يومًا بعد الآخر يتراجع الطلب على منتجات الفخار، وذلك بعد ازدهار صناعات ومنتجات البلاستيك والخزف والألومنيوم، التي أثرت سلبا على رواج تجار الفخار. أهمية الفخار التراثية هي أن الإنسان المصري القديم عرف منذ الأزل كيف يحول الطين إلى مادة صلبة عن طريق الشوي في النار بالأفران (القمائن) وعرف كيف يشكله ويصنعه ويزججه؛ لذا تعد جزءا من التاريخ المصري، وأثرت كثيرا في شخصية الإنسان المصري، وأحد أهم الفنون الشعبية التي عرفتها البلاد. مهنة الفخار تحتاج الطمي الأزرق والتبن والتراب، لصناعة العديد من المنتجات منها: الأطباق، والأواني، والزير، وفاظات الزهور، كما يصنع منها أشكال فرعونية. المهنة تحتاج لجهد عضلي ووقت كبير؛ حيث يوضع الطين على الدولاب لخروجه بشكل معين، ثم يترك في الهواء حتى يجف، ثم يدخل النيران، تلك المراحل تتطلب وقتا كبيرا، ومع هذا فسعره رخيص جدًّا. وأشار أحمد مسعود إلى أنها مهنة صعبة تحتاج لجهد عضلي ووقت كبير، لذلك لا تجد عمالا في مطرح الفخار، أي مكان العمل، ويرجع هذا أيضا لضعف العائد المادي، مشيرا إلى أن أغلب العاملين بها هم ورثة المهنة من الأحفاد والأجداد. فيما قال حسين إبراهيم: إنه عمل بالمهنة منذ كان عمره 8 سنوات، وكان ينزل المطرح ويتدرب على يد الأب والجد حتى أصبح يدير مطرح الفخار الآن بمساعدة زوجته ونجله. وأكد إبراهيم أن المهنة قديمة جدا، ترجع للعصر الفرعوني، وأنه ورثها عن والده وجده، ويدير هو مطرح الفخار، وشرح إبراهيم صناعة الفخار قائلا: يصنع من طمي الأنهار والمصارف والترع، ويتم خلطه بتراب الفرن والتبن ثم يترك لمدة يوم كامل بمعجنة الحوض، يضع الطينة بداخله وكمية كبيرة من الماء عليه، ويتم رفعها ثم فرزه وتنقيته من الشوائب، ثم يدخل مرحلة التشكيل يدويا على الدولاب الدوار، وهو يتكون من قرص دوار وبه عجلة الفخار. وظهرت منذ قديم الزمان واستخدمها المصريون القدماء وتوراثناها عن أجدادنا، وتتكون من قرص خشبي قطره 80 سم، تقريبًا ويدور حوله عمود حديدي ورأس الدولاب يوضع على لوح خشبي، تثبت عليه كتلة من الطين يوضع عليها التشكيل وتدور على رومان بلي وتدر بالقدم، ثم يضع التشكيل المنتج في الشمس، ويتم بعد ذلك دخوله الفرن يستغرق من 3 إلى 4 ساعات ثم يخرج المنتج ويتم تخزينه لحين بيعه للتجار. أسعار الفخار بالسوق، تتراوح ما بين 5 إلى 100 جنيه، فسعر الزير الوسط 5 جنيهات والكبير 15 جنيها والقدرة سعرها 4 جنيهات كما تتراوح أجرة الصنايعي من 30 إلى 50 جنيها يوميا، حسب الإنتاج طوال ال15 يوما يكون إنتاج المطرح تقريبا 100 قطعة من مختلف الإنتاج بصافي ربح يتراوح ما بين 500 إلى 1500 جنيه. ازدهار الصناعات البلاستيكية والألومنيوم، أثرت كثيرًا على رواج منتجات الفخار، إلا أن تجارة الفخار تسير بشكل ليس بالسيئ، ويزداد الطلب في فصل الشتاء على المنقد والموجير للتدفئة، وفي فصل الصيف بموسم حصاد القمح يزداد بيع القدر والإزير بنسبة مرتفعة، مشيرا أن العائد من الصناعة بالكاد يسد احتياجات أسرته. "نعمل بها من أجل الحفاظ على تاريخ أجدادنا" بهذه الكلمات قال محمود أبو الليل - أحد أشهر صانعي الفخار بالمنيا - : إنه يعمل بالمهنة التي تسوء أحوالها يوما بعد الآخر، ورغم دخلها المنخفض إلا أن العمل بها يمثل جزءا أساسيا في حياته، فقد تربى داخل المطرح؛ لذا تربطهم عشرة طويلة، لا يستطيع أن ينفصل عنها، فهي مهنة آبائه وأجداده، وأحاول جاهدا تعليمها لأبنائي، مشيرا إلى أنها مهنة إبداع تعتمد على مخيلة الصانع في تشكيل الأشياء التي يصنعها، ليست مجرد روتين، بل تحتاج أن تتلائم مع كل فترة تاريخية تعيشها البلاد. وأشار إلى أنه على الرغم من أننا نحافظ على تراث أجدادنا، إلا أننا نفتقد للحماية من قبل الدولة، ف"لا تأمين صحي أو تأمينات اجتماعية، ولا معاش، من يصاب بمرض لا قدر الله يجلس في البيت؛ لذا نطالب الدولة بوضعنا في الحسبان خاصة أننا مهددون بالتوقف عن العمل في ظل الزحف غير الطبيعي لمنتجات البلاستيك".