سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القس جوهر عزمى: أرفض مبايعة الكنيسة لأى مرشح رئاسى ودورنا يقتصر على التوعية السياسية .. احتكام المسيحيين واليهود لشرائعهم ليس فى صالح الدولة لأنه يغلق مصر اقتصادياً أمام نصف العالم من غير المتدينين
نقلاً عن اليومى.. الكنيسة الإنجيلية كنيسة عريقة لها العديد من المواقف الجادة والمهمة فى مختلف القضايا الوطنية التى يؤكدها ما تقدمه من أنشطة وخدمات مهمة فى عدة مجالات، أهمها ما يقوم به مجلس الحوار والعلاقات المسكونية الذى يرسخ مبدأ الحوار المسيحى الإسلامى والانصهار فى بوتقة الوطن الواحد، ونبذ التعصب أهم أهدافه، كما أنها ترسخ هذه المبادئ فى النشء من خلال خدماتها العريقة فى مجال التعليم حيث بدأت بمدرسة رمسيس كوليدج عام 1908 واستكملت رسالتها فى 23 مدرسة فى 9 محافظات، وهى مدارس مشتركة بين البنات والبنين مسلمين ومسيحيين نهجها يقوم على انفتاح العقل، سعينا للتعرف على مفردات هذه التجربة عن قرب من خلال القس جوهر عزمى، الأمين العام المساعد لمدارس سنودس النيل الإنجيلية وعضو اللجنة التنفيذية لمجلس الحوار والعلاقات المسكونية، الذى كان له موقف وطنى رافض «لانفتاح الكنيسة الإنجيلية على الإخوان كتنظيم» ولم يحبذ اللقاء الثنائى بين البابا تواضروس الثانى والمشير عبدالفتاح السيسى، وإلى نص الحوار. هل تمنع الكنيسة الإنجيلية شعبها من زيارة القدس؟ - لا تمنع، وأنا أرى أن منع الزيارة ليس من الحكمة ولا يصب فى مصلحة الفلسطينيين، لأنه يشعرهم بالعزلة بمنع الدعم المعنوى والمادى وترك القدس كلية فى يد الإسرائيليين. ما أسباب الخلاف بين الطائفة الإنجيلية والأرثوذكسية؟ - هناك شعور لدى الكنيسة الأرثوذكسية بأننا نتربص بأبنائها لاجتذابهم للكنيسة الإنجيلية، لأن كثيرًا من الأسر والشباب تنجذب لكنيستنا بدون تعمد من جهتنا، وهذا بسبب حرصنا على الحرية الفكرية، فنحن «لا نفرض أفكارنا اللاهوتية» على الرعية وهذا ما يحبه الشباب، ولا أحد يستطيع الآن فرض وصايته على الشباب. هل تحرصون على تجاهل اختلافاتكم المذهبية مع الطوائف الأخرى خاصة الأرثوذكسية؟ - أرى أن التجاهل غير صحى، ولا أجد حرجا فى عرض هذه الاختلافات فى وسائل الإعلام بدلا من ترك المجال لغير المختصين بعرضها، مما يؤدى إلى اتساع دائرتها وتضخيمها، ونقطة الاختلاف أن الكنيسة الأرثوذكسية تريدها وحدة عقيدة بين الكنائس، أما نحن فنرى أنها وحدة إيمان ووحدة روحية. لماذا لم تتوسعوا فى الاستثمار فى المدارس؟ - لدينا رسالة تعليمية واجتماعية وأخلاقية، ونسعى لبناء الإنسان أولا، والحقيقة أن إنشاء المدارس يحتاج تمويلا ضخما، والكنيسة الإنجيلية ميزانيتها محدودة عكس ما يشاع، ونحن ننشئ كل عدة سنوات مدرسة، ولدينا 23 مدرسة فى 9 محافظات تستوعب أكثر من 30 ألف طالب وطالبة أحدثها مدرسة القطامية الدولية، والكثافة داخل كل فصل من 30 إلى 37 طالبًا فى المدرسة العادية، أما فى المدارس الدولية فتتراوح كثافة الفصل بين 20 و25 تلميذا، ونحرص أن تكون مدارسنا مشتركة بين البنين والبنات مسلمين ومسيحيين، لأننا أبناء وطن واحد وعلينا الانصهار فى بوتقته دون تمييز. من وجهة نظرك ما الأسباب الرئيسة وراء أزمة التعليم فى مصر؟ - أزمة التعليم فى مصر ثلاثية، فهناك ضعف فى إمكانيات الحكومة التى لا تستطيع أن توفر الكوادر التعليمية والإمكانيات اللازمة لكل مدرسة وعدم قدرتها على تأهيل وإعداد المدرس إعدادا جيدا وضعف رواتب المدرسين. والجانب الثانى، هو دخول فئة من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال فى مجال التعليم بهدف الربح فقط، دون الالتفات للرسالة التعليمية، أما نحن فلا نسعى للربح، لذلك لا نغالى فى المصروفات والأولوية عندنا هى بناء الإنسان فكرا وأخلاقا. والجانب الثالث، وجود مدارس تخدم أيديولوجية أو فكرا معينا وتربى طلابها وفق منهج فكرى خاص بأصحاب تلك المدارس، وبالتالى يتخرج لنا أشخاص مشوهون فكريا، كما أن هناك مشكلة كبيرة فى التعليم فى مصر وهى ازدواجية التعليم وبالذات ازدواجية التعليم الدينى والمدنى. هناك من يقول إن الكنيسة الإنجيلية تحاول بث فكرها الدينى من خلال مدارسها؟ - تعليمنا لا يقوم على منهج سياسى أو دينى أو طائفى، ونسعى فقط لتقديم مجموعة من القيم الإنسانية والفكرية والمجتمعية لبناء الإنسان عقليا ووجدانيا. أبرز قيمنا هى التسامح والانفتاح الفكرى وحب الوطن والصدق وحب العلم وتقبل الآخر بدليل أن نسبة الطلبة المسلمين فى بعض مدارسنا تتجاوز ال %65. هل ترى أن الدستور مثالى؟ - الدستور ليس مثاليًا، لكنه الأنسب لهذه المرحلة، ونحن لم نعترض على المادة الثانية فى الدستور للحفاظ على التسامح الوطنى وحتى لا نثير مشكلة طائفية، لكن لا توجد دساتير مثالية تنص على دين للدولة ولا أنه مصدر أساسى للتشريع، واعترضنا على المادة الثالثة وهى احتكام المسيحيين واليهود لشرائعهم فى شؤونهم الاجتماعية واختيار قيادتهم الدينية، وهذا النص ليس فى صالح الدولة، لأنه يغلق مصر اقتصاديا أمام نصف العالم الذين لا دين لهم. هل الدستور يساهم فى حل إحدى أزمات التعليم؟ - الدستور خصص نسبة من ميزانية الدولة للتعليم، لكن المسألة تحتاج وقتا طويلا لحل أزمات التعليم، وحل أزمة التعليم فى مصر لا تحل بمادة فى الدستور، بل الأامر يحتاج إلى حزمة من الإجراءات. الأهم من وجهة نظرك إنشاء مدرسة أم كنيسة؟ - المدرسة أهم، لأنها أشمل من الكنيسة، فهى تخلق وتبنى الإنسان مسلمًا أو مسيحيًا ومن جميع جوانبه الوجدانى والعقلى والثقافى والعلمى، وداخل كل بيت يستطيع المسيحى أن يبنى كنيسته وداخل قلبه. ما رأيك فى تدخل رجال الكنيسة فى السياسة؟ - لا يمكن فصل السياسة عن باقى جوانب الحياة، ورجل الدين يجب ألا يشتغل بالسياسة، لكنه مواطن يهتم بشؤون وطنه وقضاياه ومن حقه أن يبدى رأيه غير الملزم لغيره، ويجب على رجل الدين ألا يفرض على الآخرين اتجاها سياسيا معينا، ولكن المشكلة أن الشعب يربط بين رأى رجل الدين والمؤسسة الدينية التى ينتمى لها. ما رأيك فى الترشيحات الرئاسية القادمة؟ - المرشح لرئاسة مصر لابد أن تتوفر فيه قدرات معينة، أهمها القدرة على القيادة والإدارة والإلمام بملفات مصر الداخلية والخارجية ولديه القدرة على التفكير الاستراتيجى. أنا أؤيد السيسى لأنه رجل لم تصنعه «الفهلوة» المصرية ولا وسائل الإعلام ولا أجهزة مخابرات محلية أو دولية، ولكنه صاحب مواقف حقيقية أثرت فى الشعب، ومن يعيبون عليه كونه عسكريا وبالتالى يشككون فى قدرته على الحكم الديمقراطى، أقول لهم لابد أن نفرق بين الحاكم ذى الخلفية العسكرية وبين الحكم العسكرى، فليس بالضرورة من يكون عسكريا أن يحكم حكما عسكريا، بدليل أننا نجد فى السودان رئيسا عسكريا يحكم حكما دينيا، وفى إيران رئيسا مدنيا يحكم حكما دينيا، وأكثر من نصف حكام أمريكا ذوو خلفية عسكرية وحكموا حكما ديمقراطيا مدنيا. كرجل دين ومواطن ما الذى تطلبه من السيسى إذا حكم مصر؟ - أطلب منه أن يبنى نظاما ديمقراطيا حقيقيا لحكم مصر، لأن هناك مخاوف من ديكتاتورية الشخصية العسكرية، فلو نجح فى هذا فسيكسب ثقة الجميع، وكرجل دين أطلب منه أن يعطى اهتماما كبيرا لملف التسامح الدينى. ما رأيك فى الملف الأمنى؟ - الملف الأمنى مهم جدا، لأنه أساس الاستقرار والاقتصاد، وأرى أن السيسى قادر على ترسيخ الأمن لأنه رجل مخابرات وعسكرى. ما رأيك فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى؟ - إجهاض أى ثورة أو اكتمال نجاحها يعتمد على الحكومة التالية للثورة، فلو كانت حكومة غير ثورية فهذا يعنى أن الثورة لم تحقق أهدافها، وهذا ما حدث بعد 25 يناير و30 يونيو حيث لم تكن هناك حكومات ثورة، لذا لم تكلل بالنجاح الحقيقى. ما رأيك فيمن يقولون إن ما حدث فى 30 يونيو انقلاب وليس ثورة؟ - هذا إنكار لرأى الملايين التى نزلت الشوارع رفضا لحكم محمد مرسى، وعددهم يفوق الأعداد التى ثارت على حكم مبارك، وكم الغضب الجماهيرى والرفض لنظام مرسى فاق الغضب والرفض لنظام مبارك ومن جميع فئات وطبقات الشعب. هل ترى أن الأربع سنوات مدة حكم الرئيس القادم كافية لتحقيق الإنجازات المطلوبة؟ - نعم هى كافية، على الأقل سنرى بذور النجاح وبشائر الخير. إذا لم يستطع السيسى تقديم ما ينتظره منه الشعب فهل من الممكن أن يثور مرة أخرى؟ - بالطبع، إذا لم تستقر مصر اقتصاديا فسيثور الشعب مرة أخرى، لأن الاقتصاد هو المحرك الرئيسى للشعوب، ولا توجد قوة أكبر من الشعب، وهذا فى تاريخ كل الدول، وأؤكد أن الأمن هو البداية للاستقرار. هل توافق على هجرة الأقباط التى تضاعفت فى الفترة الأخيرة؟ - أنا ضد الهجرة وترك البلد وقت احتياجها لأبنائها، لكنى لا أدين من هاجر وأتوقع أنه فى الفترة القادمة ستستقر أحوال مصر وكثيرون ممن هاجروا سيفكرون فى العودة وكل رؤوس الأموال ستعود مرة أخرى. ما الذى تقوله للشباب الثورى فى هذه المرحلة؟ - أقول لهم: اهدأوا حتى لا تضيع مصر، فالثورة لا تعنى هدم الدولة، ولكن بناء نظام أصلح، واقرأوا تاريخ الثورات فى كل بلاد العالم وتاريخ الحركات الدينية. ما دور الكنيسة فى المرحلتين الحالية والقادمة؟ - دور الكنيسة يقتصر على التوعية بالمخاطر التى تهدد البلد وتاريخ مصر وتثقيف الرعية سياسيا دون توجيه وترك حرية الاختيار للشباب فى ضوء التوعية، ولا ننس أن رؤساء الكنائس فى موقف حساس فلا يمكن فصل آرائهم الشخصية عن آراء مؤسساتهم، لأنهم رؤوس هذه المؤسسات فالأفضل أن يحجبوا آراءهم، لأن المجتمع المسيحى لا يمكن أن يفصل بين رأى شخصى لرئيس الكنيسة وكونه قائدا للكنيسة مما يؤثر عل آرائهم. وما رأيك فى اللقاء الثنائى بين السيسى والبابا تواضروس؟ - بالنسبة للقاء الذى حدث مؤخرا بين السيسى والبابا تواضروس، فتقديرى أنه لم يكن صائبا، لأنه أثار تساؤلات وعلامات استفهام حول مبايعة البابا تواضروس للسيسى وهل تعهد له أن يكون هناك تأييد مسيحى له، فهذه الزيارة لم تأت فى وقت مناسب. ما موقف الكنيسة الإنجيلية من ترشح السيسى؟ - الكنيسة الإنجيلية لم ولن تعلن موقفها الرسمى من المرشحين، وهذا من الحكمة، ولكن من الممكن استضافة جميع المرشحين فى لقاءات «جماهيرية» كنسية للتعريف ببرامجهم الانتخابية كنوع من التوعية.