قال الدكتور عمار على حسن، الروائى والباحث فى علم الاجتماع السياسى، إن النضال السلمى بوسائله المتعددة، والتى تربو على المائتى طريقة هو الأبقى والأجدى، محذرا من تشكيك البعض فى هذا المسار ودفع الأوضاع إلى مزيد من العنف، الذى لن يفيد الآن سوى السلطة المستبدة التى تخون الثوار وليس لديها أدنى كفاءة فى إدارة الدولة. وبينما تنذر الأوضاع فى مصر بمواصلة العنف ألقى عمار محاضرة فى ساقية الصاوى، حول أساليب المقاومة السلمية، معتبرا إياها الطريق الأفضل والأكثر أمنا للتغيير، حيث استعرض التجارب الناجحة على هذا الطريق ومنها تجارب غاندى ومارتن لوثر كنج ومانديلا، ثم عرج على تجربة مصر فى ثورة 1919 وتجربة فلسطين فى ثورة 1936 وانتفاضة الحجارة وتجربة العراق فى ثورة 1958. وشرح عمار عدة بدائل للمقاومة السلمية أمام الحركة الوطنية وشباب الثورة يمكن اتباعها أحيانا، وهى تعتمد على أساليب للاحتجاج السلمى المباشر ضد السلطة، وأخرى لعدم التعاون معها ما دامت تصر على التنكر للثورة والتعامل معها باعتبارها فرصة لاقتناص الحكم وتوظيفه لخدمة مسار الإخوان الذى لا علاقة له بمطالب الثورة. واعتمد عمار فى محاضرته التى ألقاها أمام جمع من الشباب على ما ورد فى كتابه "التغيير الآمن. . مسارات المقاومة السلمية من التذمر إلى الثورة" الذى صدر عن دار الشروق مؤخرا فى 410 صفحات من القطع فوق المتوسط، ويضم ثلاثة عشر فصلا، تتدرج من النظرى إلى التطبيقى مرورا بالإجرائى. ويتناول الفصل الأول قضية "القوة الدافعة" بوصفها المصطلح السحرى لثقافة المقاومة، فيما يبحث الثانى عن "مرجعية أفضل للفعل المقاوم" من خلال طرح "منظومة قيم سياسية" بديلا للأيديولوجيات التى أصبحت تصدر الشقاق والبؤس والتحجر. أما الثالث فيحاول أن يرسم معالم "العقل المقاوم" وذلك من خلال إبداع طرق تفكير تلائم واقعنا المعيش. وتدخل الفصول التالية فى صلب الموضوع، إذ يتناول الرابع منها "المواجهة الحذرة" بوصفها "الضلع السياسى الأعوج" ويطرح المؤلف عدة أساليب للمقاومة بالحيلة. ثم يدخل مباشرة إلى غمار "النضال السلمى" بشتى أساليبه وأنواعه المتراوحة بين الغمغمة وحتى العصيان المدنى، فى الفصل الخامس، لكن الفصل السادس يرفع هذا النضال درجة من خلال التصدى للثورة السلمية باعتبارها طريقا إلى التغيير الجذرى. ويعرج الباحث هنا على معنى الثورة وتجلياتها فى تجارب إنسانية وتاريخية عدة، حتى يمكن مقارنة الثورة المصرية بها. ويتطرق الفصل السابع إلى "المواجهة الأخلاقية" بحثا عن سبل تعزيز الكرامة الإنسانية والروح الوطنية، فيما يتناول الثامن كيفية تقوية الذات عبر تعزيز البطولة والشجاعة الخلاقة، ويشرح كيف تؤثر هذه القيم المهمة تأثيرا بالغا على خلق المقاومة وحفر مسارها الطبيعى وبلوغها أهدافها النبيلة. ويوسع المؤلف فيما بعد دائرة تناوله لأساليب التغيير من خلال البحث عن وسيلة ناجعة لاحتواء الصراع حول الهوية، وتقليل العنف المفرط لدى الشباب، وذلك فى الفصل التاسع من الكتاب، فيما يسعى العاشر إلى تلمس أقصر الطرق إلى تجاوز الطائفية عبر تدعيم الأرضية المشتركة للتعايش المستديم. ويكمل الباحث على هذا الدرب، فيأتى الفصل الحادى عشر ليبحث عن "جسور متينة لتقارب طوعى" عبر آليات ومفاهيم وقيم ثقافية محددة، ثم الثانى عشر ليحاول اكتشاف سبل تعزز قدرات الأمة من خلال استنهاض الأرض والدين والمعرفة والسياسة، وأخيرا صور المقاومة الحضارية، وكيفية إيجاد مقاربة أجدى لحوار الحضارات.