سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الآثار: قانون ضم المبانى التاريخية «صارم» لكنه «غير مفعَّل».. والحل بإنشاء وزارة سيادية للتراث.. رئيس إدارة الآثار الحديثة: أصحاب القصور والفيلات يطالبون بمليارات للتنازل عنها
قانون التراث الحضارى ليس الجهة الوحيدة فى مصر المعنية بحماية القصور والفيلات التراثية، فهناك وزارة الآثار المصرية، التى تضم إدارة مختصة للآثار الحديثة، وهى المبانى «من القصور والفيلات» التى لم يمر على بنائها مائة عام، لكنها تعتبر آثارا وفقا لمجموعة عوامل يحددها قانون الآثار نفسه، وقد خصص قانون الآثار المعدل عام 2010 عددا من المواد منها المادة الثالثة التى تنص على أن يجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء، بناء على عرض الوزير، أن يعتبر أثرا أى عقار أو منقول ذى قيمة تاريخية أو علمية أو دينية أو فنية أو أدبية متى كانت للدولة مصلحة قومية فى حفظه وصيانته، وذلك دون التقيد بالحد الزمنى الوارد بالمادة (2) من هذا القانون، وفى هذه الحالة يعد مالك الأثر مسؤولاً عن المحافظة عليه، ولا يحق له إحداث أى تغيير فيه، وذلك من تاريخ إبلاغه بهذا القرار، وبناء على هذه المادة فإنه يحق للآثار استصدار قرار من مجلس الوزراء بضم المبانى والقصور والفيلات التاريخية لقوائمها، ويكون لها الحق فى متابعتها وحمايتها وإخضاعها لقانون حماية الآثار الذى يجرم هدمها أو البناء عليها أو حتى تغير ملامحها، كما نصت المادة «18» من نفس القانون على أنه «يجوز نزع ملكية الأراضى أو المبانى المملوكة للأفراد لأهميتها الأثرية التى يقدرها المجلس، كما يجوز بقرار من رئيس الجمهورية الاستيلاء عليها مؤقتاً إلى أن تتم إجراءات نزع الملكية». هاتان المادتان التى تنظمان ضم المبانى التاريخية والتراثية إلى وزارة الآثار، وبالنظر إليها لا نجد صعوبة فى ضم القصور والفيلات إلى الآثار وإخضاعها إلى القانون . يقول الدكتور محمود عباس رئيس الإدارة المركزية لإدارة الآثار الحديثة بوزارة الآثار: إن ضم هذه القصور والفيلات أمر غاية فى الصعوبة ويكاد يكون مستحيلا، موضحا أن الآثار تلقت العديد من الشكاوى الخاصة بهدم هذه الفيلات، كما قامت بتشكيل اللجان لمعاينتها، ورأت أن بعضها لا يخضع لشروط ضم الآثار وبعضها تنطبق عليه شروط الضم، لكن التنفيذ يكاد يكون مستحيلا، وفقا لعدد من الظروف التى تحكم الموضوع، لذلك يكون ضمها لقوائم التنسيق الحضارى أسهل بكثير. وأوضح عباس أن شروط ضم المبانى التى لم يمر على إنشائها مائة عام لقوائم الآثار، هى أن يكون المبنى نادرا من الناحية العمرانية والفنية، مكوناته المعمارية سليمة ومميزة، موضحا أن الشروط لا يوجد بها أزمة، لكن المشكلة الحقيقية والأزمة التى تواجه الآثار فى التسجيل لأن هذه المبانى، متنازع عليها قضائيا إما بين ورثة أو بين ورثة وحكومة، وفى حالة ضم هذه القصور والفيلات إلى وزارة الآثار يكون على الوزارة التزامات بحراسة المبنى وترميمه وصيانته دوريا، وتعيين مفتشين ومرممين فى المكان هذا بخلاف بند التعويض الذى يجب أن تدفعه، موضحا أن الوزارة عليها تعويض أصحاب هذه الفيلات والقصور، وغالبا ما يطلب هؤلاء مبالغ كبيرة جدا، وهذه المبالغ بالطبع لا يجدها أصحاب هذه الفيلات مع الجدولة، فيلجأون إلى رجال الأعمال وشركات الاستثمار التى تقوم بدفع هذا المقابل لهدم هذه القصور والفيلات، مؤكدا أن أصحاب هذه القصور والفيلات مسؤولون عن بيعها وهدمها، لأنها ملكيات خاصة، موضحا أن هناك من أصحاب هذه القصور والفيلات من يقوم بحيل لبيع ممتلكاتهم مثل ترك المياه مفتوحة فى المبنى حتى تشققت الأرضيات والحوائط، كما يقومون بحيلة أكثر خبثا وهى الحصول على قروض من البنك بضمان هذه المبانى أو مقتنياتها ولا يقومون بسداد قيمة قسط القرض، فترفع البنوك قضايا حجز على المبنى فيتدخل رجال الأعمال فى شراء هذه المبانى بناء على اتفاق بينهم وبين ملاك المكان. وأوضح عباس أن هناك مشكلة أخرى وهى أن عددا كبيرا من هذه القصور، سواء كانت مسجلة أثريا أو خاضعة لقانون التراث الحضارى، مستغلة من قبل عدد من المؤسسات والمبانى فى الدولة، وبالتالى وزارة الآثار وجهاز التنسيق الحضارى ليست الجهات الوحيدة المعنية بالأمر، فهناك مساجد أثرية تابعة لوزارة الأوقاف وهناك قصور وفيلات مستغلة من وزارة الثقافة وقطاع الفنون التشكيلية، وهناك عدد من المبانى التراثية تابعة للمحافظات وللوزارات مثل مبنى وزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة التعليم ووزارة التعليم العالى ووزارة الأوقاف وقطاع الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة ومبنى مجلس الشورى والمجمع العلمى والجمعية الجغرافية وكل قصور الرئاسة وبعض القصور الأثرية والتراثية المستغلة كالمدارس، وبعض القصور التى تحولت إلى فنادق مثل الماريوت وشبرد والمينا هاوس وغيرها، وكل هذه المبانى رغم أن حالتها جيدة ومن يستغلها، سواء كانت مؤسسة من مؤسسات الدولة أو مؤسسة خاصة تعتنى بها أكثر مما تعتنى الدولة بالآثار، فإن الأمر يحتاج لوجود مؤسسة سيادية يكون لها الحق فى الإشراف على هذه المبانى الخاضعة لوزارتى الآثار والثقافة وغير الخاضعة لها، بحيث تكون وزارة تراث معنية بكل ما هو يخضع للآثار والتنسيق الحضارى والتراث.