من سنوات عديدة عرض التليفزيون المصرىّ مسلسلا قديما بعنوان: فيه حاجة غلط للفنان الراحل حسن عابدين، كان يتناول سلبيّات المجتمع المصرىّ فى أواخر الثمانينات من القرن الماضى تذكّرت الاسم اليوم، لكن على أساس أنّه: فيه حاجة صحّ! الله يحرس مصر و يحميها من كل شرّ ويبعد عنها الحسد يا ربّ. مصر فيها حاجة صحّ هذه الأيّام! هناك شعور عام يسرى فى قلوب المصرييّن جميعا حاليا, شعور بالانتماء, شعور بالرغبة فى التّعبير عن المحبّة لمصر, شعور بالفخر بمصريّتهم, شعور بالمحبّة للرّئيس مبارك, شعور بالقبول لجمال مبارك, شعور بالرّغبة فى التّعبير عن الوحدة الوطنيّة, شعور بالواجب تجاه الوطن، شعور بالأمل فى غد أفضل رغم التّحدّيات، شعور بالثّقة فى الحكومة أفضل ممّا كان سابقا، شعور بضرورة إعلان ذلك، وعدم إخفائه, شعور بضرورة توصيل رسالة للآخرين وللغرباء أنّ مصر تستحقّ المحبّة وأنّ مصر موضع افتخار من أبنائها وأنّ المصرييّن موحّدين ومثقّفين وواعين ووحدة واحدة ضدّ الغرباء وضدّ الإرهاب وضدّ الفتنة الطائفيّة وضدّ التدخّل الخارجى وأنّ المصرييّن يريدون الحياة وقادرين على تطوير مصر، وأنّ مصر أولاّ وقبل أى فرد وقبل أىّ بلد آخر وقبل أىّ قضية أخرى، وأنّهم عندما شعروا بالخطر الخارجىّ والداخلىّ وعندما اكتشفوا مؤامرات ضدّ أرضهم وحدودهم ووحدتهم ورئيسهم وسلامهم ومستقبلهم وأمنهم نسوا كل شىء آّخر واقتربوا من بعضهم البعض صاروا سدّا منيعا أقوى من السدّ العالى نفسه. الأعلام المصرىّ متفوّق هذا العام بجدارة بعد غفلة وغفوة وغيبوبة استيقظ الإعلام المصرى ومن أجمل العلامات على صحوته تعبير الفنّانين والإعلامييّن عن وطنيّتهم وعن محبّتهم لمصر ورفضهم أىّ تطاول على مصر أو على رئيسهم ورفضهم أىّ لعب على وتر الفتنة الطّائفيّة، بما أنّ التّفاؤل يصيب الآخرين بالعدوى مثلما التّشاؤم أيضا والإحباط، كما فعل البعض وحاولوا نشره بين المصريين، وأيضا التّنويهات التى تحثّ على الاستثمار وتشرح للناس البسطاء سبب وأهميّة الضرائب والطّرق وضرورة ترشيد الأنفاق وكيف عبرت مصر الأزمة الاقتصادية، وكيف يجب على المواطن حماية ممتلكات الدولة إضافة إلى المسلسلات التّى فيها قدر من الوطنيّة ونيّة عمل فيلم عن حرب أكتوبر كلها خطوات محسوبة وفى وقتها، ونريد استمرارها، بل تكثيفها وتنويعها وأن تكون مصحوبة بأفلام تسجيليّة وأغانى وطنية قديمة وجديدة، فهذه الأشياء توقظ الضّمير وتبكّت القلب الّذى هاجر إلى فضائيّات أخرى مبهورا بها على مدى سنوات إلى أن اكتشف حقيقتها ومن ورائها، وقد كانت العودة لغالبيّة المصرييّن مثل شخص هاجر وانبهرت عيونه بالخارج، ثم شعر بالغربة وعاد لحضن الوطن. لأوّل مرّة يصبح هناك مظاهرة على محبّة الرّئيس ورغبة فى التّعبير الصّادق والتّلقائىّ عن ذلك علانية، ودعم للسّيد جمال مبارك أيضا حتى قبل أن يرشّح نفسه ولا أحد يطالبهم بذلك، إنما هى رغبة فى كل مصرىّ أن يعلنها للكلّ أنّ المصرييّن أذكياء ولا أحد يستطيع أن يسيطر على رأيهم أو يحرضّهم ضد بلدهم أو ضدّ مصلحتهم، وأنّهم يفهمون جيّدا ما يحاك ضدّهم فى الدّاخل والخارج، حتى البرامج الدينيّة صارت تدعو لقبول الآخر، وقبول تنوّع الأديان بطريقة فيها محبّة وتسامح حقيقىّ، وهذا هو خير ردّ على الهجمات الشّرسة التى وجّهت ولا تزال تحاك ضدّ مصر بشتّى الطّّرق وردّا على الأفلام والمسلسلات الّتى طالما أساءت لمصر عن عمد وأظهرت فقط الجانب السلبىّ وضخّمته والّتى ربّما كانت مقصودة وبتحريض من جهات خارجيّة. تحيّة لمصر نهر الخير والمحبّة ومبدعيها وفنّانيها، والملاحظ هذا العام أيضا التنوّع الجميل فى المسلسلات والبرامج خاصّة الكوميديّة الّتى تحمل نكهة مصريّة، خاصّة لا ينافسها أحد والتّى تسبق الآخرين بمراحل، بما يؤكّد أنّ نهر الأبداع عند المصرييّن لا ينضب أبدا، وأنّ مصر ولاّدة وهى صاحبة الرّيادة فى الفنّ اليوم مثلما كانت دائما. هذه هى البداية والصحّ يجلب الصحّ ويجب أّلاّ يكون صحوة مؤقّّتة تنتهى بعد حين لأنّ أعداء مصر ومؤامراتهم لن تتوقّف، بل ستزداد ولذلك يجب أن يتقوّى ويستمرّ نهر الحبّ والانتماء الّّذى فعلا صار موجودا حاليا، وربّما فى مصر فقط إلى الحدّ الّذى تشعر معه أنّ كل مصرىّ يريد أن يصرخ بعلوّ صوته: أحبّ مصر وأحترم مبارك وأؤيّد جمال و أرفض أىّ تهديد أو تدخل ضدّ مصر.. عاشت مصر.