حدث أن اجتمع مجلس الشورى الموقر، ليناقش موضوع التحرش الجنسى بالنساء.. وقد ألقى باللائمة على السيدات متسائلا هو إيه اللى بينزلهم المظاهرات؟ سؤال يدل على قناعتهم بأن السيدة أو الفتاة كيان فاقد للأهلية أو ليس من المفروض أن يعبر عن رأيه جنبا إلى جنب مع الرجل.. ولمجلسنا شفاه الله وعافاه أقول إن كنت تدرى قيمة المرأة المصرية فتلك مصيبة وإن كنت لا تدرى فالمصيبة أعظم. أربعين فى المائة من الأسر المصرية تعيلها المرأة "الشقيانة"، هى التى تنفق على أسرتها بسبب وفاة أو مرض أو هجر الرجل للأسرة، وفى سبيل ذلك تقوم بالأعمال التى تناسبها أو الشاقة التى لا تقوى عليها بنات جنسها.. وقد شاهدت بعينى سيدات يقمن بأعمال البناء والصعود على الصقالات بما ثقل من مواد البناء شاهدتهن فى المصانع والمكاتب والمستشفيات والمدارس والغيطان وعلى الأرصفة لبيع ما تيسر لإعالة أسرتها.. وكم تأثرت لمستوى رئيس وزراء مصر الكبيرة وهو يقول إن النساء يذهبن للغيط فيتعرضن للاغتصاب.. ولهذا الرجل الذى يتهته فى الكلام أقول إنك لا تدرى شيئا عن نصف المجتمع، لا تعلم أصالة الأم المصرية ولا حمالة الأسية الزوجة المصرية ولا حنية الأخت المصرية ولا جدعنة الفتاة المصرية ...ليس هذا فقط بل إن حوالى ثمانين فى المائة من الأسر المصرية تساعد فيها المرأة فى نفقات الأسرة متحملة النصيب الأكبر من الجهد بجانب المال فى تربية الأولاد وأعمال المنزل والنزول إلى العمل.. أيها الجهلاء فقط أذكركم بأن المرأة حكمت مصر منذ آلاف السنين.. وخرجت بجانب الرجل فى ثورة 1919 وتقلدت أرفع المناصب فى الدولة المصرية وزيرة وقاضية وطبيبة ومهندسة وكل شىء. عندما خرج الشباب فى ثورة يناير كانت المرأة فى الصفوف الأمامية فى المواجهات وفى مستشفيات الميدان وهى الداعمة فى البيت والمصابة والشهيدة فى الميدان..وهى الثكلى على من سقط من الشباب.. ولم نسمع وقتها من يعتب عليها ويطلب منها عدم النزول للتعبير عن رأيها والمشاركة فى هذا الثورة التى لم تكن لتبدأ أو تستمر دونها ..رغم أنها سحلت وتعرت وضربت واعتقلت واستشهدت ولكنها استمرت فى النزول وستستمر.. وبرغم تعرضها لعمليات منظمة للتحرش بالميدان من سلاسل غير بشرية لإجبارها على عدم النزول فقد ظهر بعضهن على الشاشات فى تحد لكل أوجه القهر والبطش بها وأخافتها ..خرجت لتقول إنها لم ولن تنكسر وستواصل النزول للعمل والميدان..ورغما عن مجلس شورى النظام الذى اتهمها بأنها السبب فى التحرش فقد خرجت فى المظاهرات لتعلن أنها لن ترضخ أو تقهر وستواصل نضالها بكل السبل.. إن النظرة المحايدة للمرأة المصرية تجعلها فى مصاف أكبر الاقتصاديين فى العالم فى كيفية تدبير النفقات وإعالة الأسرة وتعليم الأبناء فى ظروف مادية بائسة..وليست نظرة من يريد أن يفعل معها "فعل فاضح"، فى الطريق الزراعى أو يعمل عملية تجميل لينال رضاها..بل النظرة المنصفة لها أنها الحاضنة والداعمة والمناضلة والمربية والحنونة والجدعة والمؤمنة بربها والجميلة باختصار المرأة المصرية هى كائن رائع وجميل.