رصدت مجلة "دير شبيجل" الألمانية الأزمة الأوكرانية، مسلطة الضوء على التشابه الذى تحمله هذه الأزمة من تشابهات جيوسياسية ولكنها ليست بالقدر الكافى لأن تكون مطلقة. واستهلت المجلة - فى تقرير أوردته على موقعها الإلكترونى - أن الأزمة الحالية الأوكرانية، كما يتضح للجميع مشابهة فى أصدائها التاريخية، ليطرح السؤال نفسه ما وجه التشابه على وجه الخصوص بين حرب تاريخية شهيرة والأزمة الأوكرانية الحالية؟ لتأتى الإجابة بأن صعوبة المشهد فى أوكرانيا تنبع على وجه الخصوص من تعدد الروايات التاريخية المتناقضة تماما التى تكتنف المشهد، وأنه من الواضح جدا أن الأزمة لا يمكن أن تفهم أو تحل من جانب منطقى. وذكرت أنه بعد مائة عام بين الأزمتين، فإن تشابههما لا يأتى فقط من ناحية التعقيد، ولكن أيضا من ناحية التصعيد السريع، بعدما حدث فى أزمة 1914 عندما قتل ولى العهد النمساوى وزوجته من قبل جماعة صربية متطرفة، وتلا الحادث إنذار وجهته الحكومة النمساوية، مدعومة من ألمانياوفرنسا، لجارتها صربيا، بينما فضلت روسيا الوقوف بجانب عميلتها صربيا بالتعبئة ضد ألمانياوفرنسا، عندما اشتعل الموقف وقررت حينها النمسا (المدعومة من ألمانيا) التحرك ضد صربيا (المدعومة من روسيا) كرد فعل غاضب منها من ردها على تحذيرها، لتشتعل الحرب العالمية الأولى فى أغسطس 1914، التى شاركت فيها كل من فرنسا وبريطانيا. وتابعت المجلة أن شبح الحرب هو تذكار مفيد لما قد يحدث إذا فشلت المحادثات، وأصبح الوصول لحل وسط أمر مستحيل، وأنه فى الحقيقة فإن التحالفات المناصرة للطوارئ الأوكرانية تحمل القليل من الشبه للظروف الجيوسياسية لعام 1914، والتى واجهت حينها قوتين مركزيتين عالميتين وثلاث قوى عالمية على أطراف أوروبا الشرقيةوالغربية، بينما يوجد اليوم تحالفات أوسع من الدول الغربية والأوروبية الوسطى ضد تدخل روسيا فى القرم. وأضافت أن حرب القرم، التى اشتعلت فى الفترة ما بين 1853- 1865 قد تكون مثالا أنسب، والتى حينها أيضا كون تحالف غربى لصد مشروعات الإمبراطورية الروسية، حيث بعثت روسيا قواتها حينها للتدخل بالقرم بحجة حماية المسيحيين الموجودين تحت إمرة الحكم العثمانى فى ذلك الوقت، كما تفعل اليوم أيضا بحجة حماية الأقليات العرقية الموجودة فى أوكرانيا، ولكنه يجب الحد من المبالغة فى الذهاب بالتشبيه بعيدا كمقارنة جزئية لوصف فترة الخمسينيات من القرن قبل الماضى، والتى خشيت القوى الغربية حينها أن تكون الغوغاء الروسية ضد العثمانيين مؤثرة على استقرار المنطقة بالكامل من الشرق الأوسط لوسط آسيا، وتقويض الوضع الأمنى للإمبراطوريات الفرنسية والبريطانية، وبأنه بزوال الإمبراطورية العثمانية عن الأزمة الحالية، فإن آليات النزاع الإمبريالية غير موجودة فى الأزمة الحالية بين روسيا ودولة كانت حليفة لها فى منطقتها.