لأن شر البلية ما يضحك، لم أرَ مشهداً يعبر عن الكوميديا السوداء التي تعيشها الكرة السعودية هذه الأيام، لاسيما في ظل الأحداث المتسارعة في أزمة تأجيل مباراة الاهلي والاتحاد، والورطة التي وجد رئيس الاتحاد السعودي المؤقت أحمد عيد نفسه فيها غير مشهد سرحان عبدالبصير في مسرحية "شاهد ماشفش حاجة" حينما وجد نفسه فجأة وهو يدخل شقته أمام مجموعة من رجال الأمن، وهو الرجل الوديع البسيط فما كان منه إلا أن قدم لهم كيساً من الخيار كان يحمله في يده وهو مرتبك ليقول لهم: "خللوه.. احشوه.. كلوه"!. في هذه الأزمة لا أرى أحداً يمثل دور (خيار) سرحان عبدالبصير غير النظام الأساسي للاتحاد السعودي الذي تم التواطؤ عليه من الجميع، باختراق مواده، والتلاعب بمضامينه، والتجاوز على لوائحه على الرغم أن من كان يجب عليه أن يكون حارسه الأول هو رئيس الاتحاد المؤقت نفسه، إلا أنه كان في مقدمة من انتهكه بكل تلك التجاوزات التي تمت بدءًا بعملية القبول بتجاوز لجنة المسابقات، مروراً بعملية التصويت على القرار، وليس انتهاء ببيان "الذات العام" الذي لم يستند على قانون ولم يتكئ على لائحة!. ثمة شركاء كثيرون لرئيس الاتحاد المؤقت في اختراق النظام بدءاً بإدارة الأهلي التي قفزت على قرار لجنة المسابقات، مروراً بإدارة الاتحاد التي ساهم رئيسها محمد الفايز في إرباك الحدث من حيث يدري أو لا يدري بإعطائه موافقة مموهة، ووصولاً بأعضاء الاتحاد المؤقت الذين قبلوا بفكرة التصويت، وليس انتهاء بلجنة الإحصاء والإعلام التي صاغت بيان "الذات العام"! أدرك تماماً أن هذه ليست المرة الأولى التي ينتهك فيها النظام؛ فقد انتهك مرات ومرات بلا أدنى مسوغ في كثير من الأحيان؛ لكن المؤلم أن تأتي عملية الانتهاك هذه المرة في وقت حسبنا أننا نمر بانعطافة مهمة في مسيرة الكرة السعودية، بحيث يكون القانون هو سيد نفسه؛ لكن آمالنا خابت؛ إذ بدا المشهد أكثر سوداوية من ذي قبل، حيث تبدو الأمور ذاهبة باتجاه نسف القانون وليس فقط اختراقه!. المؤلم في هذه الأزمة أن الجميع وبعد أن أتموا مهمة اغتيال النظام تنصلوا من المسؤولية، وراح كل واحد منهم يرميها على الآخر، فهذا أحمد عيد يبحث له عن شماعة يعلق عليها قبوله بفكرة قفز أسوار اللائحة، وذاك فهد المصيبيح يتعلل بالجوال كما العادة، بينما رئيس الأهلي يقسم بالأيمان المغلظة أنه اتبع الطرق النظامية، فيما رئيس الاتحاد لا زال يراوغ الجميع بما فيهم الاتحاديون، في حين كسر أعضاء الاتحاد المؤقت حاجز صمتهم المطبق عليهم ليثبتوا أنهم ليسوا "بصمنجية"، فيما تسلل رئيس الإحصاء والإعلام بهدوء ليسحب "الذات العام" من بيانه، بينما الإعلاميون –وكما العادة- توزعوا كلٌ في طريق ميوله!. وسط كل ذلك بقي النظام جثة هامدة لا يقوى على شيء؛ رغم أنّ له السيادة على الجميع، لكن أنّى له ذلك وقد فعلوا فيه ما فعلوا، ولذلك فلا نظام يرتجى بعد اليوم؛ وعليه فنصيحتي لهم أن يأخذوا (النظام الأساسي) للاتحاد السعودي وليفعلوا به ما دعا له سرحان عبدالبصير في "شاهد ما شفش حاجة"، وليخللوه.. ويحشوه.. ويأكلوه!.