فيما يبدو أنه رسالة من الجماعة الإسلامية لجميع الفرق والحركات الإسلامية الأخرى، انتقد د.ناجح إبراهيم المتحدث باسم الجماعة الإسلامية ، جماعة الإخوان المسلمين– دون أن يذكرها بالاسم لاستغراقها فى العمل السياسى، وتحوله لديها من وسيلة إلى غاية، واستخدامها الكذب والنميمة والخداع والمكر. كذلك حذر من أن يكون المسلمون مهملين للسياسة بالكلية كما هى بعض الحركات الأخرى التى تقصر حياتها على الاعتكاف فى المساجد وقاعات الدرس لتربية الناس، محذرا أن يكون المسلمين إحدى الفريقين. كما عاب إبراهيم الذى يتولى إدارة موقع الجماعة الإلكترونى على الجماعات الأخرى التى لا توازن بين النظريتين، فلا أقام الفريق الأول الدولة الإسلامية، ولا استطاع الفريق الثانى أن يحافظ على الدين الإسلامى فى النفوس والقلوب، وأهمل كل شىء حتى أصبح لا يعرف واقعه ولا ما يحاك ضد الإسلام. وطالب إبراهيم عبر مقال له بعنوان "نتعلم منك الوسطية يا سيدى يا رسول الله"، ضمن سلسلة مقالات بمناسبة ذكرى مولد الرسول"صلى الله عليه وسلم"، بأن يكون هناك وسطية بين الإسلاميين الذين استغرقهم العمل السياسى، وبين المعتكفين والمنغلقين على أنفسهم فى المساجد، معتبرا أن الفريق الأول استغرقته السياسة حتى النخاع، وتحولت لديه من وسيلة إلى غاية، وأصبح لا يدور إلا فى فلك السياسة وقلد وسائل العلمانيين فيها، وأصبح يقوم بما يقوم به العلمانيون، ويستحل ما يستحلونه، ويفعل ما يفعلونه، مستخدما الكذب والغيبة والخداع والمكر والغدر والوقيعة، وأخر الأمانة والصدق والخلق الكريم والوفاء بالعهد إلى حين التمكين وإقامة الدولة. ووصل الأمر، حسب رأى إبراهيم، أن هذه الأخلاق أصبحت جزءًا رئيسياً من أخلاق أبناء الحركات الإسلامية العاملين بالسياسة، وطبعاً أصيلا من طباعهم، ومع هذا، حسب تذكيره، لا الدولة الإسلامية قامت، ولا الدين الإسلامى بقى فى النفوس والقلوب. أما الفريق الثانى الذى يحذر منه إبراهيم، فهم الذين أهملوا السياسة بالكلية بدعوى التفرغ للتربية الإسلامية، واعتكفوا فى المساجد أو قاعات الدرس، ولا يشعرون بما حولهم ولا يعرفون ما يحاك للإسلام فى كل مكان، ولا يدركون شيئاً عن واقعهم الوطنى والمحلى والإقليمى والدولى الذين يعملون ويدعون للإسلام فيه، مؤكدا على الحديث النبوى "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم"، ومشددا على أن من لم يعرف واقعه ولم يختلط بمجتمعه فكيف سيعرف ما يحتاجه من الدعوة وما يناسبه من الخطاب الإسلامى وما يصلحه من الأحكام والآراء. وأوضح إبراهيم أن الإسلام دين ديناميكى لا يخشى الانفتاح على الآخرين، ولا يتوجس خيفة من التفاعل معهم، وتفاعل مع كل الحضارات، ولا يمنع من الاستفادة من الآخرين، لكنه منع أن يكون المسلمون مجرد تابعين لهم، أو التشبه بهم فيما هو من شعائر دينهم أو خصائص عقيدتهم، لكن ما دون ذلك من تقدم علمى وعسكرى وتكنولوجى وإدارى وسياسى وتعليمى، فلا حرج أن يأخذ المسلمون منهم والاستفادة والتعلم على أيديهم لتطوير بلاد المسلمين. كما حرص على التأكيد على أن الإسلام يرفض تقديس للعقل على حساب النص،و لا تغييب للعقل تماما ً حتى لو كان فى فهم النص، مطالبا الإسلاميين أن يعملوا عقولهم دائماً وألا يربوا الناس على إلغائه، وكذلك طالب العلمانيين ألا يقدسوا العقل، وأن يضع كل واحد منهم العقل فى مكانة الصحيح. وذكر أن التناقضات المزعومة ومحاولة تصوير الإسلام على أنه ضد العلم أو المعاصرة أو حق المرأة وكرامتها المزعومة، هو من تأليف وإخراج وإنتاج وصياغة العلمانيين، الذين يريدون دائمًا للعقل أن يكون مصادما ًللنص، وأن يظل العلم ضد الدين، ويصورون للجميع أن الدين ضد الحضارة والتقدم والرقى فى الدنيا، وأن حقوق المرأة مصادمة لقوامة الرجل. كذلك ذكر إبراهيم أن الإسلام نهى عن التشبه باليهود الذين التصقوا بالمادة والدنيا، وأهملوا صلاح القلب والروح، أو النصارى الذين ابتدعوا الرهبانية وتركوا إصلاح الدنيا وتعميرها، وأن يكون وسطاً بين دعاة الثبات والانغلاق، وبين دعاة التعبير حتى لو كان فى مبادئ الإسلام وغاياته العظمى وأركانه الأساسية.