد بالبورصة والحصول على التمويل بطريق سهلة وسريعة وتوسيع قاعدة الملكية والتقييم الدورى لأسهم الشركات. والمستوى الثانى لإقناع الأفراد والمؤسسات باستثمار أموالهم فى البورصة، استثمار طويل الأجل مبنى على أسس علمية وأداء الشركات الحقيقى فى السوق. حملات الترويج بدأت تؤتى ثمارها فى الفترة الأخيرة بعدما أعلن رئيس البورصة أن العام 2014 شهد قيد 14 شركة جديدة فى البورصة ومن المتوقع أن يتم طرح أسهم 3 شركات على الأقل فى النصف الأول من 2015، على رأسها شركة النيل للسكر المملوكة لعائلة ساويرس، بالإضافة على طرح أسهم أوراسكوم للإنشاء مرة أخرى، بالإضافة لطرح شركة أخرى تعمل فى إنتاج الأسمدة. وأنهت مؤشرات البورصة تعاملاتها اليوم الثلاثاء على تراجع جماعى حاد، لخسر رأس المال السوقى للأسهم المقيدة نحو 12.41 مليار جنيه اليوم، وسط عمليات شراء من قبل المستثمرين العرب والمصريين، فى حين مالت تعاملات الأجانب نحو البيع. وتراجع مؤشر البورصة المصرية الرئيسى "إيجى إكس 30" بنسبة 3.5%، وخسر مؤشر "إيجى إكس 20" بنسبة 4.2%، وتراجع مؤشر الشركات المتوسطة والصغيرة "إيجى إكس 70" بنسبة 4.3%، وتراجع مؤشر "إيجى إكس 100" الأوسع نطاقًا بنسبة 3.4%. وتراجعت مؤشرات البورصات الخليجية خلال تعاملات اليوم بنحو حاد لتسجل مؤشراتها أكبر خسائر يومية منذ أكثر من 5 سنوات متأثرة باستمرار هبوط أسعار النفط دون مستوى 60 دولارًا للبرميل ليسجل الخام الأمريكى 59 دولارًا. وهبط مؤشر سوق تداول السعودى 7.9% ليصل عند إلى 7281 نقطة، فيما هبط مؤشر بورصة دبى بنسبة 7.2% مسجلاً 3080 نقطة، وتراجعت بورصة أبوظبى بنسبة 5.6% إلى مستوى 3947 نقطة. كما خسر مؤشر سوق قطر بحوالى 3.3% ليبلغ 11076 ومؤشر بورصة الكويت بنسبة 2.08% ليهوى إلى مستوى 6170 نقطة، وتراجعت السوق العمانى بنسبة طفيفة بلغت 0.19% ليصل إلى مستوى 2122 نقطة، كما تراجع سوق البحرين بنسبة طفيفة بلغت 0.30% إلى مستوى 1378 نقطة. قال الدكتور وائل النحاس خبير سوق المال إن أزمة أسعار البترول التى تفاقمت فى الأيام الأخيرة والتى تسببت فى ضربات موجعة للبورصات العربية والعالمية بدأت مع الخلاف الروسى الأوكرانى وما تبعه من وعيد أمريكى بضرب سعر البترول ليصل إلى 50 دولارًا للبرميل. وأضاف النحاس فى تصريحاتٍ له أنه بالفعل بعد وصول إنتاج أمريكا لمستوى 13 مليون برميل من النفط الصخرى بدأ ينخفض الطلب على المنتج العالمى بما يعادل حصة أمريكا ولكى يتم إنقاذ الاقتصاد الأمريكى والأوروبى، فكان من الضرورى أن يتم تقوية الدولار الأمريكى الذى يمثل قوة اقتصادها وعلى النقيض لابد من معالجة أحد أهم عناصر زيادة التكاليف للاقتصاد الأوروبى بخفض أسعار الطاقة ومعالجة مشاكلها الاقتصادية. وأوضح أنه فى نفس التوقيت بدأت الحرب على داعش تدق الأبواب خاصة أن الدول الخليجية المُنتجة للنفط هى من تدفع الفاتورة، وفى نفس الوقت هى تمويل لمصانع السلاح والقوات الأمريكية والأوروبية. وتابع: "مع بداية كسر حاجز 90 دولارًا للبرميل بدأت المشكلة تنتقل من سوق النفط إلى أسواق المال إذ بدأت بعض الصناديق السيادية والتحوط بالتخلص بجزء من استثمارتها فى الأسواق العالمية لمعالجة ما تكبدته ميزانيتها من خلل ولأن هذه الاستثمارات فى شركات طاقة كبرى وعلى الفور انتقلت هذه الأزمة إلى أسواق مال منطقة الشرق الأوسط، وبالفعل حدث ذلك وبدأت تتحول الفوائض فى الدول العربية إلى عجز ويتحول التوسع الاستثماري إلى انكماش ويتحول ارتفاع الدولار عالميًا إلى استيراد تضخم مع نقص الموارد المالية وتآكل العملات المحلية". وأشار إلى أن كل ما سبق كان له تأثير سلبى على الاقتصاد والبورصة المصرية فمع انخفاض سعر النفط تقل موارد قناة السويس الفترة المقبلة حيث إن رسوم القناة قد ارتفعت قرابة ال14% فى ال4 أعوام السابقة بحجة أن البترول فوق حاجز 100 دولار ولذلك إذا لم تلجأ الحكومة لتخفيض رسوم القناة سيلجأ البعض إلى اتخاذ طريق رأس الرجاء الصالح وأيضًا التأثير السلبى على الاقتصاد المصرى فى الميزان التجارى بقيمة الصادرات. وتابع النحاس أن وعود بعض الدول بزيادة الاستثمار فى مصر الفترة المقبلة أصبحت حاليًا فى موضع شك لأن بلدانهم أصبحت أكثر حاجة إليهم وهو ما رأينا فى مبيعات العرب والأجانب داخل البورصة المصرية، قائلًا: "ما أدى إلى الهبوط العنيف للأسهم والمؤشرات وكان التخارج من السوق المصرى بحجة تعويض خسائرهم التى لحقت بهم فى بلدنهم فما بالنا بالاستثمار ومع مرور الأيام منذ الأزمة المالية العالمية ولابد من اتخاذ إجراءات وقائية للحفاظ على المستثمرين فى البورصة وتفعيل صانع السوق وصناديق سيادية وتحوط التى طالما سمعنا عنها بعد كل أزمة".