إن الافتراض الشائع فى إسرائيل هو أن كل شىء مسموح لها القيام به، وهذا الأ مر متأصل بعمق فى الوعى الإسرائيلى وأى نقد أو حتى شك فى هذا الاعتقاد يتم التعامل معه باعتباره تكفيرا وخيانة. فوفقا للمنطق الإسرائيلى، فإنه مسموح لإسرائيل أن تحلق بطائراتها فى سماء لبنان ذات السيادة (أو أن تقوم بذلك فى أى دولة عربية أخرى) كما يحلو لها ويصبح ذلك أمرا بديهيا طالما أنها ترى أنه يشكل خطرا عليها، ومسوح لها أن تغزو أى مكان وأن تسطوا على أى أرض. إن مبدأ كل شئ مسموح مترسخ فى الوعى الإسرائيلى من منطلق عدة افتراضات منها ما هو له أساس ومبرر ومنها ما ليس له صلة بالواقع ومنها ما هو مفند مثل حق الشعب الإسرائيلى فى الأرض، وأن الشعب الإسرائيلى هو شعب الله المختار، الخطر الذى يحدق بإسرائيل، والإحساس بأن العالم كله ضد إسرائيل، والعرب يريدون إبادة إسرائيل، وحتما كل هذه الأمور تجعلها تسمح لنفسها باتخاذ خطوات عدوانية دون أن تسأل نفسها أى سؤال مثلا عما كانت ستفعله إذا قامت طائرات عربية واخترقت مجالها الجوى؟ يوجد محللون عسكريون يرددون شعار نظرية التوازن كما لو أنه ليس كذبا، ولكن إسرائيل تحطم هذه النظرية بسبب ترسيخ مبدأ التفوق الإسرائيلى الذى يسمح لها بالقيام بالطلعات الجوية الوقحة والاستفزازية على سماء لبنان، والدفتر العربى مفتوح والأيدى تسجل، ولكن السؤال الوحيد المطروح فى الخطاب الإعلامى الإسرائيلى هو"هل نجح هذا المنهج حتى الآن؟" نعم حتى الآن نجح فنجد سوريا، العراق، إيران، السودان وبالطبع الفلسطينيين يمسحون من على وجوهم البصق الإسرائيلى قائلين، إن هذا ربما قد يكون مطرا ويواصلون التعامل بضبط النفس لأنهم ضعفاء وإسرائيل قوية. إن المجتمع الذى يقوم بعاصفة ثورية من أجل تجنيد المتدينيين ليس مستعدا أصلًا أن يشكك فى جدوى هذا القصف كما أن إسرائيل يكيفها فقط أن يقرر حفنة من رجال السياسة والجنرالات ما هو فى صالح إسرائيل ولتذهب بعد ذلك كل الأسئلة المزعجة للجحيم، حتى لجنة الأممالمتحدة التى قامت دولة إسرائيل بقوة قرارها حددت أن المستوطنات الإسرائيلية تتعارض مع القانون الدولى، أو بتعبير آخر هى جريمة حرب، ولكن المبدأ المتغطرس الإسرائيلى يقول: "إن إسرائيل مسموح لها بفعل أى شىء، وليذهب الجميع إلى الجحيم". * نقلا عن هاآرتس