«السمع والطاعة» سبب سقوط «الإخوان».. و30 يونيو أنهت سيناريو تقسيم المنطقة أمريكا فرضت الجماعة على «مجلس طنطاوى».. و«مرسي» كان مسئول الأتصال مع البيت الأبيض قيادات الجماعة الحالية ينطبق عليها قوله تعالى «فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات» «بديع» كان مرفوضا من الأغلبية.. و«الشاطر» أراد مرشدا يقول له «يمين يمين.. شمال شمال» 43 عام قضاها الدكتور محمد حبيب داخل الإخوان 2009 الدكتور محمد حبيب يترك منصبه في مكتب الارشاد رابعة نهاية مأسوية لمكتب الإرشاد السابق الجماعة تبرأت من حزب الوسط خوفًا من مبارك عزت إتفق مع قيادات من مكتب الإرشاد للإطاحة بعاكف الأقدار وحدها لعبت دورا في منعه من الوقوف خلف الأسوار الآن مع باقى إخوانه السابقين من أفراد الجماعة الإرهابية، والسر يكمن في عبقرية توقيت انسحاب الرجل الذي كان يمثل الجناح الإصلاحى في تركيبة الجماعة، قرر الرحيل في التوقيت الذي باتت الجماعة فيه قاب قوسين أو أدنى من السلطة. الدكتور محمد السيد حبيب نائب المرشد العام السابق للجماعة ورمانة الميزان والصوت الهادئ، تركها اعتراضا على سيطرة المجموعة القطبية على مكتب الإرشاد، حذر كثيرا من أن سياسة الجماعة ستسقطها وهو ما حدث بالفعل فكان أول من تنبأ بسقوط الإخوان. د. حبيب آثر الابتعاد منذ ثمانية أشهر ليرى ملامح المشهد كاملا، وعندما قرر العودة حل ضيفا على صالون «فيتو» ليكشف تحولات الإخوان خلال السنوات الماضية وقصة صعود مرسي وسيطرة الشاطر على مكتب الإرشاد وملف التعامل بين أمريكا والجماعة وكثير من الأسرار التي يفصح عنها لأول مرة في الحوار التالى: - كيف ترى التحول الرهيب الذي حدث للجماعة ودفع بها للسقوط بهذه السرعة ؟ الإخوان ظلوا على مدى قرون في حروب مع الأنظمة السياسية، وفى زمن مبارك لم يكن لدينا الحرية في الانتخاب أو الحرية السياسية وكان يسمح لنا بحرية في إطار معين وبشكل محدود جدا وبمعرفة أمن الدولة، وفى حال تجاوز الإخوان الدور المرسوم لهم كانت الدولة تدخل معنا معركة تكسير عظام، أمام كل هذه الضغوط عندما تخرج فجأة للنور وتترشح للرئاسة فلابد أن يكون هناك اختلاف كبير جدا، ومن يصعد بقوة يهبط بقوة والإخوان أعلنوا أنهم لن يترشحوا للانتخابات الرئاسية ثم غيروا الإستراتيجية بشكل مفاجئ وهو أهم أسباب سقوط الجماعة. - متى بدأت الفجوة والشرخ بين القوى السياسية والإخوان ؟ الشرخ حدث عندما اجتمع الإخوان مع اللواء عمر سليمان وقت الثورة وطلب من الجماعة سحب الشباب من الميدان وساومت القيادات الحاضرة من الجماعة عمر سليمان وطلبوا الإفراج عن الشاطر وحسن مالك والاعتراف بشرعية الجماعة وهو ما رفضته، لأنه كان سيسبب فجوة كبيرة بين الإخوان والقوى السياسية لكن للأسف استجابوا واستمرت الشروخ في علاقات القوى السياسية والإخوان وتزايدت واتسعت بعد التعديلات الدستورية. - هل كان الدكتور محمد مرسي يمتلك ما يؤهله للترشح لمنصب رئيس الجمهورية ؟ الجماعة كانت تريد الدفع بخيرت الشاطر وهو قوى جدا وقادر على إدارة الأمور ويتميز بإمكانيات كبيرة جدا وقدرات تنظيمية رائعة، والفرق بين الشاطر والرئيس المعزول كالفرق بين الثرى والثريا، وكان مرسي ضعيفا مقارنة بالشاطر، والسمع والطاعة هو ما حسم الأمر لصالحه، والأولوية يجب أن تكون للصف الأول من الجماعة ومكتب الإرشاد يضم الصفوة ونقاط القوة في الجماعة، وعندما بحثوا في مكتب الإرشاد لم يجدوا إلا محمد مرسي فرشحوه للرئاسة. - لكن جماعة كالإخوان المسلمين لم يكن بها من يمتلك إمكانيات بخلاف الشاطر على حد قولك ؟ هناك العديد من الشخصيات تمتلك مواهب وقدرات كبيرة جدا أكثر من الدكتور محمد مرسي مثل الدكتور عصام العريان لكنهم كانوا يكرهونه كراهية التحريم، وتم فرضه على مكتب الإرشاد من طرف المرشد الأسبق محمد مهدى عاكف، وكان مكتب الإرشاد يرفض ذلك وهو الأمر الذي أغضب المرشد الأسبق مهدى عاكف على الرغم من أن الإمكانات التي يتمتع بها العريان كبيرة، وكنت أرى أحقيته في التصعيد بعد وفاة محمد هلال عضو مكتب الإرشاد، لكن مهدى عاكف حاول فتح ملف انضمام العريان لمكتب الإرشاد لكنهم رفضوا فحدث خلاف كبير بين أعضاء المكتب والمرشد وحاول أعضاء المكتب تهدئة واسترضاء عاكف فطردهم من بيته بسبب إصراره على ضم العريان لمكتب الإرشاد، وحاولوا توسيط بعض الأشخاص لكن عاكف أصر على موقفه من ضم العريان للإرشاد. - لكن كيف تم تصعيد مرسي بهذا الشكل السريع وما هي حكاية صعوده داخل الجماعة؟ أنا لم أكن أعرف الرئيس المعزول إلا بعد فوزه في انتخابات مجلس الشعب عام 2000 وتم تعيينى رئيسا للهيئة البرلمانية للجماعة، ومشرفا عليها وكان من المفترض اختيار مسئول للهيئة البرلمانية داخل مجلس الشعب، وحدث اتصال بينى وبين الدكتور محمد على بشر فقلت له هل تعرف أحدا ترشحه لرئاسة الهيئة البرلمانية للجماعة ونصحنى بأن يكون الدكتور محمد مرسي وبالفعل اخترت مرسي رئيسا للهيئة البرلمانية وتحدثت مع أعضاء مجلس الشعب وأكدت اختيارى للدكتور مرسي فوافقوا على مضض وغير رغبة وظنوا أن مرسي اختيار مكتب الإرشاد فرفضوا التعليق وعندما أبلغت مأمون الهضيبى المرشد العام للجماعة آنذاك اتهمنى بسلب سلطة مكتب الإرشاد في اختيار رئيس الكتلة البرلمانية وتحملت النقد، كما أن محمد مرسي كان رئيسا للمكتب السياسي وهو عبارة عن ثلاث وحدات «سياسية اقتصادية اجتماعية»، وكان الهضيبى حزينا جدا بسبب تولى مرسي مسئولية القسم السياسي ولم يتم اختيار عصام العريان لأن الهضيبى كان يعرف قدرات الإثنين ويعرف أن العريان أفضل كثيرا من مرسي، والذي كان ضيق الأفق وليس شخصية مميزة وكان يرى أن الانفتاح على القوى السياسية مضيعة للوقت وكان يضيق على الإخوان ولا يمتلك قدرات كبيرة. - هل استخدام مبدأ السمع والطاعة بشكل سيء وراء سقوط الجماعة ؟ السمع والطاعة أحد الأسباب الرئيسية لسقوط الإخوان، والجميع كان من المفترض أن يتم إشراكهم في القرار وإقامة مبدأ الشورى حتى يصدر بقناعة وتنفيذ أفضل وببركة، لكن هذا المبدأ أسقط الجماعة، وبسببه لم تتم معاقبة أحد كانت هناك فئة لا تحاسب ولا تراجع ولا تحاكم داخل الجماعة وهو مجلس شورى الجماعة وهو الجهاز التنفيذى فالسمع والطاعة أسيء استخدامه وفى النهاية كان السقوط قويا. - كيف ترى خريطة الإسلام السياسيى في الفترة المقبلة ؟ الإسلام السياسي متنوع الفصائل ولكل فصيل سياسي أجندته الخاصة، والهبوط الكبير للإخوان كان شديدا وخطيرا، واليوم بدأت الدعوة السلفية تأخذ مكان الإخوان في المشهد السياسي، لكن ليس بسياسة وقوة الإخوان، صحيح أن حزب النور يتمتع بشخصية قوية، لكن المشكلة في التيار السلفى هي تشتته بين العديد من الأفكار والمشايخ، ولا يوجد كيان مؤسس إلا الدعوة السلفية بينما هناك السلفية العملية وهم مشايخ التيار السلفى أمثال الحوينى والشيخ محمد حسان وتيار سلفى قطبى وذو خلفية جهادية أيضا ومجموعة من الأحزاب التي تتبع الإخوان حاليا، فخريطة التيار الإسلامي بشكل عام لم تعد واضحة باستثناء الدعوة السلفية وحزب النور اللذين عرفا من أين تؤكل الكتف. - ولماذا كان نظام مبارك يخشى من إنشاء الإخوان لحزب سياسي في هذه الفترة ؟ الحزب الوطنى قائم على نظام مصالح وليس له شعبية حقيقية، وإنشاء الإخوان لحزب في ذلك التوقيت كان سيعطى قوة للجماعة، لكن في نفس الوقت كان سيدخلنا معركة تكسير عظام مع نظام مبارك وسنخسر كل شيء وسيتم القبض على كل قيادات الجماعة وشبابها، لذلك كان موقف الإخوان رافضا تماما للحزب لدرجة أن الجماعة تبرأت من حزب الوسط وأبو العلا ماضى بشكل مبالغ فيه من شدة خوفها من مبارك ونظامه. - هل يمكن أن نرى عودة للإخوان مرة أخرى في السنوات المقبلة؟ التجربة التي يمر بها الإخوان حاليا أليمة جدا، ولم نكن نتوقع أبدا أن يسقط الإخوان بعد كل الجهد والعناء الذي بذلناه بهذا الشكل، فعلى مدى 40 عاما كنا نرفض بشكل قاطع العودة للعنف ولا علاقة لنا بالجماعات التكفيرية ولا يوجد حالة عنف فردية للإخوان طوال 40 عاما، فكان هناك نضج سياسي قوى يحميهم من الانزلاق للعنف، لكن العودة في ظل هذه التشكيلة من القيادات صعب، فهم ينطبق عليهم قول الله «فخلف من بعده خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات» حتى ثورة يناير جاءت في أسوأ وأضعف حالات الإخوان على الإطلاق، وثورة يناير ردت الروح للجماعة، لكن الأزمة أن هذا المكتب بتشكيلته وقياداته منتهى السوء وكان هناك أخطاء رهيبة من القيادات ولا أتوقع أن يكون هناك عودة للإخوان أو تصالح مع هؤلاء القادة. - يقال إن أبرز أزمات الإخوان كانت بسبب غياب الإبداع وقتله وحلول السمع والطاعة فهل هناك نماذج حدثت داخل الجماعة تم فيها رفض الإبداع والصوت المختلف ؟ بالتأكيد كان آفة الإخوان هو رفضهم للإبداع وأذكر لك مثالا.. كتب الدكتور محمد البلتاجى مقالا في جريدة الدستور 2009 طالب الجماعة بإدارة مختلفة للدعوة وتغيير إستراتيجية الجماعة فغضبت قيادات مكتب الإرشاد لأن الكلام مختلف مع فكرهم وطالبوا بمحاكمته بالفعل وعنفوه بشكل كبير جدا ورفضت وقتها محاسبته إلا بتشكيل لجنة محايدة من محمد مرسي ومحمود غزلان ومحيى حامد وبالفعل تمت معاقبته، الشاهد هنا أن الجماعة مارست التسلط على أبنائها وتركيبتها. - لكن هذا التعنت من الجماعة هل تحول من ولاء للإخوان كفكرة إلى ولاء للأشخاص خاصة لخيرت الشاطر، حتى تحولت الشخصيات الإصلاحية لقطبيين أكثر من خيرت الشاطر نفسه وسيد قطب ؟ تقصد التحول الكبير للدكتور محمد البلتاجى وعصام العريان، الشاطر كان شخصية قوية جدا ويتحكم كثيرا في الجماعة وهو في السجن وكان وراء خروجى من الجماعة أو دفعى للخروج منها وأبلغت كثيرا مهدى عاكف أن هناك أمورا تدور من خلفنا وكان يغضب كثيرا، لكن الشاطر كان مسيطرا حتى على عاكف نفسه وهو في السجن، والعريان والبلتاجى لم يجدا أمامهما إلا اتباع الشاطر فتحولوا لشخصيات قريبة منه فكريا وهو ما حدث مع الكثير وخرج الجميع من أبناء الإخوان الإصلاحيين وسيطر الشاطر ومجموعته على الإرشاد. - ما هي أبرز المشاكل التي كنت تراها في المجموعة المسئولة عن مكتب الإرشاد وخاصة التيار القطبى في ذلك الوقت ؟ لم يكونوا اجتماعيين ولم يكن لديهم قدرة على الحوار والتواصل مع القوى السياسية بشكل عام، حتى في وقت انتخابات الرئاسة عندما أرادوا التواصل مع القوى السياسية طلبوا من بعض الشخصيات السياسية الوساطة ولم يكن هناك أحد من الإخوان قادر على الحوار أصلا مع القوى السياسية وتم استخدام اثنين هما البلتاجى والعريان للحوار وهذا دليل على عدم وجود أي قدرة لأعضاء مكتب الإرشاد على الحوار ولا يوجد أيضا علاقات قوية مع القوى السياسية. - هل فوجئتم بتولى محمد بديع «مرشد عاما» للإخوان، كما فوجئتم بتولى مرسي الرئاسة ؟ تولى محمد بديع مرشدا عاما كان مفاجأة كبيرة للبعض، لكننى كنت أعرف جيدا أن «مجموعة الشاطر» جهزت وعزمت على الإطاحة بمحمد مهدى عاكف وتولية المرشد الجديد محمد بديع، وأبلغت عاكف أن محمود عزت اتفق مع قيادات من مكتب الإرشاد أن يكون بديع المرشد على الرغم من أنه كان مرفوضا وغير محبوب ولم يكن ناجحا أو مبدعا داخل الجماعة، لكنهم كانوا يريدون شخصا يقولون له يمين يمين شمال شمال، حتى محمد مرسي لم يكن ناجحا أيضا في إدارة الملف السياسي، ولم يكن هناك في وقته تواصل مع القوى السياسية على الإطلاق وفشلت أغلب اللقاءات بسبب أن «خلقه ضيق» وكما قلت سابقا لأنه كان ينظر للحوار مع القوى السياسية على أنه مضيعة للوقت. - هل لعبت الإدارة الأمريكية دورا كبيرا في صعود الإخوان بعد ثورات الربيع العربى ؟ بالتأكيد هناك دور كبير وتفاهمات قامت بين الإخوان والإدارة الأمريكية وهناك أمور كثيرة كانت تدار من وراء مكتب الإرشاد أو من خلال مجموعة خيرت الشاطر وراء ظهرنا قبل أن يستقر الأمر لهم، كان هناك اتصال مع أمريكا، والإدارة الأمريكية بالتأكيد فرضتهم كثيرا على المجلس العسكري وربما يكون محمد مرسي هو المسئول عن التواصل مع أمريكا. - هل الخطأ التاريخى الأبرز للجماعة هو اعتصام رابعة العدوية ؟ بالتأكيد اعتصام رابعة العدوية كان نهاية مأساوية لمكتب الإرشاد السابق وكان خطأ كشف كل شيء عن الإخوان، العدد والإمكانيات ومدى قبولهم للديمقراطية ورغبة الشعب، لكنهم لم يستوعبوا كيف يسقط كل هذا في وقت سعوا فيه لتمكين الآلاف من الإخوان في المناصب السياسية والإدارية ومفاصل الدولة، كما أنهم كانوا غير قادرين على قراءة المشهد السياسي بشكل عام وكانت القيادات فاشلة في إدارة الأزمات السياسية وكانوا أساتذة في إضاعة الفرص وكنت أرى في اعتصام رابعة إنذار النهاية. - هل 30 يونيو كانت سببا مهما في الإطاحة بالمشروع الأمريكى في الشرق الأوسط ؟ بالتأكيد 30 يونيو كانت ضربة قوية للإدارة الأمريكية وحلفائها في مصر «الإخوان وقطر وتركيا والسودان» وتنبه الجيش والمشير السيسي لخطورة الموقف، وأنقذ مصر بشكل كبير من أزمات وعنف خطير جدا ومنعطف التقسيم بشكل كبير وما زالت أمريكا تستخدم ليبيا وأموال قطر وتركيا والسودان وسد النهضة ضد مصر، ولن يكون الأمر سهلا خاصة في ظل تنبه الشعب.