أول ما قرأت له كان عمله المسرحى المثير للجدل "زيارة للجنة والنار" وأعنى بكلمة مثير للجدل، لأنه فى هذا العمل جعل الملك يفتقد فى النار كثير من أعضاء شلة الأنس الذين تابوا كلهم ودخلوا الجنة. إنه مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ، ولد عام 1921، بشبين الكوم المنوفية، درس الطب وتخرج عام 1953 لكنه تفرغ للكتابة فوصل عدد كتبه إلى 89 كتاباً منها السياسى والعلمى والدينى والفلسفى، إضافة لقصص الرحلات، والخيال العلمى، ومسرحياته الأدبية ومجموعاته القصصية الشهيرة. فى حياته محطات مثيرة للجدل، حيث كان الإلحاد هو التيار الأوسع انتشاراً أوائل القرن العشرين، أو على وجه الدقة انتشرت كتابات اتهمها البعض بالإلحاد، فظهر كتاب "لماذا أنا ملحد" لإسماعيل أدهم، وأصدر طه حسين كتابه "فى الشعر الجاهلى"، وكان مصطفى محمود بعيداً عن الأضواء، وكان لم يزل فى مدينة طنطا يعيش، حيث أثر مسجد السيد البدوى الذى يعد أحد مزارات الصوفية الشهيرة فى مصر، على أفكاره، وظهرت تساؤلاته الأولى عن الحياة والموت بقسم التشريح بكلية الطب، وفيما بعد اقترب كثيراً من تيار الفلسفة الوجودية الذى ظهر فى الستينيات، والذى احتاج منه لقراءة الكثير عن فلسفة ديكارت، البوذية، البراهمية، الزرادشتية، وقضى ثلاثين عاما من المعاناة والشك بحثا عن الله، وكان لهذه التجربة أثرها فى صنع المفكر الدينى مصطفى محمود، وكانت نهاية الثلاثين عاما بكتبه العميقة "حوار مع صديقى الملحد"، "رحلتى من الشك إلى الإيمان"، "التوراة"، "لغز الموت"، "لغز الحياة" وكتب أخرى. ولا تخلو حياته من معارك وأزمات، ربما كان أشهرها على الإطلاق تقديمه للمحاكمة فى عهد عبد الناصر بسبب كتابه "الله والإنسان"، لكن المحكمة اكتفت بمصادرة الكتاب، رغم أن المحاكمة كانت مطلبا رئاسيا، وسانده فى هذه الأزمة الرئيس السادات الذى قرر إعادة طبع الكتاب، وكانت أقرب هذه الأزمات لوقتنا هذا أزمة كتاب "الشفاعة" عندما صرح بأن الشفاعة الحقيقية غير التى يروج لها علماء الحديث، وقتها تحامل عليه الكثير وهاجمه أساتذة الشريعة الإسلامية، ولم ينصره فى هذا الموقف سوى نصر فريد واصل مفتى الجمهورية السابق الذى أكد أن مصطفى محمود رجل علم ومشهود له بالغيرة على الإسلام. اعتزل مصطفى محمود الكتابة وأصيب بجلطة مخية عام 2003، بعد حياة حافلة أثمرت فى فنون عديدة، حتى أنه أدلى بدلوه فى العمل الإعلامى، ببرنامجه الشهير "العلم والإيمان" الذى قدم منه 400 حلقة تلفزيونية، وكان حضوره أيضا مشهودا فى العمل الخيرى، بمسجده الكبير فى منطقة مصطفى محمود بالمهندسين الذى أنشأه عام 1979 من عائد كتابه "المستحيل" وأوجد داخله 3 مراكز طبية تهتم بعلاج ذوى الدخل المحدود، كما يضم المسجد أربعة مراصد فلكية ومتحفا للجيولوجيا.