تعتبر مدينة فاس المغربية من المدن الغنية بآثارها الإسلامية وتاريخها العريق. بيد أنها تحتوي أيضا على آثار ومعالم دينية يهودية لتكون شاهدا على التعايش السلمي بين المسلمين واليهود في المغرب وثراء ثقافة هذا البلد. يعود تاريخ تواجد اليهود في المغرب إلى أكثر من ألفي عام. وإلى حدود خمسينيات القرن الماضي كان نحو 250 ألف يهودي يعيش في المغرب. أما اليوم فلا يتجاوز عدد الطائفة اليهودية ثلاثة آلاف شخص يتوزعون على مدن مثل فاس ومراكش والرباط والدار البيضاء. DW عربية زارت مدينة فاس حيث تتواجد بعض الكنائس والمعالم التاريخية اليهودية، ومن بينها حي الملاح، وهو الفضاء الرئيسي الذي تم تخصيصه لسكن الطائفة اليهودية في مدينة فاس، الواقعة شمالي المغرب، وكان ذلك في سنة 1267 في عهد السلطان المريني أبو يوسف يعقوب. وتعود تسمية "الملاح" إلى كلمة ملح لأن ساحة الحي -كما تقول روايات منقولة- كانت عبارة عن سوق لتجارة الملح، الذي كان يتم استخراجه من الجبال المجاورة. وكانت للملح آنذاك أهميته كبيرة في حفظ بعض المواد والمنتوجات الزراعية. حي اليهود في جوار قصر السلطان وعندما يجوب المرء "حي الملاح" بدروبه الضيقة وأزقته الملتوية تطالعه منازل عتيقة بشرفات ونقوش فنية على الخشب والجبس والسيراميك بالإضافة إلى متاجر صغيرة وروائح وألوان لتغوص بالزائر في أجواء شرقية من قديم الزمان. وفي بداية القرن العشرين كانت توجد في فاس عشرة كُنس يهودية، أربعة منها تميزت بشكل خاص على غرار كنيس "ابن دنان" و"صلاة الفاسيين" و"مانصانو" وكنيس "أمها بانيم" (أي أم البنين). وكلها تتواجد بالقرب من "المقبرة اليهودية" بالإضافة إلى متحف صغير أسسته يهوديات من مدينة فاس عام 1928. وقد شُيّد كنيس "ابن دنان" في القرن 17 على يد أحبار آل دنان، وقد خضع لعملية إصلاح وترميم بمبادرة من "الطائفة اليهودية في المغرب". وجرى افتتاحه رسميا سنة 1999. كما يعتبر كنيس "ابن دنان" الأول الذي تعلنه وزارة الثقافة المغربية عام 2002 معلما تاريخيا. دعم ألماني لترميم "صلاة الفاسيين" وفي زقاق يحمل اسم "درب الفاسيين"، يوجد كنيس "صلاة الفاسيين" ويعرف أيضا ب"بيعة يهود فاس" المعروفين باسم "طوشابيم"، وهم اليهود الذين طردوا من الأندلس واستقروا في مدينة فاس بداية من عام 1492. وقد شيد أيضا في القرن 17 على مساحة 170 مترا مربعا. بيد أنه تعرض للإهمال لفترة طويلة قبل أن يتم ترميمه بمبادرة من "الطائفة اليهودية في المغرب" ودعم مالي من الحكومة الألمانية من خلال البرنامج الثقافي لوزارة الشئون الخارجية وقدره 150 ألف يورو. واستغرقت عملية الترميم والإصلاح عامين، ليتم افتتاح "صلاة الفاسيين" في 13 فبراير 2013 تحت رعاية ملك المغرب وبحضور رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران ورئيس البرلمان الألماني نوربارت لامارت وعدد من الشخصيات المغربية واليهودية. هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل