لم تعرف الرياضة السعودية في تاريخها موسماً يوازي ما حدث هذا الموسم من فوضى وفشل على الأصعدة كافة بما فيها الإدارية، حتى بات العمل الرياضي في بلادنا مضرباً للمثل في الارتجالية والضبابية وهو أمر مؤسف لم نكن نتمنى الوصول إليه. وبعيداً عن المجاملات والحسابات الخاصة لا بد أن نعترف أن حال الرياضة بل والحركة الشبابية عموماً بحاجة إلى إصلاح حقيقي يقضي على هذا الوهن الذي يعيشه قطاع الرياضة والشباب منذ سنوات طويلة، خصوصاً أن بعض المسؤولين باتوا يختزلون مفهوم رعاية الشباب ببطولات كرة القدم دون إيمان بأن مليارات الريالات التي تخصص من الدولة هدفها أكبر من مجرد مباراة كرة قدم، وهنا يأتي الدور القيادي للمسؤول الأول عن الرياضة. ومع الأسف سخّرت الرعاية العامة لرعاية الشباب إمكاناتها لنجاح منافسات كرة القدم ومع ذلك فشلت مع توالي ظهور الفضائح الإدارية وتضارب القرارات وتراجع نتائج الأندية والمنتخبات. حقيقة لم نكن نتمنى أن نصل إلى هذه المرحلة التي فرضها وجود كثير من عدم المؤهلين والدخلاء من الذين يتولون إدارة أعمال لا يتقنون فنها. وعندما نعود بالذاكرة إلى الثمانينيات والتسعينيات نجد أننا أضعنا نهضة رياضية حقيقية، ولم نستثمر ما بناه الأمير فيصل بن فهد بفكره وبعد نظره، في السابق كانت صالات رعاية الشباب تغص بالمشجعين في مباريات ألعاب ثانوية على نحو تنس الطاولة والإقبال شبه دائم على بقية الألعاب المختلفة، كانت الأنشطة الثقافية والاجتماعية في أوجها. كان الجميع يمارس الرياضة بمختلف ألعابها قبل أن تختفي الرياضة من الشوارع، كان هناك دعم للأفكار وحماسة في التجديد، كنا أكثر انسجاماً مع العالم وعضواً فاعلاً في الأسرة الدولية، كنا من خلال الأمير الراحل نسهم مع أقوياء العالم في تطوير الحركة الأولمبية ولعبة كرة القدم في العالم، كان الأمير فيصل صانع قرار حقيقي على المستوى الدولي، كان مجرد وصوله إلى المكان كافياً لِلَي الأعناق والإصغاء إلى صوت السعودية.. لماذا غابت هذه الروح حتى أصبحنا في الصفوف الأخيرة وباتت الحركة الرياضية والشبابية في نظرنا مجرد مجموعة لجان لا طعم لها ولا رائحة تدير منافسات كرة القدم؟! نحن بحاجة إلى المصارحة وعدم تجاهل الأصوات التي تنادي بإصلاح الحال، فهناك أخطاء لا يمكن أن يستقيم معها الحال وهناك مخطئون يتم التغاضي عن تقصيرهم لسنوات طويلة، وهناك تقاطع للمصالح وتضارب في الصلاحيات، وهناك «هوس» غريب في تعدد المناصب للمسؤولين في رعاية الشباب، حتى أصبح من النادر أن تجد مسؤولاً في هذه الهيئة لا يمتلك منصبين على الأقل، ومن الطبيعي أن يصبح مستوى أداء الشخص الذي يؤدي مهمتين أو أكثر أقل من مستوى المتخصص صاحب المهمة الواحدة. أدرك تماماً أن هذه الأسطر لن ترضي جماعة «الرغيف كبير والمواصلات فاضية» لأنهم لا يهتمون إلا بتحقيق مصالحهم الشخصية ولا توجد لديهم روح العمل والإبداع، ولكن تمنياتنا أن نستعيد روح الأمير الراحل في الإنجاز وأن يصبح الأمير نواف بن فيصل أحرصنا على استحضار تلك الروح وتذكر تلك الرؤية الشاملة والوطنية لمعنى الحركة الرياضية والشبابية، فهو الذي تربى في مدرسة والده وأحرص الناس على أن تبقى روح الراحل حاضرة في عملنا وإنجازاتنا. نقلا عن "الحياة" اللندنية