تعتبر المياه أهم المصادر الطبيعية التى لا يمكن للحياة أن توجد بدونها على كوكب الأرض وتظل نعمة من الله لخلقه نقية طاهرة, ولكن الإنسان بجهله أو تجاهله حولها إلى مصدر من مصادر التلوث الخطير بما يلقى فيها من مياه الصرف الزراعى والصناعى والصحى حتى أصبحت مصدراً للمرض وتدهور صحة الإنسان. وقد تم إجراء فى دارسة بكلية الزراعة جامعة أسيوط, لمعرفة تأثير تلوث مياه الشرب نتيجة صرف مخلفات بعض المصانع فى مياه النيل, حيث أوضح الدكتور رأفت فؤاد عبده أستاذ الوراثة وبيولوجيا الخلية بكلية الزراعة أن البيئة المحلية بمدينة أسيوط بشكل خاص تشهد تلوثاً واضحاً فى مياه الشرب فى كثير من المناطق , فهناك شكوى مستمرة لسكان المدينة من التغير شبه اليومى لمياه الشرب, من عديمة اللون إلى بنية وأشد من ذلك, مما دفع البعض إلى استخدام المرشحات والفلاتر بمنازلهم أو غلى المياه وتخزينها. وقد توجهت الدراسة لبحث تأثير المياه الملوثة على الناحية الوراثية, والتى وجد أنها تؤثر على كلٍ من الانقسام الخلوى "الميتوزى" والمادة الوراثية "الكروموسومات", وقد استخدمت للاختبار خلايا القمم النامية لجذور نبات البصل, والذى يستدل به على إمكانية حدوث تأثيرات ضارة مماثلة على الإنسان الذى يستهلك هذه المياه. وتم أخذ عينة مباشرة من أماكن الصرف الصحى بمياه نهر النيل وتم التعامل معها بثلاث تركيزات 25%, 50% 100%, وقد أظهرت النتائج مدى التأثيرات الضارة لمثل هذه المخلفات على المادة الوراثية للنبات, والتى لا تختلف فى جوهرها على المادة الوراثية للإنسان أو الحيوان, وهو مادة DNA, وبالتالى تأثيرها الضار المحتمل على صحة العامة. كما أوضحت الدراسة أن حوالى 60% من أمراض الكلى – وعلى رأسها الفشل الكلوى – وأمراض الكبد تنتج عن استعمال مثل هذه المياه الملوثة , لذا تنصح الدراسة لمعالجة هذه المشكلة بتجنب إلقاء مخلفات المصانع وغيرها فى مياه نهر النيل أو فروعه, أو على الأقل معالجتها قبل إلقائها, وتجدر الإشارة إلى أن خبراء علم الكائنات الدقيقة (الميكروبيولوجى) قد شرعوا فى تربية سلالات بكتيرية تنمو بغزارة فى مياه الصرف الصحى, وتعتمد فى غذائها على المواد العضوية الغنية بها تلك المياه.