سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"اليوم السابع" يخترق مثلث الرعب على الحدود.. "المهدية" و"المقاطعة" و"جوز أبورعد" قرى تحت نيران الحرب الإرهاب.. حملة القوات المسلحة استهدفت إحراق وتدمير عدد من مخازن وقود تم تجميعها لنقلها إلى غزة
قرى سيناء "الحدودية" الملتهبة أصبحت هى والعنف رفقاء.. لا يغيب عن يومياتها أصوات التفجيرات، وإطلاق الرصاص هنا وهناك.. هى ممر لعناصر الإرهاب وتجار المخدرات ومهربى الأفارقة، واستوطن جنباتها مسلحون بعضهم يعتنق أفكار جهادية وآخرين أفكار تكفيرية، إلى جانب الغالبية من قاطنيها من أهالى جميعهم أبناء قبائل بدوية عدة.. على مسافات متقاربة تنتشر منازلهم وسط بقايا أشجار خوخ ومزارع زيتون، وتتصل بعضها البعض عبر طرق ملتوية بعضها مسفلت وأخرى عبارة عن مدقات بالكاد تحمى إطارات السيارة من الغرق فى الرمال المجاورة لها.. منازل بعضها عشش وأخرى حوائط مسقوفة بالأسبست تقابلها بيوت أخرى من دورين وثلاثة شيدت على طرز معمارية أظهرتها قصور وسط الصحراء أنها "مثلث الرعب " على الحدود المصرية مع الأراضى الفلسطينية المحتلة، وهى قرى "المهدية" و"جوز أبورعد" و"المقاطعة".. والتى تعيش نيران الحرب على الإرهاب وشهدت منذ أيام قليلة حملة موسعة للجيش لتعقب العناصر المسلحة والمطلوبين أمنيا والخارجين عن القانون بها، وخلال هذه الحملة قامت القوات بإحراق وتدمير عدد كبير من مخازن وقود كان يتم تجميعها لنقلها إلى غزة، كما قامت بحرق منازل وسيارت وعشش، وآثار تلك الحملة لا تزال باقية يقود إليها أهالى تلك القرى كل زائر لمناطقهم. الوصول إلى تلك المناطق وجيوبها الجانبية ليس من السهولة بمكان، ومع ذلك تمكنت اليوم السابع من فك الحصار السرى حوله، والذى يقوم به مجهولون ملثمون.. ما إن سارت السيارة وسط طريق فرعى يربط بين قريتى "جوز أبورعد" التابعة جنوب رفح، وقرية "المقاطعة" جنوب الشيخ زويد.. حتى ظهر اثنان منهم يستقلون دراجة نارية ويخفى أحدهم ملامح وجهه بلثام.. ليأمروننا بالتوقف والإفصاح عن شخصيتنا ونوع مهمتنا فى هذه المنطقة. وبعد التأكد لهم أن المهمة صحفية، استراحوا قليلا، مشيرين إلى أنهم كانوا يتتبعون السيارة.. وظنوا أنها تحمل قوة أمنية متسترة فى زى مدنى.. حيث سبق ووصلت إلى هذا المكان قوات خاصة متسترة بلباس مدنى وألقت القبض على أشخاص. نظرة اليقين إلى أن الصحافة لن تنقل الحقيقة عنهم كانت واضحة فى ملامح الشخصين، والذين كانا فى العشرينيات من عمرهما وقالوا نريدكم أن تنقلوا للناس ما شهدته المنطقة من أحداث خلال وصول القوات إليها، واذهبوا إلى مسجد "أبومنير" وصوروه. مضينا فى طريقنا وكان من الواضح أن وجوه كثر تمر علينا من مستقلى الدرجات الملثمين يراقبون ويرصدون التحركات، وكانت مشاهد الحملة الأمنية على الأرض باقية فى المنطقة، حيث بيوت وعشش أحرقت فيما التزم الناس بيوتهم. أحد الأهالى قال وهو يتحفظ على كل كلمة يتفوه بها "إنهم عاشوا أياما صعبة خلال الحملة الأمنية، حيث كانت الطائرات فى السماء تقصف، وكذلك المدرعات على الأرض، كما كان يتم تفتيش المنازل وإحراق بعضها وتغطى السماء سحب الدخان بينما الأطفال والنساء فى حالة هلع". قبل قرية المقاطعة تقع قرية "جوز أبورعد" والتى على مشارفها تتمركز نقطة مراقبة لقوات حفظ السلام الدولية متعددة الجنسيات، قال أهالى إن بعضهم وقف عند أسلاكها الحصينة أثناء العمليات الأمنية، حتى يعرف أنهم من الأهالى المسالمين ولا يتم استهدافهم أثناء ملاحقة القوات للعناصر المطلوبة. "مصطفى" أحد سكان القرية قال اقتربت الطائرة من منزلى.. ولكن لم يتم ضربه وعلى بعد أمتار من بيتى يقع بيت آخر انهارت أجزاء منه واحترقت عدد من الغرف به، ولم يعلل السبب فى استهداف هذه البيوت دونا عن بيوت القرية الأخرى مكتفيا بالقول "إحنا غلابة". يصل قريتى "المقاطعة" و"جوز أبورعد" بقرية "المهدية" طريق أسفلتى تتفرع منه عدة طرق أخرى، وكان واضحا مظهر الثراء المعمارى على المكان، حيث شيدت بيوت هى أشبه بالقصور من بينها من تم استهدافه خلال الحملة الأمنية وتحول بعضها إلى كومة أحجار وأخرى إلى كهوف محترقة، بعد أن أتت النار على جدرانها الثمينة. أحد سكان القرية، والذى فضل عدم ذكر اسمه ويعمل مدرسا قال إنهم السبب فى إشارة إلى المسلحين والجماعات التكفيرية والجهادية التى تتسلل لمناطقهم.. وتابع أنهم مسئولون عما أصابنا من ضرر، وتمكنوا من التغرير ببعض من الصغار بأبنائنا وشكلوا منهم عجينة يوجهونها لأهدافهم الإجرامية لافتا إلى أن "الإرهابيين" فى قريتهم أعدادهم محدودة، ويعرفهم الأمن بالشخص، ومعربا عن أمنية لديه ولدى سكان القرية جميعهم أن تعود الأوضاع إلى سابق عهدها وتنتهى لعنة الإرهاب التى يدفع ثمنها أناس بسطاء. "الشيخ محمد على" وهو "قاض شرعى بالمنطقة كما يقوم بإيواء الأفارقة الفارين من تنكيل عصابات التهريب بهم"، أوضح أنه كان من بين من تم إحراق بيوتهم، وأنهم كانوا يتمنون أن يتم تنظيف المنطقة من العناصر الخطرة والإرهابية، مشيرا إلى أن أى خلل فى المنطقة، أو استعداء للأهالى للدولة هو فى صالح إسرائيل التى تنتظر على بعد أمتار قليلة من قريتهم وراء الحدود أى شرخ وتريد أن تحول المنطقة إلى شعلة ملتهبة لتنفيذ مخططاتها على أرض سيناء، وقال نحن ندرك صعوبة الوضع لكننا نأمل قطع أى طريق يريد من خلاله الصهاينة إحداث فتنة بين أهالى سيناء ودولتهم أو استغلالهم لظروف المنطقة الصعبة. وقال "إبراهيم المنيعى"، رئيس اتحاد قبائل سيناء المستقل، والذى بدوره يقطن قرية المهدية إنهم سيطالبون بلجنة لحصر المتضررين من الأهالى الأبرياء من الإرهاب لحصر خسائرهم، والمطالبة بتعويضات مناسبة لهم فى هذه الظروف الصعبة التى تعيشها القرية. "أيمن سواركة" طفل صغير لم يتجاوز عمره العاشرة، قال إنه وغالبية أصدقائه لم يحضروا حتى اليوم ملابسهم المدرسية وأدواتهم ومدرستهم شبه مغلقة لم يصلها أحد، ولا يعرفون كيف ستكون وقائع عامهم الدراسى تحت نيران تأتى من كل حدبا وصوب، وتجعل من مهمتهم الدراسية فى ظل هذه الظروف أمرا مستحيلا. الأهالى فى هذه القرى، والذين بالكاد يتحدثون، يقولون إنهم ضحايا بين مطرقة الجماعات المسلحة وسندان سلطات الدولة إذا ما أعلن أحدهم رفض الإرهاب يكون جزاءه القتل والتصفيات، وإذا ما أعلن أنه ضد أخذ العاطل بالباطل أثناء الحملات يلام ويتهم أنه يساعد بذلك إرهابيين، ويجمع الأهالى أن الحملة الأخيرة هى الأقوى من نوعها وكان واضحا فيها قيمة وقوة الدولة عند تريد أن تبسط سيطرتها على المكان. ويقول الأهالى إن كافة العناصر المسلحة المهمة غادرت تلك القرى وهربت إلى أماكن مجهولة فيما تبقى أتباع لهم غير معروفين يراقبون المنطقة.